على عبد الكريم *مستقبل البلاد ..خارطة طريق (٤) :* *القوات المسلحة و الاستقرار السياسي*
على عبد الكريم
*مستقبل البلاد ..خارطة طريق (٤) :*
*القوات المسلحة و الاستقرار السياسي*
من الغريب ان يتحدث البعض في هذه الظروف او حتى يلمح عن أي عمل سياسي وكأن ما يجري في البلاد انما هو شغب مظاهرات او خسائر اضرابات او تخريب احتجاجات والتي عادة ما تنتهي بقرارات او تغييرات وتعود الحياة لما كانت عليه .. هذه حرب اكلت الأخضر واليابس و بلا شك ستعقبها تداعيات عندما تنتهي بإذن الله تعالى . الأمر يحتاج وقفة وتأني و تدبر وتبصر ومراجعة قبل الحديث عن عملية سياسية .
يتفق الباحثون والمختصون واصحاب الشأن أن الاستقرار السياسي هو اُس الممارسة السياسية و بدون تحقيق وترسيخ هذا الاستقرار تنعدم جدوى العملية السياسية ، وهنا ممكن نقول (السودان نموذجا) !!
اعتقد ان الوقت ليس مناسبا و لا الظروف ملائمة للحديث عن استئناف عملية سياسية ، على الاقل تضع الحرب اوزارها وتهدأ البلاد وتستقر حياة العباد
وقبل اي شيئ ، وبعد اي شيئ نقول ان اي رؤية او خطوة نحو عملية سياسية لا تضع في اعتبارها تقديرا واجلالا وتعظيما للدماء الذكية الغالية التي بذلت وتبذل في سبيل تحرير الوطن وردع هذا الاعتداء الاجرامي متعدد الجنسيات ، متنوع الدعم ، متزايد التمويل ، نقول ان اي رؤية للمستقبل السياسي لا تقدر ذلك العطاء ، فهي بمثابة استهتار بالبلاد ، واستهانة بل خيانة لتلكم الدماء الذكية واولئك الرجال العظماء تقبل الله عطاءهم ونفع البلاد بتضحياتهم واسكنهم علياء جناته .
هل يعقل أن ينشغل البعض بعملية سياسية ومازالت الدماء تراق دفاعا عن الوطن وحفظا لوحدته واستقراره ، هل بُذل كل ذلك لتعود ذات الاحزاب و يعود ذات الأشخاص وتعقد ذات الاجتماعات واللقاءات وتسطر ذات التوصيات و تتلى ذات النتائج ، وتبدأ ذات الاختلافات والمكايدات ، أيعقل هذا ؟!!
لا نقول الغاء العمل السياسي ولا الوقوف في وجه التحول المدني كما يحلو القول للبعض ، ولكن نقول هذا ليس أوانه ، على الإطلاق ليس أوانه!
أن مراجعة متأنية للممارسة السياسية خلال العقود الماضية تبين ان ما وقع على بلادنا من دمار وخراب وتدمير وتشريد انما هو ثمرة لعشوائية وتخبط وعبث الممارسات السياسية التي كانت في معظم فتراتها بلا سند شرعي ولا تفويض شعبي ، حتى وصل الحال لتدار البلاد بوثيقة لم يتفق عليها حتى من وضعوها !
لسنا في حاجة لنسرد مسيرة الحياة السياسية للبلاد والمشهورة بالدائرة الجهنمية ، مدنية ثم عسكرية ،ثم مدنية ، ويعلم الجميع ما يربط بينهما !
وقد انتهى الأمر إلى فترة حكم السفارات والتي شطحت فيها الاحزاب الجديدة بما لم تسبقها عليه سابقاتها ، فإذا كانت الاحزاب السابقة تنتصر على بعضها بالتنسيق مع العسكر حتى أصبح العسكر جزءا اصيلا في العملية السياسية – رأت أحزاب فترة حكم السفارات أن تقضي على العسكر بضربة واحدة ، فكان القول العدواني الشهير (الاطاري او الحرب ) ! وحدث ما حدث.. !
نقول اجلالا وتقديرا وتعظيما للدماء الذكية التي بذلت من أجل الحفاظ على البلاد وصون العباد – نقول لابديل من ان تأخذ القوات المسلحة الامر بقوة ، وأن تواصل عطاءها وبذلها ولا تستعجل امر المدنية حتى تستقر البلاد أمنيا وسياسيا .
و نرى أن الاستقرار السياسي التي تحتاجه البلاد لن يتحقق الا بعد فترة
حكم عسكري انتقالي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات يتوافق خلالها على دستور يعتمد بموافقة ما لا يقل عن ( خمسة وسبعون في المائة ) من المواطنين عبر استفتاء عام ، ومن ثم يمكن الحديث عن التحول المدني .
واُجمل القول وأؤكد انه لاخلاص من ممارسات الماضي وخلق ثقافة سياسية جديدة تختفي فيها ظواهر الكره والبغض والحقد والضغينة و الاستهداف والتآمر والغدر ،و… و… إلا بفترة انتقالية للعسكر يتم خلالها اعتماد دستور يتوافق عليه الشعب ، ان من اوجب واجبات العسكر ان لا تبدأ اي عملية سياسية الا بعد التوافق على دستور .. ونواصل رسم خارطتنا أن مد الله في الاجال. والله المستعان .