منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خارج النص يوسف عبد المنان يكتب : *يوم في الجيلي*

0

خارج النص
يوسف عبد المنان يكتب :

*يوم في الجيلي*


غربت شمس يوم أمس ونحن نتجول في مصفاة قرى شمال بحري أو مصفاة الجيلي ونحن هنا لسنا معنيين أيهما الاسم الصحيح بقدر اهتمامنا ماجرى في أرض شمال بحري وجنوب نهر النيل من أحداث من شأنها تغير وجه السودان وترجيح كفة الحرب لصالح الشعب السوداني وقد بلغني الأخ صلاح مركز بدعوة إدارة الإعلام العسكري لزيارة القيادة العامة أو مصفاة الجيلي أيهما أقرب اليك وكلاهما في القلب والخاطر ولكني اخترت مصفاة الجيلي لأن رئيس تحرير الصحيفة ومساعديه الأستاذة رحمة والأستاذ قندول كانا برفقته ولأن الجيلي عندي زكريات وقصص وحكايات من غير هذا الزمان وعند العاشرة صباحا كانت سيارة الزميل أحمد فضل تنهب الأسفلت الذي خربته الحرب وقد تبدت مهارة احمد في القيادة مثل مهاراته في الاخبار ومرت أحياء الازيرقاب والكدرو وأم القرى حزينة بائسة ينعق بومها في عز النهار والشارع الاسفلتي المتهالك حتى الكباشي وواسي والنية ولاتزكر النية الا وكانت إشعار محمد الواثق حاضرة في مخيلة الزملاء وزكرياته وأم درمان تحتضر وحقا ام درمان تحتضر الآن بفعل الحرب ولو عاش الواثق حتى اكتحلت عيناه بالدم والموت في الشوارع وتساقطت على جانبي الطريق مئات العربات المعطوبة والمنهوبة وكلما اقتربنا من الجيلي تبدت آثار معارك الأيام الماضية زخائر متساقطه في الطريق وجثث حتى اللحظة لم توارى الثرى ودخان المصفى يلوث الفضاء وارتكازات القوات المسلحة تمثل تنوع السودان وتعدده وسحنات أهله والجميع تحت قيادة موحدة قوات مسلحة وآمن وشرطة والمجاهدين من كتيبة البراءون وقوات من مكون الحركة الشعبية النيل الأزرق وكل مكونات الحركات المسلحة من دارفور خاضوا جميعا معركة تحرير المصفاة التي تمثل ام المعارك في حرب الكرامة الحالية
لاتزال النار تشتعل في الخام لليوم السابع وربما يستمر لاربعة ايام قادمات وحسب إفادات المهندسين المرابطين في المصفاة أن التخريب الذي تعرضت له المصفاة تقدر نسبته بنحو أربعين في المائة وحتى يعود المصفاة لضخ الجازورلين والبنزين والغاز إذا توفرت الاعتمادات المالية والإرادة الصلبة فإنه سيعود العمل في غضون عام ونصف العام على أقل تقدير حسبما يقول الخبراء المختصين في حديثهم أمس بعد أن أثبت مهندسي المصفاة انهم رجال من معادن نفيثة مثل الذهب وهم يربطون في المصفى منذ سقوطه تحت رحمة الجنجويد ويصبرون على التنكيل والضرب والعزاب وقد حرموامن الكهرباء والمياه النقية ولكنهم رفضوا المغادرة رغم ضرب الطيران ومدافع المليشيا وهؤلاء الرجال يستحقون من البرهان ترقية استثنائية لأنهم جنودا في معركة الكرامة
وكشفت قيادات عسكرية ميدانية عن بدءهروب المليشيا من المصفاة منذ الأربعاء الماضي حيث غادر بعض الضباط خلسة وتركوا الجنود يواجهون الموت وحينما أحكمت القوات المسلحة حصارها علي المصفى لجأ البعض للهروب ليلا من ميدان المعركة وان حريق المصفاة بدأت المرحلة الأولى بضرب خزانات الخام بمدافع الكورنيت الأمريكية المخصصة لتدمير الدبابات وبعد تدفق الخام تم إشعال النيران في الخام وتحت غطاء الدخان الكثيف هرب كثير من جنود المليشيا إلى منطقة شرق النيل وأمس تم إلقاء القبض على ضابط برتبة عميد خلا متخفيا في إحدى قرى الجيلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.