تقرير: إسماعيل جبريل تيسو : *لم يُعرف عنه أيُّ ارتبطٍ بتيار سياسي،، استقلالية (كامل)،، النأي عن الولاءات الضيقة..* *إدريس يتعهد بإعمال المساواة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع*
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو :
*لم يُعرف عنه أيُّ ارتبطٍ بتيار سياسي،، استقلالية (كامل)،، النأي عن الولاءات الضيقة..*
*إدريس يتعهد بإعمال المساواة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع*
الحياد يحرر من الضغوط السياسية، ويساعد في اتخاذ قرارات وطنية..
تفاؤل بنجاح الرجل في التعبير عن تطلعات المواطنين..
تعهد رئيس الوزراء الجديد، السفير الدكتور كامل الطيب إدريس، بإعمال مبدأ المساواة مع جميع القوى السياسية والفعاليات السودانية المختلفة، بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وقال إدريس الذي لم يُعرف عنه ارتبطٌ بأي تيار سياسي أو عسكري، إنه سيكون قريباً من المواطن السوداني، وإنه لا يريد أن يكون حاكماً يحكم الشعب بل يريد أن يكون خادماً يحكمه الشعب، والتزم رئيس الوزراء الجديد في أول خطاب رسمي له بثه التلفزيون القومي الأحد، بالعمل من أجل خدمة الوطن وإنفاذ مبادئ العدالة والسلام وسيادة القانون والتنمية المستدامة.
تفاؤل وبشارة:
واستبشرت غالبية الأوساط السودانية في الداخل والخارج بالكلمة المتزنة التي قال بها رئيس الوزراء الجديد، بُعيد أربعٍ وعشرين ساعةً فقط من تأدية اليمين الدستورية، وتسلمه مهام منصبه الرفيع، وبحسب مراقبين فإن تفاؤل السودانيين بنجاح دكتور كامل إدريس، نابعٌ من شخصية الرجل لكونه لا تنتمي إلى أي حزب سياسي أو حاضنة أيديولوجية، مما يُعدُّ قفزة نوعية، وخطوة غير تقليدية لم يعتاد عليها المشهد السياسي في السودان مما يُعزز من قدرته على اتخاذ قرارات وطنية خالصة، ذلك أن استقلالية رئيس الوزراء تمثل وبحسب مراقبين قيمة مضافة تجنِّب البلاد الوقوع في فخ المحاصصات الحزبية، والولاءات الضيقة، وتحرر الرجل من الضغوط السياسية، وتمنحه براحاً وفضاءات واسعة للتحرك ووضع الخطط والاستراتيجيات، ورسم السياسات، والعمل بما يتسق مع أولويات الوطن، وتطلعات المواطن، الأمر الذي يرسّخ لمبدأ الحياد، ويعزز ثقة المواطن، ويجعل رئيس الوزراء أقرب للجميع، لا محسوباً على أحد، ولا خصماً لأحد.
فرص النجاح:
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن فرص نجاح السفير الدكتور كامل الطيب إدريس، في قيادة الحكومة المدنية المرتقبة، تبدو مواتية، وتتعزز هذه الفرص كلما تم احترام استقلالية رئيس الوزراء، ودعم وإسناد خططه وبرامجه دون تسييس أو تعطيل، ليكون بالفعل رئيس وزراء لكل السودان، لا لفصيل أو جهة، باعتبار أن نظافة يد الرجل من ظنون التشابك مع أي حزب، أو تنظيم، أو كتلة، أو جماعة سياسية، تعطيه شارةً خضراء تفتح أمامه طريق العطاء، وتخلق له بيئة عمل شفافة وموضوعية، تضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار، وتسهم في توجيه الجهد الوطني نحو تنفيذ البرنامج الطموح الذي طرحه رئيس الوزراء في كلمته المتلفزة أمام الشعب السوداني، وهو برنامجٌ يركز على بناء الاقتصاد، وتحقيق وتطوير الخدمات المستدامة للمواطن في مجالات الصحة، والتعليم، والكهرباء، والمياه، والأمن، مع إصلاح مؤسسات الدولة، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتعزيز العدالة وسيادة حكم القانون، ومحاربة الفساد، وتقليل حدة الفقر، وإعادة الإعمار، وإرساء دعائم التنمية وتعزيز الاستقرار.
