خبر وتحليل عمار العركي *الدعم الكيني والسلاح الإماراتي.. فضيحة توريد الذخائر والتحرك المطلوب*
خبر وتحليل
عمار العركي
*الدعم الكيني والسلاح الإماراتي.. فضيحة توريد الذخائر والتحرك المطلوب*
▪️في سياق تزايد الأدلة على التورط الإقليمي في دعم مليشيا الدعم السريع، صدر تحقيق استقصائي نشرته منصة Bellingcat بالشراكة مع صحيفة ديلي نيشن الكينية، كُشف فيه عن تفاصيل مقلقة تتعلق بتوريد ذخائر تحمل علامات كينية إلى مستودعات تابعة للمليشيا في العاصمة السودانية، في فضيحة ، وادلة جديدة تُضاف إلى سلسلة الأدلة المتراكمة حول الدور الإقليمي الخفي – والمفضوح أحيانًا – في دعم مليشيا الدعم السريع، عبر شبكة معقّدة من الأسلحة والذخائر والتسهيلات اللوجستية العابرة للحدود.
*_فضيحة من نيروبي إلى الصالحة_*
أظهر التحقيق الاستقصائي المصوّر صناديق ذخيرة تابعة لوزارة الدفاع الكينية تم العثور عليها داخل مستودع أسلحة لمليشيا الدعم السريع في منطقة صالحة جنوب أم درمان، عقب استعادة القوات المسلحة السيطرة على المدينة.
▪️ورغم نفي الحكومة الكينية وتأكيدها أن دورها يقتصر على دعم جهود السلام، فإن الصور والمقاطع التي تم توثيقها ميدانيًا، وتحديد الموقع الجغرافي بدقة، تضع علامات استفهام كبيرة على الرواية الرسمية لنيروبي، وتفتح الباب لتساؤلات أكثر عمقًا:
هل تحوّلت كينيا إلى إحدى محطات عبور الدعم العسكري لمليشيا الجنجويد؟
*_كينيــا.. الإمـًارات.. حفتــر… معاً والخرطـوم وحـدهــا تقاتــل_*
▪️تزامن الكشف عن الذخائر الكينية مع تطور خطير آخر على الجبهة الشرقية المتاخمة للمثلث الحدودي، حيث أكدت مصادر ميدانية دخول قوات موالية لـ”القيادة العامة” في شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، إلى منطقة العوينات داخل الأراضي السودانية.
▪️هذا التحرك، الذي جاء عقب سكون مفاجئ في جبهة تشاد الغربية، يعيد التأكيد مجددًا على أن السودان يخوض حربًا متعددة الجبهات – إقليمية ودولية – في آنٍ واحد، وسط صمت وتواطؤ دولي، وتراخٍ واضح في المواقف الإفريقية.
▪️وفي الوقت الذي يواجه فيه الجيش السوداني طوفانًا من السلاح المُهرّب والدعم المنسق، فإن التقاطعات بين التمويل الإماراتي، والتسهيل اللوجستي الكيني، والتدخل العسكري الليبي، ترسم خريطة قاتمة لما يواجهه السودان من مشروع تفكيك لا تُحارب فيه المليشيا وحدها، بل تُدير حربًا بالوكالة عن عواصم إقليمية.
*_السُـودان فـي مواجهـة سـلاح مُهـرّب وتحالفـات صـامتـة_*
▪️المثير في تحقيق Bellingcat أنه يتجاوز “اللقطة الإعلامية” ليفضح منظومة تسليح متكاملة، تشمل ذخائر صينية، روسية، صربية، بل وحتى إيرانية، وجدت طريقها إلى مستودعات الدعم السريع، وسط تأكيدات من مصادر استخبارية دولية بأن العديد من هذه الشحنات وصلت عبر مطارات تشادية، أبرزها أمدجراس، حيث هبطت أكثر من 40 طائرة شحن إماراتية منذ بداية الحرب.
