منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

يوسف عبد المنان يكتب : *حديث السبت:*

0

يوسف عبد المنان يكتب :

*حديث السبت:*

8 فبراير 2025م

*هل تطيح كارثة كادقلي برأس الحلو من الحركة الشعبية؟؟*
*تنامي تيار القوميين النوبه الرافض للتحالف مع الجنجويد.*
*الحكومة تتراجع عن هيكلة حكومات الولايات بعد زيارة كباشي للخرطوم !!*

1️⃣
في صيف عام 2017 م، ونحن نتسامر في فندق رديسون بلو بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، مع الجنرال جقود مكوار، رئيس أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال، برئاسة عبدالعزيز وما أشد مرارة من الحرب الا الحرب، ولكن قصص الحرب هي الاكثر تشويقاً وإثارةً، بينما الحرب أقبح شيئا في هذه الحياة، وخاصة لامثالنا من كتبت عليه خطي الحرب ثلاثة مرات، حرب الجنوب التي خضنا غمارها في سنوات الصبا الباكر، ونحن منسوبين للجيش وفرع التوجيه المعنوي، وحرب جبال النوبة بكل عنفها، وأخيراً حرب الجنجويد التي نالت منا نيلاً وأوهنت الجسد، واشعلت الراس شيبا..
في ذلك المساء الماطر بالعاصمة الإثيوبية، وبعد أيام من بدء المفاوضات حول اتفاق خارطة الطريق، الذي وقعته الحكومة مع مجموعة نداء السودان، وتنصل عنه البشير، جلسنا نحتسي القهوة، ونجتر زكريات الماضي، وآفاق السلام، وكان الرفيق أو الكمرد كما يلقب جقود، قليل الكلام، كثير التأمل، ويظل مع مبارك أردول في كل ساعة يحدقان في جهاز الكمبيوتر، كان اردول ينهض بمهمة أستاذ لتعليم قائده سحر هذا الجهاز العجيب، مما قاله جقود مكوار موجهاً حديثه لشخصي، وبيني والرجل احترام وتقدير وعلاقة حميمة، في سنوات السلام اي بعد 2005م قال جقود انه يملك من السلاح ما يمكنه من دك مدينة كادقلي، وتسويتها بالأرض، ولكنه قال يا يوسف انا اذا وجهت مدفعية الجيش الشعبي لكادقلي، لن اقتل جلابي من الخرطوم، ولكن ساقتل خالي وعمك، واخت اردول، وإذا هدمت كادقلي أين يكون مقامي، إذا عدت إليها في يومٍ حاكماً، لأننا الآن نجلس ونتفاوض من أجل السلام، لماذا نخرب مدينتنا، ونقتل أهلنا، ومضى جقود قائلا منذ اندلاع الحرب حرصنا في الحركة الشعبية على فتح طريق كادقلي الدلنج، والسماح بمرور البصات وحركة البضائع، وعدم الاعتداء على الطريق، ولايعجزنا إيقاف حركة المرور بين المدن، ولكننا لانحارب أهلنا بل نحارب السلطة، التي تقهر وتنهب ثروات أهلنا.. *تذكرت هذا الحديث الآن، والحركة الشعبية لتحرير السودان، ترتكب جريمة كبيرة بحق شعب جبال النوبة، وتقصف السكان المدنيين بالمدفعية الثقيلة، من حجر ألمك رحال، وتحصد بندقية الحرب في يوم واحد خمسين من الأبرياء، في سلوك بربري متوحش يشبه مليشيات الجنجويد، ولايشبه الحركة الشعبية بماضيها.* ولكنها ربما بدلت القيم التي غرسها الرعيل الأول منها يوسف كوه مكي، ودانيال كودي، ومحمد جمعه، وسايمون كالو، وتلفون كوكو ابوجلحة. وتخلقت الحركة بسلوك قجه، وجلحة، ومأجوج، وصليب الديك، وشيريا، وكفتيرا، وبقيه العاهات التي اورثت بلادنا هذه الحرب التي تدور رحاها في بلادنا.

