*الساماريوم.. كنز صيني يهدد التفوق العسكري الأميركي*
*الساماريوم.. كنز صيني يهدد التفوق العسكري الأميركي*
لا زالت الصين تمسك بكثير من خيوط اللعبة من العمق في سباق السيطرة على المستقبل الصناعي والعسكري للعالم،
فمن خلال إحكام قبضتها على سوق المعادن الأرضية النادرة، عززت بكين نفوذها الاستراتيجي في واحدة من أكثر الساحات حساسية (سلاسل الإمداد المرتبطة بالصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة).
وتبرز المعادن النادرة، وعلى رأسها الساماريوم، كسلاح جيوسياسي صامت تستخدمه الصين لتعزيز موقعها على طاولة الكبار، ليس فقط بصفتها المُصدر الأكبر، بل بوصفها الجهة الوحيدة القادرة على المعالجة والتكرير على نطاق تجاري واسع.
وتنعكس هذه الهيمنة في اختلال واضح بموازين القوى الاقتصادية، إذ تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم في موقف هش أمام تعنت صيني مدروس، يربط بين الأمن القومي والسيادة على الموارد. فالقدرة على تعطيل إنتاج الطائرات المقاتلة والصواريخ الذكية من خلال تقييد تصدير عنصر واحد فقط، تكشف عن هشاشة الاعتماد الغربي على سلسلة إمداد تسيطر عليها قوة جيوسياسية منافسة.
الساماريوم
في هذا السياق، ذكر تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أن:
الضوابط الصارمة التي تفرضها الصين على تصدير المغناطيسات المقاومة للحرارة المصنوعة من معادن أرضية نادرة تكشف عن ثغرة كبيرة في سلسلة توريد الأسلحة العسكرية الأميركية.
بدون هذه المغناطيسات، سوف تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا صعوبة في إعادة ملء المخزونات المستنفدة مؤخرا من المعدات العسكرية.
لمدة تزيد على عقد من الزمان، فشلت الولايات المتحدة في تطوير بديل لإمدادات الصين من نوع محدد من المعادن النادرة التي تعد ضرورية لتصنيع المغناطيسات الخاصة بالصواريخ والطائرات المقاتلة والقنابل الذكية والكثير من المعدات العسكرية الأخرى .
تشكل المعادن الأرضية النادرة قضية محورية في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين الجارية حاليا في لندن.
ويضيف التقرير: “تُنتج الصين كامل إمدادات العالم من الساماريوم، وهو معدن أرضي نادر وغامض يُستخدم بشكل شبه كامل في التطبيقات العسكرية”، منوهاً بأن مغناطيسات الساماريوم تستطيع تحمل درجات حرارة عالية تكفي لإذابة الرصاص دون فقدان قوتها المغناطيسية. وهي ضرورية لتحمل حرارة المحركات الكهربائية سريعة الحركة في الأماكن الضيقة، مثل مخاريط مقدمة الصواريخ.
في الرابع من أبريل، أوقفت الصين تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة إلى المغناطيسات المصنوعة منها.
تسيطر الصين على معظم إمدادات العالم من هذه المعادن والمغناطيسات.
أعلنت وزارة التجارة الصينية أن لهذه المواد استخدامات مدنية وعسكرية، وأن أي صادرات أخرى لن يُسمح بها إلا بتراخيص خاصة.
وفقًا للوزارة، فإن هذه الخطوة من شأنها “حماية الأمن القومي” و”الوفاء بالالتزامات الدولية، مثل منع الانتشار”.
بدأت الوزارة بإصدار بعض التراخيص لمغناطيسات تحتوي على عنصرين من العناصر الأرضية النادرة المحظورة، الديسبروسيوم والتيربيوم، لشركات صناعة السيارات في أوروبا والولايات المتحدة
ويشار إلى أن المغناطيسات التي تحتوي على هذين العنصرين الأرضيين النادرين، والمستخدمة في أنظمة الفرامل والتوجيه، تستطيع تحمل حرارة محرك بنزين قريب، لكنها لا تتحمل الحرارة العالية التي قد تتعرض لها التطبيقات العسكرية. ولكن لم تظهر أي إشارة على موافقة الصين على تصدير الساماريوم، الذي لا يُستخدم إلا في تطبيقات مدنية محدودة.
تفوق صيني
استاذة الاقتصاد والطاقة، الدكتورة وفاء علي، تقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” من القاهرة:
لا شك أن القفز على الحقائق لن يفيد الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي، في ظل واقع بات واضحاً، لجهة كون الصين هي الملكة المتوجة على عرش المعادن النادرة.
لقد أصبح جلياً أن أغلب المفاوضات الدولية تدور حول هذا المحور، المتعلق بالمعادن النادرة.
في هذا السياق، فرضت الصين قيوداً صارمة على تصدير معدن الساماريوم، الذي يُستخدم في صناعة مغناطيسيات مقاومة للحرارة، مما يشكل أزمة خطيرة تهدد الصناعات الدفاعية والقدرات العسكرية لكل من الولايات المتحدة والدول الغربية.
وتضيف: لقد باتت قضية الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين تتركّز بشكل كبير على المعادن النادرة، وعلى رأسها هذا المعدن الاستراتيجي الذي يشكّل حجر الزاوية في محاولة تعويض أوروبا لمخزونها العسكري من الطائرات والصواريخ التي فقدتها نتيجة دعمها لأوكرانيا في حربها مع روسيا. ومهما ضخت دول الناتو من استثمارات في تطوير الوسائل الدفاعية، تبقى حاجتها إلى المعادن النادرة الصينية أعلى بكثير، ما يعكس الهيمنة الصينية على سلاسل إمداد هذه المعادن
وتشير إلى أن الصين تنتج تقريباً كامل الإمدادات العالمية من معدن الساماريوم، وتنفرد بعمليات معالجته التي تُجرى في ظروف بالغة السرية، ليُستخدم في مختلف التطبيقات الدفاعية والعسكرية المتقدمة، موضحة في السياق نفسه أن هذا المعدن يتميّز بخصائص مغناطيسية قوية وثابتة حتى في درجات حرارة تكفي لإذابة الرصاص، ما يجعله مثالياً لصناعة مقدمة الصواريخ. وتحتاج كل مقاتلة من طراز F-35 إلى نحو 50 رطلاً من هذا المعدن النفيس.