▪️وإذا كانت صناديق الذخيرة الكينية تمثل الحلقة الأحدث، فإن المثير للقلق هو أن بعض هذه الشحنات تم توريدها بعقود رسمية وبأرقام دفعات، مثل العقد رقم 23PTI وAMI/KEN/099/2023، ما يطرح *_سؤالًا مباشرًا:_* ” هل نحن أمام سوق سوداء فوضوية؟ أم أمام صفقات مغطّاة سياسيًا تمر عبر قنوات رسمية لدول معلومة؟”
*_مـا الذي يجب على السودان فعله_ ؟*
▪️في ظل هذه المعطيات، لا يمكن الاكتفاء ببيانات الشجب أو انتظار أن “تتحرك العدالة الدولية”. المطلوب هو تحرك استباقي، شامل، ومحسوب، على النحو التالي:
*1* – تصعيد دبلوماسي شامل، يشمل تقديم ملف موثّق إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والإيغاد، والدول المؤثرة، يتضمن تفاصيل الأدلة المستخرجة من الميدان.
*2* – مطالبة رسمية بتحقيق دولي مستقل، بشأن شبكات الإمداد بالسلاح التي تصب في خزائن مليشيا الدعم السريع، على غرار لجان التحقيق في ملف ليبيا واليمن.
*3* – إعادة تعريف المعركة إقليميًا، باعتبار أن الدعم العسكري القادم من دول الجوار لمليشيا متمردة يرقى إلى حالة عدوان موصوفة في القانون الدولي، تبرر إعادة النظر في الاتفاقات الثنائية والإقليمية.
*4* – تحرك إعلامي خارجي منسق، لتوضيح حقيقة الصراع، وعرض الأدلة على الرأي العام الدولي، عبر لقاءات رسمية، وتواصل مباشر مع المنظمات، ومراكز التأثير الكبرى.
*5* بناء تحالفات جديدة مع دول وقوى إقليمية متضررة من تمدد ذات المحور (الإمارات – حفتر – بعض أجنحة إيغاد)، لدعم السودان في معركة البقاء والسيادة.
*6* – استثمار المرونة التي ظهرت في الموقفين الإفريقي والإيغادي مؤخرًا، وتحديدًا من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي شريف، وسكرتير الإيغاد الإثيوبي ورقنو قبيهو، اللذين أبديا خلال الأيام الماضية إشارات انفتاح واضحة تجاه السودان .
▪️وهنا، لا بد من التذكير بأن الدعوات الوطنية المتكررة – ومن بينها ما ظلّ يُطرح في هذا العمود – كانت تنادي منذ أشهر بضرورة تحرّك دبلوماسي ميداني مباشر على أعلى مستوى، تقوده القيادة السيادية ممثلة في رئيس الوزراء د. كامل ادريس ، عبر جولة إقليمية تشمل العواصم الإفريقية المؤثرة وذات الثقل، لكسب التأييد السياسي، وتوفير غطاء شرعي ودبلوماسي قوي لرفع التعليق واستعادة عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي.
▪️الآن، ومع بوادر إيجابية ظهرت لأول مرة منذ اندلاع الحرب، فإن الفرصة سانحة لاستثمار هذه الأجواء وتحويلها إلى موقف رسمي داعم – أو على الأقل غير معرقل – لاستعادة مكانة السودان داخل الأسرة الإفريقية.
*_خلاصــــة القــــول ومـنتهـــاه_*
▪️بين ذخائر كينية في أم درمان، وصواريخ صينية في العوينات، ودعم لوجستي عبر مطارات تشادية، فإن حقيقة الحرب على السودان لم تعد قابلة للإنكار أو التغافل.
▪️السودان لا يقاتل مليشيا فحسب، بل يقاوم مشروعًا إقليميًا ودوليًا متكاملاً يسعى لتفكيكه، ونهب موارده، وتدمير جيشه.
وإن لم يكن هذا مبررًا كافيًا لليقظة والتحرك الجماعي السريع، فما هو المبرر إذًا؟