2️⃣
إن المجزرة البشعة، التي ارتكبتها الحركة الشعبية الأسبوع الماضي، ربما يترتب عليها مضاعفات خطيرة، داخل الحركة الشعبية نفسها، حيث يجلس عبدالعزيز آدم الحلو، على حافة مقعد القائد، بعد أن تنامت الأصوات المعارضة، لتحالفات الحلو، التي أبرمها مع صديقه (ورفيقه) عبدالله آدم حمدوك، نيابةً عن دولة الإمارات، التي منذ طرده من السلطه في السودان، أعدت له أبوظبي متكأً، وجاءت بعدد من السكاكين للنيل من عنق السودان، وتحت تأثير بريق الدرهم والدولار. لقد أخذ حمدوك على عاتقه، حشد كل متردية ونطيحة، وما أكل السبع، وما أُهل لغير الله، وحشد دعومات ضخمةً لمليشيات الجنجويد، لهزيمة الجيش السوداني وتركيع الشعب، وأول مهمة نجح فيها حمدوك وأثار سخطاً وسط قيادات الحركة الشعبية من أبناء جبال النوبة، كانت مأساة الجوع الذي ضرب جبال النوبة، ومعلوم أن الحلو أبرم إتفاق توصيل المساعدات الإنسانية مع شمس الدين كباشي في مايو من العام الماضي اتفاقاً لتوصيل المساعدات الإنسانية لجبال النوبة.
Humanitarian Aid Agreement.
ولكن تدخلت دولة الإمارات واجهضت الاتفاق، في اليوم الذي كان منتظراً فيه التوقيع على المسودة النهائية، وتنصل الحلو عن ما أُتفق عليه في جوبا، وعوضا عنه وقع اتفاقاً مع حمدوك، وعبدالواحد محمد نور، في نيروبي تلك الخطوة أثارت غضباً عارماً وسط قيادات جبال النوبة، في الحركة وخارجها، وقد اضطر الناس إلي أكل أوراق شجر اللالوب، لسد رمق البطون الجائعة، واليوم تعيد قيادة الحركة الشعبية *- مرةً أخري -* اللعب بمصالح شعب النوبة، وتضرب كادقلي بالصواريخ، بعيدة المدى، ويموت العشرات في يومٍ واحد، والحركة كل تاريخها في القتال بجبال النوبة كانت توجه بندقيتها إلى من يحمل السلاح، ولا تمارس هذا السلوك الوحشي، الا بعد ظهور حميدتي مؤخراً، وإعلانه دون مواربة عن قتل الشعب بما أسماه ( بالطق النضيف) ويعني به قتل المدنيين بلا رحمة، وفعلاً في اليوم الثاني لخطاب حميدتي، بدأ حصد أرواح المدنيين في سوق صابرين، والابيض، ومستشفى النو، ومدينة كادقلي، التي ادمعت مقل الآلاف من أبناء الجبال، وبدأ تململ القادة، ورفضهم لأي استهداف للمدنيين بجبال النوبه، بل حض البعض على الناي كلياً عن مساعدة الجنجويد في حربهم، باعتبار مليشيا الدعم السريع عنصرية معادية لجبال النوبة وسكانها، وهي التي قتلت سكان مدينة الدلنج، مما اضطر أبناء المنطقة في الحركة الشعبية خلع كاكي الحركة الشعبية والدفاع عن الدلنج المدينة، والدلنج السكان، حتى هُزم الجنجويد وولوا الأدبار إلى الدبيبات، ومن حينها لم تتعرض الدلنج لهجمات من المليشيا حتى اليوم، ومن واقع التناقض الجوهري بين مشروع الجنجويد الذي يتمظهر في دولة العطاوة، ومشروع السودان الجديد، فإن هناك استحالة للجمع بين الماء والنار، وإصرار الحلو على التماهي مع المشروع الإماراتي في السودان، مهما توفر له من مال وعتاد، فإنه مشروع خاسر وبدأ أفوله الآن من الجزيرة والخرطوم، ولكن ربما الحلو لايجيد قراءة المزاج العام لابناء جبال النوبه، ولايعلم عن التضحيات التي قدمها فرسان جبال النوبة، منذ اندلاع الحرب الحاليه وحتى الآن.
تيار عريض جداً داخل الحركة الشعبية، من القوميين النوبه، بدأ في الاستعداد لمواجهة الحلو، وان اقتضى الأمر ازاحته من رئاسة الحركة الشعبية، والتعويل على جيل جديد يعيد الحركة لنفسها، بعد أن حادت عن مبادي الجيل المؤسس.

