منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

صوت العقل ضياء الدين سيد سمهن يكتب : *الحرب الكلامية لا إستراتيجيات لها.. وللحرب استراتيجياتها .. ( الداير الغنا بيعمل حساب لفقره)*

0

صوت العقل
ضياء الدين سيد سمهن يكتب :

*الحرب الكلامية لا إستراتيجيات لها.. وللحرب استراتيجياتها .. ( الداير الغنا بيعمل حساب لفقره)*


مقال كتب يوم 11مارس 2023 قبل التمرد بشهر فقط :

السبت ١١ مارس ٢٠٢٣

فعلا كما قال إبراهيم العبادي
علي لسان طه :
*الزول البليد بأيده يحفر قبره*

الاسابيع الماضيه امتلأت الاسافير وفاضت بالإشاعات والتصريحات والتهديدات المتبادله بمناسبة ودون مناسبه بين قادة البلد عسكريين ومدنيين ووسياسيين وناشطين وقادة حركات مسلحه واعلاميين ونشطاء فيسبوك وميديا من انصار معسكري (المكون العسكري) كلٌ علي حده .
وكلهم يذكي إوار الحرب ويهدد الطرف الآخر بها وبالحشود العسكريه والاستعداد للقتال داخل الخرطوم ونقل الجنود والمليشيات من دارفور وبعض الولايات الي داخل الخرطوم وحتى من هم ليسوا طرفا في الصراع بين قادة المكون العسكري (الجيش والدعم السريع) ويدّعون الحياد إتضح أنهم ليسوا محايدين بقدر يؤدي الي عدم تطور الصراع.

بل هم في أغلب الاحيان يسعون الي الوقيعة والي اشتعال الحرب وينتظرون ذلك بفارغ الصبر ويحاولون استغلال الوضع لتخويف الشعب ومواطني الخرطوم بقرب الصدام داخلها بأسلوب ( المديده حرقتني).
وتصاعدت في آخر الاسبوع الماضي وتيرة التصريحات والتصريحات المضاده والتحليلات والاشاعات حتى خلنا ان طائرات السوخوي ستمرق فوق رؤسنا بعد قليل أو أن الدبابات والمدرعات ستتجول في الشوارع مطاردة التاتشرات (ثعالب الصحراء) أو ان صواريخ المدفعيه ستعوى فوق سماء الخرطوم لامحاله ،
وخلنا انه بعد أن إحتلت بعض القوات المعاديه للجيش مناطق سياديه هاهي تزحف الآن نحو أحياء وضواحي الخرطوم لاحتلالها.

هكذا تداول الناس سيل الاخبار والمنشورات المروجه للحرب داخل الخرطوم فعاش الناس في حيرة وهلع مابين مصدق ومكذب ومستنكر.

ومعلوم انه في العلوم العسكريه انه لكل معركه ولكل حرب ولكل عمليه عسكريه تحضيراتها وتجهيزاتها ودراساتهاالاستراتيجيه ابتداء من موقع ومكان المعركه وسهولة التحرك فيه والتمركز والوصول اليه وتحصينه وهذا كلام يعرفه جيدا خريجي ( الكليات الحربيه) ومرورا بتأمين خطوط الامداد لضمان تدفق الدعم اللوجستي .

ومن الواضح من خلال ماينشر من تصريحات وتصريحات مضاده أن البعض يجهل طبيعة الحرب وإمكانيات الاستعداد لها والتجهيز لها بالخطط والخطط المضاده ورغم ذلك اراد أن تكون مدينةالخرطوم عاصمة البلاد هي مكان المعركة المزعومه بين الخصمين المفترضين نسبة لموقعها و لاهميتها ورمزيتها السياسيه والوطنيه والسياديه يدعم تلك الاهميه (مجردظن) ان من يسيطر علي الخرطوم فقد سيطر علي السودان وهذا لعمري ظن خاطيء ونسي أن موقع الخرطوم هذا هو ماجعلها عصية علي الغزاة وعلي هجمات عديده اشهرها ماعرف (بضربة المرتزقه) منتصف السبعينات ايام نميري وعملية الذراع الطويل بقيادة خليل ابراهيم في ٢٠٠٨ والعمليتين كانتا مدعومتين دعم مباشر من معمر القذافي وليبيا وبإشتراك مع ادريس ديبي وتشاد.

