منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر وتحليل  عمار العركي *”حكومة الأمل” بين الحُلم الجميل وواقع الدولة المُنهكة*

0

خبر وتحليل

عمار العركي

*”حكومة الأمل” بين الحُلم الجميل وواقع الدولة المُنهكة*

* في أول خطاب رسمي له ، وضع رئيس الوزراء د. كامل إدريس ملامح حكومته التى أسماها ” *حكومة الأمل المدنية* “، والتي يرى فيها بوابة العبور نحو سودان جديد، ينهض من بين ركام الحرب و الإنهيار، ويستعيد الأمل المفقود في الدولة والعدالة والكرامة الوطنية.
* الخطاب كان شاملاً، غنيًا بالمضامين، مرتبًا من حيث الشكل والمحتوى، وظهر فيه الدكتور كامل كـ” *رئيس دولة* ” لا مجرد رئيس وزراء، وهو يُخاطب السودانيين بروح المسؤول الوطني الحالم، لا الحاكم التقليدي المترهل، *_لكن تبقى المعادلة الأصعب_ :* هل تكفي النوايا الطيبة والخطط النظيفة وحدها لإصلاح وطن تمزقه الحرب وتعيقه الحزبية والجهوية و المصالح؟”
*_حكومة بلا أحزاب، حلم أغلبية السودانيين_؟*
* أكد د.كامل إدريس أن حكومته *لن تكون حزبية* ، بل تعتمد على الكفاءات المستقلة من خارج التنظيمات السياسية، في خطوة يصفها كثيرون بأنها تعبّر عن أشواق شعبية واسعة تتوق لكسر دائرة المحاصصات الحزبية التي أفقدت الدولة السودانية بوصلتها على مدى عقود. *لكن يبقى السؤال الواقعي* : هل يستطيع كامل إدريس أن يشكل حكومة ” *لا حزبية* ” في بلد تتقاسمه النفوذ الحزبي والقبلي والجهوي؟ وهل تستطيع هذه الحكومة أن تصمد أمام ضغوط الداخل والخارج التي اعتادت التحكم في مفاصل السلطة؟
*_هيكل ضخم… ورؤية طموحة_*
* عرض رئيس الوزراء هيكل الحكومة المرتقبة المكون من 22 وزارة، إضافة إلى عدد من الهيئات والمجالس، مثل هيئة النزاهة والشفافية، والمجلس القومي للتخطيط، وجهاز الاستثمار مع لمسة تحديث واضحة، عبر استحداث وزارات مثل التحول الرقمي، التربية الوطنية، البيئة و الاستدامة ، بما يعكس عقلية رجل دولة يواكب العصر.
* *لكن، هل تسمح ظروف السودان الاقتصادية والسياسية بإنشاء كل هذه الوزارات والهيئات* ؟أليس الأولى تقليص الهيكل الحكومي بدلاً من توسيعه، في بلد يشكو من الإفلاس ودمار البنية التحتية؟ أم أن الرؤية تقوم على “إعادة التأسيس”، لا مجرد إدارة الأزمة؟
*_الشفافية… عبر دعوة عامة للكفاءات_*
* في سابقة ربما الأولى من نوعها، دعا رئيس الوزراء كل الكفاءات الوطنية المستقلة *لتقديم سيرهم الذاتية للمشاركة في بناء الحكومة* . خطوة نبيلة من حيث المبدأ، تهدف لكسر النمط القديم في التعيينات، وفتح الباب للمستحقين من كل الجهات ، *لكن هذا الطرح يصطدم بسؤال شائك:* من سيُفاضل بين هذه السير؟ وبأي معايير؟ وهل هناك جهة محايدة تملك القدرة والنزاهة لفعل ذلك؟نخشى أن تتحول هذه المبادرة الجميلة إلى مجرد ” *عرض شكلي* “، إذا لم تُحصن بمنهج دقيق وشفاف وعادل.
*_خطاب الدولة أم مشروع فرد_ ؟*
* اللافت في خطاب الدكتور كامل أنه جمع بين نَفَس رجل الدولة وحِدّة القائد التنفيذي؛ تحدث بثقة، ووضع خطوطًا واضحة، *وأعلن أنه سيحتفظ بحق اختيار الوزراء بنفسه* ، بناءً على رؤيته ومعاييره. وهنا تبرز جدلية مهمة: هل نحن أمام حكومة وطنية مدنية جماعية؟ أم أمام مشروع إصلاحي فردي يصطدم لاحقًا بمشروع مؤسس للفساد السياسي والوطني واللا دولة؟
*_بين الأمل والتحدي: كلمة أخيرة_*
* لا شك أن خطاب رئيس الوزراء د. كامل إدريس قدم صورة مشرقة ومليئة بالطموح، واستعاد لدى كثير من السودانيين حنينهم لدولة القانون، والعدالة، والمساواة، لكن الطريق أمام “حكومة الأمل” طويل ووعر.
* فالمشهد السياسي غير مستقر، والمشهد الأمني هش، والموارد شحيحة، والتدخلات الخارجية أكثر وقاحة من أي وقت مضى.فإذا أرادت الحكومة المرتقبة أن تحوّل “الأمل” من مجرد شعار إلى واقع ، عليها أن تبدأ من ترميم الثقة بين المواطن والدولة، وأن تصمد أمام الضغوط، وتواجه عقلية التمكين ، وأن تضع الشخص المناسب في المكان المناسب فعلاً، لا عبر الخطب ، وإلا، فإن الحكومة ستبقى مشروعًا ذهنيًا جميلاً، ينضم إلى أرشيف النوايا الحسنة التي لم تجد طريقها إلى الواقع، ويبقى السؤال: *هل كتب كامل إدريس اليوم خطاب بداية العهد الجديد… أم وثيقة وداعٍ مبكر* ؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.