جيو سياسية إدريس ايات يكتب : *الضربة الإسرائيلية الكبرى على طهران: إيران تنزف… والعالم على حافة الاشتعال*
جيو سياسية
إدريس ايات يكتب :
*الضربة الإسرائيلية الكبرى على طهران: إيران تنزف… والعالم على حافة الاشتعال*
في تطوّر غير مسبوق، نفّذت إسرائيل مع فجر اليوم ضربة عسكرية جوية مركّزة ضد أهداف استراتيجية في عمق الأراضي الإيرانية، استهدفت منشآت نووية وقواعد عسكرية، إلى جانب قيادات من الصف الأول في النظام الإيراني.
الضربة التي وُصفت بأنها “الأعنف في تاريخ الصراع غير المباشر بين الجانبين”، أسفرت – بحسب وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية – عن مقتل عدد من أبرز قادة الحرس الثوري وهيئة الأركان، من بينهم اللواء حسين سلامي (قائد الحرس الثوري)، اللواء محمد باقري (رئيس هيئة الأركان)، اللواء غلام علي رشيد، إضافة إلى شخصيات علمية بارزة في البرنامج النووي الإيراني كالعالم فريدون عباسي والعالم محمد مهدي طهرانجي. كما أُعلن عن إصابة مستشار خامنئي علي شمخاني بجروح خطيرة، وتعيين قائد مؤقت لهيئة الأركان خلفًا لباقري.
بحسب تقارير إسرائيلية، فقد سبق العملية اختراق استخباراتي واسع عبر “الموساد”، تم فيه تعطيل أنظمة الرادار والدفاعات الجوية الإيرانية تمهيدًا لتنفيذ ما أُطلق عليه “ضربة قطع الرأس”، مستهدفة مراكز القيادة والمفاعلات النووية، أبرزها منشأة نطنز وآراك وبيرانشهر وكرمانشاه.
وعلى إثره؛ صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرّح عبر “فوكس نيوز” بأن “العديد من القادة الإيرانيين لن نراهم مجددًا”، بينما أكدت مصادر أمريكية أن واشنطن وبريطانيا قدمتا دعمًا لوجستيًا للعملية عبر طائرات الإنذار المبكر “أواكس”، مشيرة إلى أن الضربات نُفذت بتنسيق مباشر بين الجيش الإسرائيلي والبنتاغون.
▪️ الردّ الإيراني:
لم يتضح بعد الردّ الفعل الإيراني، إذ أعلنت إيران إغلاق مجالها الجوي بالكامل ورفعت حالة التأهب القصوى، لكن دون رد عسكري مباشر حتى اللحظة. ومع تصاعد الدخان من المواقع المستهدفة، تعيش إيران حالة من الصدمة، خاصة بعد فشل الدفاعات الجوية في صد الهجوم، وظهور دلائل على اختراق أمني داخلي واسع.
وقد أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي أن إسرائيل “ضربت قلب المشروع النووي الإيراني” وأن العملية ستستمر لأيام، معتبرًا أن “التهديد الإيراني بلغ مرحلة لا يمكن السكوت عنها”، وأن “الوقت الآن هو لحماية إسرائيل، قبل أن يصبح وجودها مهددًا”.
وفي ختام هذه الضربة، تبدو الرسالة واضحة: إسرائيل لم تعد ترى خطوطًا حمراء في معركتها مع إيران. فبعد سنوات من الضربات بالوكالة، انتقلت إلى المواجهة المباشرة، مع دعم ضمني أو معلن من الولايات المتحدة وحلفائها.
▪️ الأسئلة الصعبة: هل انتهى عهد الردع المتبادل؟
برأيي، أعادهذا الهجوم ترتيب أولويات الردع في الشرق الأوسط. لأول مرة، يُزال الغطاء السياسي والعسكري عن قادة إيرانيين داخل بلادهم دون رد فوري. المشهد يُشبه ما بعد اغتيال قاسم سليماني عام 2020، لكن هذه المرة بجملة قيادات دفعة واحدة، في قلب العاصمة، وبدعم حلفاء غربيين.
المعضلة التي تواجه إيران الآن هي أنها:
1.غير قادرة على خوض حرب شاملة حاليًا بسبب الضغوط الاقتصادية والانقسامات الداخلية.
2.مطالبة بردٍّ يحفظ ماء الوجه ويعيد ترميم صورة الردع، دون أن يشعل حربًا إقليمية واسعة.
إن الاحتمال الأقرب هو أن تختار طهران سياسة “الرد المؤجّل” عبر الأذرع الإقليمية، أو بعمليات محدودة عبر المجال السيبراني أو عبر حزب الله والمليشيات العراقية، مع تصعيد نبرة التهديد.
▪️بداية النهاية
لقد حذّرتُ مرارًا أن صمت المجتمع الدولي عن الضربات الإسرائيلية السابقة في غزة، لبنان، وسوريا، ثم إيران، جعل من إسرائيل قوة فوق القانون الدولي، لا ترى في المنطقة سوى أهدافًا “مشروعة” باسم الأمن القومي.
وهكذا، لم تعد طهران ترى نفسها آمنة، ولا القادة في أيّ من الخليج أو الجزيرة العربية، بل في كل الشرق الأوسط اليوم، سواءًا اليوم أو بعدٍ عقدٍ من الآن، إنْ قررّت تل أبيب أن القائد فلاّن وعلاّن يمثل تهديدا وُجوديًا لأمنها القومي. لقد انتهت عقيدة الاحتماء الجغرافي والسياسي، وأصبح القرار العسكري الإسرائيلي أكثر تحررًا، مدفوعًا بمباركة أميركية واضحة.
ما نراه اليوم؛ هو انتقال المنطقة إلى مرحلة جديدة، يمكن تسميتها بـ”الردع العدمي” – حيث لم يعد الردع يُبنى على توازن القوة، بل على الإيمان بأن لا أحد آمن.
تختبر إسرائيل، بدعم غربي، حدود الفعل الأقصى، بينما إيران تترنح بحثًا عن سيناريو “ردّ دون دمار”. في كل الحالات، فإن ما حصل هذه الليلة هو زلزال جيوسياسي حقيقي لن تتوقف توابعه عند إيران، بل ستعيد رسم خريطة قواعد الاشتباك من الخليج إلى المتوسط.
لقد سبق وأن حذّرت من أن سلسلة الاغتيالات المنهجية لقادة حماس وحزب الله وحتى علماء إيران، والتي لم تلقَ إدانات دولية تذكر، قد تفتح الباب أمام هذا النوع من الحروب الوقائية المفتوحة. ومع صمت دولي مريب، يبدو أن إسرائيل باتت تتصرف بوصفها الفاعل الأعلى كلفة في المنطقة، لا ترى أمامها عوائق حقيقية لفرض معادلتها الأمنية بالقوة.
وختامًا، فإن الاختراق الأمني العميق للمؤسسات الإيرانية، سواء عبر الموساد أو من خلال حلفاء داخليين، يشير إلى هشاشة داخلية مقلقة للنظام الإيراني، ويعزز من نظرية “انكشاف العمق الاستراتيجي”، مما سيجعل إيران في المرحلة المقبلة أمام تحدٍّ مزدوج: ترميم القدرة الردعية داخليًا، وإعادة فرض الحضور الإقليمي في ظل ضربة أحدثت خللاً غير مسبوق في توازن القوة.
لكنّ الحقيقة الحتمية والواضحة اليوم: أّنّه لا رداع لإسرائيل بعد اليوم إنْ نجتْ هيَ؛ مع هذه الضربة…