تجربة حمدوك المريرة:
إن التفاؤل الذي ارتسم على مُحيّا الشعب السوداني منذ تسمية السفير الدكتور كامل الطيب إدريس رئيساً للوزراء، ينطلق من تحرر الرجل من أي ضغوط لحاضنة سياسية تقيِّده وتمارس عليه وصاياها بما ينتهي بفشله في تحقيق أحلام وتطلعات الشعب، وليست تجربة رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله آدم حمدوك ببعيدة عن الأذهان، فقد اصطدم حمدوك بتعقيدات الواقع السياسي، وانهزم داخل ميدان العلاقة الشائكة التي ربطت حكومته بحاضنته السياسية (قوى الحرية والتغيير)، ذلك أن ” قحت” وبدلاً من أن تكون سنداً وعضداً لحمدوك، كانت خصماً عليه، وعبءً ثقيلاً على كاهله، بفعل تضارب الأجندات، وتدخلات بعض القوى في تفاصيل العمل التنفيذي، ليجد دكتور حمدوك نفسه ( مهروساً) بين سندان مطالب الشارع، ومطرقة ضغوط حاضنته السياسية التي ضربت بنيتها الخلافات والصراعات والانقسامات، فانعكس ذلك سلباً على إضعاف استقلالية القرار ( الحمدوكي)، فظهر الرجل مهزوزاً في مسرح المشهد السياسي، ضعيف الشخصية، فاقداً للأهلية، فأفقد ذلك حكومته الانسجام المطلوب، وأقعدها عن اتخاذ قرارات جريئة ومصيرية، أو تنفيذ إصلاحات حقيقية.
وهم الحاضنة السياسية:
ويرى الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، الخبير الإذاعي والكاتب الصحفي، دكتور عبد العظيم عوض، أن رئيس الوزراء الجديد ليس في حاجة إلى حاضنة سياسية، وقال في إفادته للكرامة إن الإجماع الوطني المسنود بدعم المؤسسة العسكرية يكفي كامل إدريس ويكفل له استقراراً يحفزه على النجاح في مهمته الصعبة وليست المستحيلة، مبيناً أنه وبجانب الالتفاف الداخلي الذي يحظى به رئيس الوزراء الجديد، فهو يتمتع بدعم إقليمي ودولي واسع، عبّرت عنه البيانات المُرحِّبة بتعيينه من قبل الاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية وحتي الأمم المتحدة، وأبان دكتور عبد العظيم عوض أن السيد إدريس من الشخصيات المعروفة على الصعيد الدولي لما له من إسهامات عملية وعلمية في المنظمة الدولية التي بلغ فيها مرتبة رفيعة تمثلت في جلوسه على كرسي المدير العام للملكية الفكرية التي تعدُّ إحدى أبرز وكالات الأمم المتحدة المتخصصة في مجالات الفكر والثقافة والقانون، ويقلل دكتور عبد العظيم من مفهوم الحاضنة السياسية باعتبارها مصطلحاً برز على سطح الممارسة السياسية عقب سقوط نظام الإنقاذ، وزاد” هو اصطلاح لا يخلو من وهم سياسي، خاصة بعد استفراد شلة من “قحت” بالسلطة عندما اختطفوا الهَبَّة الشعبية وأحالوها إلى دكتاتورية مدنية انتهت إلى صراع بين عناصر تلك المجموعة والذي أفضى بدوره إلى تدخل المكون العسكري فيما عُرف لاحقاً بعملية تصحيح المسار التي لم تكن عملية عسكرية محضة، بل شارك فيها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نفسه والذي كان أحد أبرز المحرضين لها”، ونوه دكتور عبد العظيم عوض إلى غضب الثوار على قحت، حيث كانوا يلاحقون طاقمها الوزاري باللعنات والتعدي الجسدي واللفظي في المواكب والتظاهرات الشعبية، منوهاً في هذا الصدد إلى شعار ” بي كم، بي كم، بي كم، قحاتة باعوا الدم”.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى الاستقلالية التي يتمتع بها السفير الدكتور كامل الطيب إدريس بمثابة رافعةٍ معنوية تحلَّق به في عوالم حافلة بالحياد، ومبتعدة عن التجاذبات الحزبية والمصالح الضيقة، وهي مواقف تجعل من إدريس نموذجاً للقيادة الرشيدة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتُعطي أملاً بإمكانية تحقيق استقرار سياسي واقتصادي يُلبي تطلعات الشعب السوداني الصامد والثابت، والصابر والمثابر.