تاملات الجمعة علي احمد دقاش ✒️✒️✒️ {قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذًا لَّخَٰسِرُونَ}
تاملات الجمعة
علي احمد دقاش ✒️✒️✒️
{قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذًا لَّخَٰسِرُونَ}
امس الاول واثناء تلاوتنا للجزء الثاني عشر وتحديدا سورة يوسف المليئة بالعبر وهي السورة التي اوردت قصة متماسكة بدأت بحلم وانتهت بتحقيق الحلم .
اثناء للتلاوة اوقفتني الاية الكريمة :
{قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذًا لَّخَٰسِرُونَ}.
جاءت هذه الاية في سياق المحاججة والجدل الذي دار بين اخوة يوسف وأبوهم يعقوب ليقنعوه للسماح ليوسف يذهب معهم الي المرعي فيسهل لهم تنفيذ خطتهم التخلص منه والانفراد بالوالد قالوا: .
{أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ}.
كانوا عشرة او احدي عشر شخص يشعرون بالقوة والمنعة لذلك قالوا: “نَحْنُ عُصْبَةٌ”
في التفسير :
[ قال إخوة يوسف لوالدهم: لئن أكله الذئب، ونحن جماعة قوية إنا إذًا لخاسرون، لا خير فينا، ولا نفع يُرْجَى منا.].
قال سيد قطب في الظلال:
[ لئن غلبنا الذئب عليه ونحن جماعة قوية هكذا فلا خير فينا لأنفسنا وإننا لخاسرون كل شيء ، فلا نصلح لشي ] الدكتور علي محمد الصلابي قال في سلسلة تاملاته:
﴿قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾
أي: جماعة فينا قوة ومنعة، وحالهم أنّهم عشرة رجال بمثلهم تعصب الأمور وتكفى الخطوب.
الكلمة المركزية في هذه الاية هي قولهم:
“نحن عصبة ”
في اللغة العصبة جماعة من النَّاس أو الخيل أو الطَّير. تقول :
“مَرَرْتُ بعُصْبة من بني فلان”
اي جماعة من بني فلان .
العصبة من مشتقات الفعل عَصَبَ نقول:
عصَبَ يَعصِب ، عَصْباً، وعُصُوباً وعِصَاباً، فهو عاصِب ، والمفعول مَعْصوب
عصَب عيني فلان: غطَّاهما بمنديل أو نحوِه
عَصَبَ رَأْسَهُ :
شَدَّهُ بِعِصَابَةٍ
عَصَبَ العِمَامَةَ : لَوَاهَا، طَوَاهَا
عَصَبَهُمُ الأَمْرُ: ضمَّهُم واشْتَدَّ عليهم
عَصَبَ بِهِ القَوْمُ : اِجْتَمَعُوا حَوْلَهُ
عَصَبَ بِهِ :
أَطَافَ، أَحَاطَ
عَصَبَ بَيْتَهُ :
لَزِمَهُ فَلَمْ يُفَارِقْهُ
عَصَبَ الرِّيقُ بِفَمِهِ : جَفَّ، يَبِسَ
اورد بن منظور في لسان العرب مشتقات عديدة للفعل عصب من المشتقات الواسعة الاستخدام هذه الايام كلمة “عصبية”
وتعني شِدَّة إرْتِباط المرء بجماعته والجدّ في نُصرتها والتَّعصُب لمبادئها.
علماء الاجتماع يرون ان العصبية :
[رابطة اجتماعية سيكولوجية شعورية ولا شعورية معاً، تربط أفراد جماعة ما، قائمة على القرابة، ربطاً مستمراً يبرز ويشتد عندما يكون هناك خطر يهدد تلك الجماعة”.]
واشد ما تكون العصبية ظهورا في قبائل البدو البعيدة عن سكن المدن يقول بن خلدون:
[ إن حالة البداوة تقتضي بطبيعتها وجود عصبية قوية؛ لأن الدفاع عن الحي لا يتم إلا على أيدي أنجادهم المعروفين بالشجاعة، ولا يصدق دفاعهم وذيادهم إلا إذا كانوا عصبيةً وأهل نسب واحد؛ لأنهم بذلك تشتد شوكتهم ويُخْشَى جانبهم . أمَّا المنفردون في أنسابهم، فلا يقدرون على سكنى القفر لأنهم يصبحون طعمةً لمن يلتهمهم من الأمم سواهم]
هذا هو تفسير ان معظم المتمردون انما تقوم تعبئتهم علي اثارة العصبية القبلية كما حدث من قبل الحركة الشعبية وحركات دارفور والبجة والنيل الازرق ويحدث الان في الحرب الدائرة والحديث عن الجنيدين و العطاوة .
لا يضبط العصبية الا الاسلام الذي ينهي عن التعصب القبلي ويدعو لوحدة البشر علي اسس عادلة في الحديث:
[ لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ – : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمَ ، وآدمُ من ترابٍ] .
العصبية ليست محرمة مطلقا لكن يجب ان تضبط وتهذب ولا يتعصب الناس لباطل .
في فتح مكة رتب الرسول المسلمين بقبائلهم لكل قبيلة راية
روي الواقدي في السيرة :
كانت راية الرسول صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض.
كان عدد المقاتلين من المهاجرين سبعمائة ومن الانصار أربعة آلاف ومن سليم أربعمائة ومن جهينة ثمانمائة ومن بني كعب بن عمرو خمسمائة ومجموع هؤلاء سبعة آلاف وأربعمائة مقاتل، وأن خيل هؤلاء المقاتلين بلغت تسعمائة وثمانين . وكانت القبائل تنضم برايتها تباعا حتي بلغ تعداد الجيش الذي دخل مكة عشرة الف.
التعصب للقبيلة في باطل ودون حق امر منهي عنه في الاسلام .