منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

✍️ د محمد صالح الشيخابي *هل نُدير الدولة بـ (الواتساب)؟*

0

✍️ د محمد صالح الشيخابي

*هل نُدير الدولة بـ (الواتساب)؟*

محمد صالح ابراهيم الشيخابي

السيد كامل إدريس – في خطابه الأول – رفع كتابين أمام الكاميرات قائلاً إن أحدهما يحمل رؤيته لحكم السودان.. والآخر خطة تنفيذها. كان المشهد مرتبًا لكنه أيضًا كاشف لنمط تفكير يبدو حالِما ً أكثر من اللازم… وكأننا أمام مشروع تخرّج لطالب جامعي لا أمام رئيس وزراء لدولة في حالة حرب وتفكك اقتصادي ومجتمعي.
..

و الآن .. و في خطوة فاجأت الكثيرين.. خرج الدكتور كامل إدريس – رئيس الوزراء المعيّن حديثًا – في تسجيل مصور يدعو من يرى في نفسه الكفاءة لتولي حقيبة وزارية أن يرسل سيرته الذاتية عبر تطبيق واتساب. !!!

ولأن السودان في لحظة حرجة من تاريخه ..فإن كل مبادرة صادرة من رأس الدولة تستحق التوقف والتأمل.. لا سيما حين تمس عملية تشكيل الحكومة.

ما الذي أراد كامل إدريس قوله و هل دعوته هذه جدية ؟

ببساطة ربما أراد الرجل أن يخرج من عباءة المحاصصة الحزبية والتكليف بالولاءات و النخب القديمة. أراد أن يقول للناس: *((من يملك الكفاءة فليتقدم))* لا فضل لحزب على آخر ولا لقبيلة على أخرى .
في جوهرها هذه دعوة تبدو ثورية ومبشّرة بقطيعة مع ماضٍ خربته الصفقات السياسية.

*لكن… هل تكفي النوايا؟؟؟*

ففي السياسة لا تُقاس الأمور فقط بنوايا أصحابها بل تُوزن بمعيار القدرة على التطبيق ووضوح الآليات ومتانة المؤسسات.

*والسؤال هنا* :
هل يُعقل أن تُدار عملية اختيار وزراء الدولة عبر رسائل هاتفية على وسائل التواصل الاجتماعي؟!
وأين هي المعايير ؟ من سيفرز ؟ من يُقَيِّم ؟ من يزكِّي أو يستبعد ؟ وأين الشفافية في كل هذا ؟

السياسة ليست مسابقة توظيف يا سيدي الرئيس.. و .. *الحكومة ليست شركة تبحث عن موظفين* بل منظومة متشابكة تتطلب الخبرة الإدارية والسياسية وتراعي التوازنات الجهوية وتحتاج إلى جهاز استخباراتي يتحقق من خلفيات المرشحين للوزارات وسجلات النزاهة والانتماءات.

الواتساب لا يقدم هذا ولن يقدمه !!

الحلم جيد. بل ضروري لكن الحلم الذي لا ترفده مؤسسات ولا تُسانده أدوات واقعية قد يتحوّل إلى عبء على الناس بدلًا من أن يكون طوق نجاة لهم. و ما بين الحلم والحكمة نحن لا نستهين بالحلم النبيل الذي راود الدكتور كامل إدريس. بل إننا نثمّن كل محاولة للخروج من النظام القديم البالي. ولكننا – بصدق – نأمل ألا تكون هذه الحماسة *ساذجة* وألا تكون مقدمة لفوضى بيروقراطية جديدة تُبنى على شعبوية اللحظة.

*خاتمة* :

إذا أراد الدكتور كامل أن يبني حكومة وطنية قوية فعليه أن ينقل فكرته من الواتساب إلى مؤسسة واضحة مستقلة وشفافة تتولى الترشح والفرز. أما مجرد فتح صندوق رسائل فذاك لا يصنع دولة بل يفتح الباب لعبث قادم.

د. محمد صالح الشيخابي..
يونيو 2025

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.