محمد التجاني عمر قش يكتب : *متى يستفيد السودان من الكفاءات المهاجرة ؟*
محمد التجاني عمر قش يكتب :
*متى يستفيد السودان من الكفاءات المهاجرة ؟*
مسجد سعد بن معاذ بحي الملز في الرياض، هو مسجد قريب من مقرات بعض الوزارات الحكومية، وليس بعيداً عن كثير من المؤسسات المالية والصحية في العاصمة السعودية، ولذلك يصلي فيه كثير من الكفاءات السودانية العاملة في تلك الجهات، سواء كانت حكومية أو خاصة؛ وقد وقفت ذات مرة عند البوابة الشمالية لذلك المسجد العامر وصرت أتفحص تلك الوجوه الوضيئة عند انصراف المصلين من المسجد فخطر ببالي سؤال ظل يلح علي منذ تلك اللحظة: لماذا لا تستفيد حكومة السودان من تلك الكفاءات في كثير من التخصصات مثل الاقتصاد والزراعة والتخطيط والطب والهندسة والثقافة والإعلام والتعليم العام والعالي، وقد ضم الحضور في ذلكم المسجد أطباء كبار، ومستشارين معروفين ورجال مال واقتصاد وتخطيط ومدراء بنوك وأساتذة جامعات مرموقين، وغيرهم كثر من أبناء الوطن؟
وإذا كان هذا هو الحال في مسجد واحد، فما بالك بالجامعات والمعاهد العليا والصروح الطبية والمالية والشركات والمنظمات التي قامت في واقع الأمر على أكتاف كفاءات سودانية ظلت تعمل بكل نكران ذات وتفاني وإخلاص شهد به الجميع من عرب وعجم. وعلى سبيل المثال كانت جامعة الملك سعود بالرياض تضم عددا كبيرا من العلماء المختصين والأساتذة الجامعيين من حملة الدكتوراه والماجستير، على رأسهم البروفسور محجوب عبيد، رحمه الله، عالم الفيزياء المتميز وغيره كثر من الأفذاذ الذين يشار إليهم بالبنان. أما معهد الإدارة العامة بالرياض فقد حظي بنخبة من كبار رجال الإدارة والتنمية يتقدمهم الراحل البروفسور محمد صالح قلباوي، وفي معهد إعداد الدبلوماسيين التابع لوزارة الخارجية السعودية كان الأستاذ محمد توم التجاني علماً على رأسه نار، وعلى ذلك قس فيما يتعلق بجامعات الخليج ومؤسساته المختلفة ناهيك عن علماء وكفاءات السودان المهاجرة في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا والقارة الإفريقية!
وعودا على بدء متى يستفيد السودان من هذه الكفاءات المهاجرة؟ وبما أن البروفسور كامل الطيب إدريس، قد عين رئيسا لوزراء الفترة الانتقالية، وهو من النوارس المهاجرة التي تسنمت وظائف مرموقة في مؤسسات دولية كبيرة، ويعلم جيداً أن ثمة كفاءات سودانية كثيرة تعيش خارج الوطن وعلى استعداد تام لترهن قدراتها وخبراتها لصالح البلاد في هذا الظرف التاريخي الحرج والسودان بحاجة لشخصيات وطنية مخلصة وغير مسيسة أو عميلة لكي تخرج البلد إلى بر الأمان بعد الوهدة التي حلت به جراء هذه الحرب المدمرة، ووفقاً للآلية التي اقترحها الأستاذ حسين خوجلي في برنامجه عمود على الهواء وتحدث فيها عن ضرورة التنقيب عن الكفاءات من أساتذة الجامعات وعمداء الكليات في السودان فإننا نضم أصواتنا إلى صوته وننادي بضرورة أن يستفيد السودان من الكفاءات المهاجرة من أبنائه وبناته العاملين في الجامعات والمؤسسات والمنظمات العالمية والإقليمية حيث اكتسبوا خبرات وتجارب ومعرفة عميقة في تخصصاتهم المختلفة.
وحيث أن الجامعات والمؤسسات السعودية قد كان لها القدح المعلى في استيعاب كفاءات سودانية معروفة فإننا نهيب بالسيد رئيس مجلس الوزراء أن يسعى للاستفادة من خبرات علماء تشرفهم خدمة الوطن إسهاما منهم في نهضته بعد هذه الكبوة الماحقة ومن هؤلاء أستاذ الهندسة في جامعة الملك سعود بالرياض، وأحد ابرز خبراء الهندسة الكيمائية القلائل في العالم العربي وإفريقيا وهو حاصل على العشرات من براءات الاختراع في مجاله وأحد مستشاري الشركات الكبرى في المملكة العربية السعودية كشركة سابك وغيرها. وعلاوة على ذلك فهو من العلماء السودانيين المتميزين معرفة وخبرة وأخلاقا وقد آن الأوان لكي تستفيد البلاد من علمه وخبرته ولذلك يدفع به كثير ممن يعرفون قدره بأن يكون وزيراً للتعليم العالي في حكومة البروفسور كامل إدريس، وخير من استوزرت العالم الوطني المخلص، ألا وهو البروفسور أحمد أبا سعيد الحاج، حفظه الله ورعاه.
4/6/2025