3️⃣
زيارة الفريق شمس الدين كباشي الأسبوع الماضي لولاية الخرطوم، واجتماع القادة الأربعة للجيش في القيادة العامة، لأول مرة منذ اندلاع الحرب وماترتب على تلك الاجتماعات من تغيرات على الأرض، وقد تكتمت قيادة الجيش على القرارات المصيرية التي تم التوافق عليها في الخرطوم، لكن زيارة شمس الدين كباشي للخرطوم تجاوزت الشان العسكري للشأن السياسي والتنفيذي، والرجل بطبيعته يضع في اهتماماته الشأن التنفيذي في الولايات، لارتباطه الوثيق بالشأن العسكري، وتجد شمس الدين كباشي أكثر أعضاء مجلس السيادة متابعةً لأداء الوزارات والولايات، وخلال زيارته للخرطوم عقد اجتماعاً هاماً بحكومة ولاية الخرطوم، وهي أم الولايات، والتي دمر بنياتها الدعم السريع، فصارت أكثر الولايات حاجةً للسند والدعم، بعد أن كانت داعمةً لغيرها، وتبين من اجتماعات الخرطوم، أن القرار الذي أصدره وزير ديوان الحكم الاتحادي قبل شهور من الآن، بتقليص عدد الوزارات إلى ثلاثة فقط، قراراً جانبه الصواب، وثمة حاجة لمراجعة هذا القرار في الفترة القادمة، على أن تبدأ المراجعة من ولايه الخرطوم التي تعتبر أكبر الولايات من حيث عدد السكان، بما يعادل قرابة نصف سكان البلاد يقطنون الخرطوم، فكيف تنهض بعدد محدود من الوزرات، وبها تشوهات إدارية بالدمج بين الوزارات الخدمية والايرادية !! وتقليص لم يشمل عدد الموظفين حتى يتم تقليل الإنفاق، إذ فقط تم الغاء منصب الوزير على أهميته، وتضاعفت أعباء كبيرة لثلاثة وزراء فقط، بتحميلهم فوق طاقة البشر العاديين، وحسناً كان شمس الدين كباشي مرناً وموضوعياً في مناقشه القضية مع والي الخرطوم، الذي يمثل الوجه المشرق لولاة هذا العهد، وله خبرة طويلة ومتنوعة، جعلته يمثل واحدا من أنجح الولاة الذين تعاقبوا على الخرطوم، وقد ألهمته خبرته في اختيار أفضل الكفاءات لمناصب المدراء التنفيذيين، للمحليات التي تحتاج في واقع الأمر للمحافظين أو المعتمدين وبسط السلطة لا قبضها، وقد أثبتت التجربة القصيرة للوزراء الثلاثة فشلها مما استدعى إقرار السلطة المركزية بمراجعه هذا القرار المعيب، ومن إيجابيات حكومة البرهان انها تملك القدرة على مراجعة نفسها والتشاور لتصويب الأخطاء، والبعد عن المكابرة والاعتداد بالنفس..
✒️ يوسف عبدالمنان..
8 فبرابر 2025م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.