منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

في رحاب الوطن بقلم: أبوسعادة *العدالة تحت الحصار* *ذبح القضاء في شرق دارفور*

0

في رحاب الوطن

بقلم: أبوسعادة

*العدالة تحت الحصار*
*ذبح القضاء في شرق دارفور*

حين تُغتال وتذبح العدالة في وضح النهار على مرأى من الناس ،وتهدر كرامة القانون على اعتاب الطمع والجهل وتُستباح مؤسسات الدولة وتتحول إلى اوكار تدار بعقلية العصابات ، بيد من يدّعون خدمة القانون فذلك ليس مجرد انحراف إداري بل انهيار أخلاقي ووطني كامل وحين يتحول القاضي إلى خصم والمحامي إلى حاكم والحق إلى سلعة تُساوم فلا بد أن ينهض الضمير الوطني الحي والقانوني ليقول كفى.

وكل هذا الانحراف القانوني يجري في المناطق التي تعيش تحت وطأة المليشيا المتمردة والتي جعلت من حكم السلاح بديلاً عن القانون ولا سيما ولاية شرق دارفور تلك البقعة الطاهرة التي وقعت فريسةً لسلطة المليشيا المتمردة بحكم السلاح لا يمكن وصفه إلا بأنه انقلاب عدلي مكتمل الاركان،وتجريف ممنهج للركيزة التي تقوم عليها الدول وتحيا بها الشعوب، هذا الموقف المخزي حيث استُبيحت فيها مؤسسات العدالة واستُبدلت شرعية القضاء بسطوة الفوضى،لقد ارتكبت جريمة علنية ضد القضاء لا بخنجر في الخفاء بل على الملأ جهاراً نهاراً ،وبأيدٍ انها تزعم الانتماء للقانون وهي في الحقيقة تمارس اغتياله بكل وقاحة واستهتار.

في واحدة من أخطر صور العبث بالمؤسسات العدلية وأشد مشاهد الانتهاك لسيادة حكم القانون أقدمت مجموعة من المحامين المنتمين إلى المليشيا المسلحة على الاستيلاء غير المشروع على مباني الجهاز القضائي بولاية شرق دارفور الضعين الواقعة تحت سيطرة المليشيا في تعدٍ سافر على السلطة القضائية وانقلاب مكتمل الأركان على ركائز العدالة.

لقد نصب هؤلاء المحامون أنفسهم قضاة دون أي سند قانوني في خرق فاضح لقانون السلطة القضائية لسنة 1986 وتعديلاته والذي يشترط التعيين عبر المجلس الأعلى للقضاء وفق معايير النزاهة والكفاءة ويمنع الجمع بين مهنة القاضي والمحامي لما بينهما من تعارض جوهري في المهام والالتزامات.

المفارقة القانونية الجسيمة أن هؤلاء المحامين الذين نصبوا أنفسهم قضاة لا يزالون يمارسون مهنة المحاماة علناً بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي حيث يعودون إلى مكاتبهم الخاصة ويزاولون أعمالهم كمحامين في خرقٍ سافر لمبدأ الفصل بين المهنتين في انتهاكٍ صريح لقانون السلطة القضائية الذي يمنع الجمع بين مهنة القاضي ومهنة المحامي لما بينهما من تضاد جوهري في الاختصاص والوظيفة مما يشكل خرقاً فجاً لأسس النزاهة والحياد ويُهدد مصداقية العدالة ذاتها

الأخطر من ذلك أن من يزعم رئاسة هذا الجهاز القضائي الموازي المدعو عبدالرحيم تبن لا يزال يمارس المحاماة علناً في مكتبه بعد انتهاء الدوام وهو رئيس الجهاز القضائي في سلطة المليشيا. ويستخدم هذا الموقع غير الشرعي لتحقيق مصالح شخصية فاستولى مع مجموعته على المركبات المخصصة للجهاز القضائي ونهب الأثاثات الحكومية واستولى على استراحات القضاة وحول إدارات تسجيلات الأراضي إلى سوق للمزايدة والابتزاز المالي فارضا رسوما باهظة غير منصوص عليها في أي لائحة أو قانون .
إن هذه الممارسات تمثل جرائم جسيمة منها:

١ – جريمة اغتصاب للسلطة القضائية يعاقب عليها القانون الجنائي السوداني وكل المواثيق الدولية الخاصة باستقلال القضاء
٢- خيانة للأمانة المهنية بالنسبة للمحامين الذين ينتمون لنقابة مهنية يُفترض أن تحمي القانون لا أن تنقلب عليه
٣ – استغلال للوظيفة العامة ونهب للمال العام ما يرقى إلى مرتبة الفساد المؤسسي المنظم.
– *مطالب عاجلة*:
بناءً على ما سبق نطالب بما يلي:
– ان يصدر رئيس القضاء بياناً واضحاً يدين ما يجري في ولاية شرق دارفور من استيلاء غير مشروع على الجهاز القضائي من قِبل عناصر لا صفة قانونية لهم وأن يعتبر هذا الكيان المزيف باطلاً بطلاناً مطلقاً لا يترتب عليه أي أثر قانوني مع وضع الأسس القانونية والإدارية اللازمة لمساءلة كل من تورط في هذه الجرائم متى ما استعادت الدولة سيطرتها القانونية الكاملة على الإقليم الذي يقع الآن تحت سيطرة مليشيا متمردة خارجة عن الشرعية الدستورية
– فتح تحقيق جنائي فوري في جرائم الاستيلاء والتزوير ونهب الأموال العامة ومحاسبة كل من يثبت تورطه.
– تحريك إجراءات تأديبية من نقابة المحامين السودانيين تجاه من يمارسون مهنة القضاء والمحاماة معاً في انتهاك صريح لقانون المحاماة متى ما تحررت البلاد .

إن العدالة ليست شعاراً سياسياً ولا بندا إدارياً في هيكل الدولة بل هي روح الوطن وهي القيمة التي إن سقطت سقط معها كل شيء وإن ما يحدث اليوم في شرق دارفور يمثل انهياراً أخلاقياً ومؤسسياً يجب أن يُسجّل في ذاكرة القانون السوداني كجريمة لا تسقط بالتقادم.

وإن لم تنهض السلطة القضائية الآن للدفاع عن قدسيتها فمتى ستفعل؟ وإن لم يتكلم الشرفاء الآن في وجه هذا الانحدار التاريخي فمتى سينطقون؟

إن إنقاذ القضاء هو بداية إنقاذ الوطن وما لم تُسترد العدالة إلى محرابها فلن تقوم لهذه البلاد قائمة ولن يكون لمواطن فيها حق يُصان ولا دم يُحترم ولا أرض تُحفظ.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.