فمن يسيطر علي الخرطوم دون أن يتمكن من السيطره علي خطوط الامداد شرقا وشمالا غرب النيل وشرق النيل لن يستطيع الحفاظ عليها أكثر من اسبوعين تحت سيطرته
فمن يريد أن يحارب من داخل الخرطوم عليه أن يمتلك وسائل السيطره علي خطوط الامداد البريه من الشمال القادمه من مصر وهي أسرع من خطوط الامداد القادمه من دارفور وتشاد وليبيا وأجدى ؟!؟!
وعليه ان يمتلك وسائل سيطره علي المنافذ البحريه في الشرق بورسودان وسواكن وغيرها حلايب وشلاتين .
ومن يريد أن يحارب من داخل الخرطوم عليه توفير مؤن تكفي لشهور من الوقود والذخيره والغذاء والدقيق وغيره وأن يضمن تدفق هذه التعيينات بصوره يوميه عن طريق الطرق البريه من الشمال والشرق فقط لان طرق الغرب والجنوب غير مجديه في هذه الحاله أو عن طريق مطار الخرطوم الذي ستكون الملاحه متعطله فيه حال نشوب الحرب ؟؟؟!!!
وعلي الذي يريد أن يحارب من داخل الخرطوم ان يجهز مسرحاجيداخلفه صالح للانسحاب والمناوره والكر والفر واستلام الدعم والتعزيزات مع امتلاك وسائل حديثه ودقيقه لاصابة من علي البعد الاهداف دون إحداث خسائر وسط المدنيين مثل الطائرات المسيره والقنابل الذكيه والصواريخ التي تعمل بالاحداثيات الدقيقه وعليه ايضا أن يمتلك قوات متخصصه موزعه ومرتكزه في الولايات والمدن المختلفه مثلا مثل سلاح الطيران في مروي والمدفعيه في عطبره وغيرها من الاسلحه في كردفان والشماليه والبحر الاحمر والقضارف وعلي امتداد نهر النيل والنيل الابيض كل ذلك مع امتلاك غطاء جوي وراداري والكتروني كثيف و عريض قادر علي كشف وملاحقة تحركات العدو مهما كانت.
كلنا نعلم أن دارفور اذا اغلقت عشرة كباري تعبر النيل من الشرق الي الغرب ستصبح إقليما معزولا مغلقا . هي كبري السليم بدنقلا وكبري كريمه وكبري أم الطيور بنهر النيل وكبري شندي وهي غير ذات اهميه كبرى بالنسبة لدارفور وبالنسبة لها في حكم المغلقه بالاضافه لكبري الحلفايه وكبري شمبات وكبري أم درمان وكبري الفتيحاب وكبري الدويم وكبري كوستي والست الاخيره عي التي تصل دارفور بالسودان وبالعالم .
وهي تعتبر أهم خطوط الامداد بالنسبه لاقليمي دارفور وكردفان لدولة جنوب السودان وربما بقدر ما دولة تشاد فهي تخدم الاغراض التجاريه بين الخرطوم المركز وباقي السودان وهذه الولايات والدول ، ولكنها لاتصلح كمعابر وخطوط امداد ودعم لوجستي عسكري من خارج السودان الي مركزه ( الخرطوم)
والسيطره علي خطوط الامداد لاتتم فقط بالسيطره علي المعابر والطرق والمنافذ فقط وإنما بإمتلاك وسائل ناجعه في كشف تحركات ومتحركات الامداد وتعطيل هذه المتحركات وذلك بوسائل الاستطلاع والرصد والإنذار المبكر ووسائل التشويش ووسائل التدمير وقطع الطريق وفوق ذلك امتلاك الكادر البشري المدرب علي استخدام هذه الوسائل ، لذلك نجد أن الكلام عن الحرب شيء كالنزهه بينما الحرب ليست كذلك .
السودان يمتلك جيش قومي مدعوم بخبره قتاليه طويله يعتبر من أفضل خمس جيوش في افريقيا والمنطقه العربيه من حيث العدة والعتاد والتدريب والتسليح والتطور التقني وتشهد بذلك عاصفة الحزم ويعلم ذلك قادته ويكره ذلك السياسيين؟؟!!
والسودان يمتلك افضل منظومة تصنيع دفاعي حربي في المنطقه ويشهد بذلك القاصي والداني ومعرض أيدكس للصناعات الدفاعيه المنعقد الآن بدبي، مما يتيح للسودان تفوقا عسكريا نسبيا كبيرا علي كثير من دول الجوار والمنطقه وعاصفة الحزم تشهد بذلك طوال العشر سنوات الاخيره حيث ظل الجيش السوداني يحارب فيها نيابة عن السعوديه والامارات بكفاءة عاليه رغم التحديات والظروف الداخليه .
لذلك بالمعايير والحسابات الاستراتيجيه لا إمكانيه لقيام حرب طويلة الامد داخل الخرطوم أو أي مدينه أو مكان في الشمال او الوسط والشرق بين الجيش والدعم السريع أو أي طرف آخر من حركات مسلحه وغيرها لاسباب عديده أهمها امتلاك الجيش لوسائل السيطره علي خطوط الامداد وعمقه الاستراتيجي (إمداده داخليه وخارجيه) وإمداد غيره كذلك وبعد الدعم السريع وباقي الحركات المسلحه عن خطوط امدادها المعروفه وعمقها الاستراتيجي في ليبيا وتشاد وجنوب السودان مع قدرة الجيش علي السيطرة علي هذه الخطوط وضربها بوسائل عديده رغم عدم فعالية هذه الخطوط وقد رأينا ذلك في عملية الذراع الطويل في صيف ٢٠٠٨عندما تاهت قوات العدل والمساواة داخل أم درمان وانقطعت عنها الامدادات وسهل علي الجيش دحرها والايقاع بها ، فمن لايملك عمقا استراجيا قريبا من الخرطوم ومن لايملك خطوط امداد فعاله قادر علي حمايتها لتأمين وصول الوقود والسلاح والمؤن والغذاء ومن لايملك المطارات البديله القريبه ومن لايملك الغطاء الجوي والاكتروني ومعامل السلاح والذخيره والكوادر المدربه لادارة كل ذلك لن يستطيع السيطره علي السودان ولا علي أي مدينه فيه .
ميزة الخرطوم الاستراتيجيه التاريخيه انها تتوسط السودان بالضبط ( قلب الارض) مع الميل نحو الشرق والشمال والوسط قليلا وهذا وضع خلقته الطبيعه وإبتدعه مجرى النيل ،وكان من الممكن لمن إختارها عاصمه أن يختار بورسودان مثلا أو كوستي أو كسلا أو نيالا أو دنقلا أو الجنينه ولكن هكذا هي معايير اختيار الناس السائده لعواصمهم ومدنهم المركزيه وقد بدأ ذلك عرفا ثم أصبح علما يدرس في الحغرافيا السياسيه ونظرياتها فكثير من العواصم تتوسط دولها مثل الرياض والقاهره وطهران ودمشق وبغداد وانجمينا وغيرها كثير لما لاهمية هذا التوسط استراتيجيا وأمنيا لذلك فالخرطوم محميه طبيعيا ببعدها عن الحدود التي قد يأتي منها أخطر مهدد وصعوبة خطوط الامداد اليها من الحدود مصدر التهديد وهناك ملاحظه مهمه في هذا السياق وهي أن كل المهددات العسكريه التي أتت من دارفور من ايام ( ضربة المرتزقه وعملية الذراع الطويل )كانت خطوط امدادها تأتي من ليبيا وتشاد وهاتين الدولتين الآن ليستا في ظروف تسمح لهما بدعم أي طرف يدخل في حرب ضد جيش السودان لاعتبارات كثيره لذلك كل من يفكر في خوض حرب ضد الجيش داخل الخرطوم عليه أن يفكر مليون مره في اليوم التالي لبداية الحرب ، خصوصا مع مستجدات الساحه السياسيه العربيه والتقارب الحاصل بين السعوديه وإيران الذي يؤذن بانتهاء عاصفة الحزم وهذا يعني الكثير لطرف من اطراف الحرب الكلاميه وربما نشهد من الغد تغيرا في الخطاب والخطاب المضاد
ماأود قوله وخلاصة هذا المقال ،صحيح أن الحرب أولها كلام ولكن حرب الخرطوم سيظل اولها وآخرها كلام لأنه إذا فكر من يهدد بها سيجد انه غير مستعد لها استراتيجيا وسيعزل عن ما ومن حوله من أول طلقه حتى عن مسانديه من ناشطين وسياسيين واعلاميين وغيرهم من دعاة الحرب ،وحتى اذا استعرت هذه الحرب ستكون قصيرة الاجل وستحسم بطريقة خاطفه .
وقديما قال الشاعر ابراهيم العبادي علي لسان طه في تلك المسرحيه الملحميه الشعريه الشهيره التي تحكي قصة طه وريا والمك نمر
ﺍﻟﺪﺍﻳﺮ ﺍلغنى ﺑﻴﻌﻤﻞ ﺣﺴﺎﺏ ﻟﻲ ﻓﻘﺮﻭ
ﻭﺍﻟﺨﺎﻳﻒ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻌﻤﻞ ﺳﻤﺢ ﻟﻲ ﻗﺒﺮﻭ
ﺍﻟﺪﺍﻳﺮ ﻳﺸﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻛﻢ ﻗﺪﺭﻭ
ﻳﻌﻘﻞ ﻭﻳﺤﺘﺮﻡ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭاﻟﻘﺪﺭﻭ
والزول البليد بإيدو بحفر قبرو
وهذه لعمري ابلغ ابلغ وانفع استراتيجيات الحرب كبرت أو صغرت
#ضياءسيد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.