منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!. (٤—٧) ✒️ صهيب حامد

0

الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!. (٤—٧)

✒️ صهيب حامد

صهيب حامد

حسناً.. أما وقد وضعت الحرب الإيرانية-الإسرائيلية أوزارها فهل بالمكنة تحليل المؤشرات التي منحتنا إياها هذه الإثنتي عشر يوم وهي عمر المعركة بين إيران من جانب والولايات المتحدة وإسرائيل من جانب آخر!!؟. كذلك وما الذي تحقق من الإستراتيجية الإيرانية في ثنايا هذه الحرب ، وما الذي تحقق من الإستراتيجية الإسرائيلية ، كذلك ما الذي تحقق من الإستراتيجية الأمريكية ، ومن يدٍ ما الذي جنته كل من الصين وروسيا من وراء ذلك؟. ومن بعد ذلك ما هو المتغير الجيوسياسي الذي أحدثته المعركة في العالم والمنطقة؟.لقد خاضت إيران هذه الحرب وفق ما يسمى بإسترإتيجية الدفاع السلبي والردع الصاروخي ، فإلى إيِّ مدى نجحت في تحقيق أهدافها وفق هذه الإستراتيجية!؟. يقول المحلل العسكري التركي محمد أُون المش أن هناك حقائق واقع إنبنت عليها إستراتيجية الدولة الإيرانية في هذه المعركة وهي إستراتيجية (الدفاع السلبي).. الحقيقة الأولى امتلاك إيران أسطول متهالك من الطائرات في سلاح جوها الذي ورثته (الثورة الإسلامية) من (إيران الشاهنشاهية) ممثلاً في طائرات (فانتوم ٤٠٤) و (فايف كات) و (إف٤) و(إف٥) و(إف١٤). يقول محمد أون المش مسهباً أن هذا الأسطول جميعه طائرات أمريكية كانت الأحدث في ذلك الوقت من سبعينيات القرن العشرين لطبيعة العلاقة الحميمة بين نظام (الشاه) والولايات المتحدة التي إستخدمت النظام الإيراني أنذاك كشرطيٍ للمنطقة!!. بيد أن إيران إكتشفت في خضم حربها مع العراق (١٩٨٠-١٩٨٨م) حاجتها لتجديد أُسطولها الجوي فإشترت من الإتحاد السوفيتي طائرات (Mig 29). ولكن للأسف لم تتمكن الدولة الإيرانية من إمتلاك طائرات أرقى من (Mig29) منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وإلى اليوم خصوصاً بعد فشل صفقتها مع روسيا لشراء طائرات السوخوي ٣٥ (SU35) ، وكذلك فشلت في إستثمار تحويل الصفقة المصرية (الملغاة تحت ضغوط أمريكية) لشراء السوخوي ٥٧ (SU57) من روسيا لصالحها لأسباب مجهولة وهو ما سوف نسهب فيه لدى تحليلنا الموقف الروسي في هذه الحرب.

الحقيقة الثانية التي توجّب على إيران التعامل معها هي إفتقارها لأنظمة دفاع جوي متقدمة وحديثة ، حيث حاولت إيران ما بعد الثورة (١٩٧٩م) لزمن طويل إستدامة إستخدام أنظمة (Hawk) للدفاع الجوي التي كانت الأحدث حين منحتها الولايات المتحدة لنظام الشاه ، ولكن لدي إندلاع الحرب العراقية الإيرانية برزت حاجة الدولة الإيرانية لأنظمة دفاع جوي أكثر تطوراً فلم تتمكن من الحصول عليها من الإتحاد السوفيتي الذي كان يمنح الأولوية لحليفه القديم (العراق). وهكذا كي يضطر الجيش الإيراني لتطوير نفس الأنظمة الأمريكية القديمة (هوك) للنسخة الإيرانية الحالية (شاهين) وهو المستخدم إلى اليوم في إيران. وأخيراً دخلت الدولة الإيرانية في العام ٢٠٠٧م في مفاوضات مع روسيا لإمتلاك أنظمة (S300) والتي كانت الأحدث آنذاك ، ولكن لم يتمكن الجيش الإيراني من إتمام الصفقة إلّا في العام ٢٠١٧م وهي مسألة موحية سوف نتعرض لها بعد قليل!!. إذن الضعف المزمن الذي لا حلّ له في سلاح الجو الإيراني وأنظمة دفاعها الجوي ألجأها لإستراتيجية (الدفاع السلبي والردع الصاروخي) ، فلقد أقامت إيران مشروعيها الإستراتيجيين (النووي والصاروخي) تحت الأرض في العمق الجبلي لسلسلة (زاغاروس) حيث يمتاز مفاعل فوردو (Fordow) ببنائه في عمق أكبر من مفاعل نتنز (Natanz) ، كذلك هو الحال مع موقع أصفهان لمعالجة اليورانيوم حيث قيل أن إيران تمتلك ما لا يقل عن ١٩ منشأة نووية على طول إيران وعرضها!!. كذلك تم بناء مصانع الصواريخ البالستية في كهوف عميقة ، وهو المشروع الذي بدأ التفكير فيه منذ الحرب العراقية – الإيرانية بعد إستهداف العراق للمدن الإيرانية بصواريخ إسكود (Skud) السوفيتية. الرؤية الإستراتيجية للدولة الإيرانية بخصوص تطوير وسيلتها للردع (الصواريخ البالستية) الذي دُشّن منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي تقوم على عدم جدوى إستراتيجية منافسة العدو في المضمار التقليدي الذي يتفوق فيه (الطيران) حيث دأبت الولايات المتحدة على منح إسرائيل أرقى أجيال سلاحها الجوي (F35) الشبحية من الجيل الخامس متقلصة المقطع الراداري وهو ما لا يمكن لإيران مجاراتها فيه آنذاك!!. لقد إستطاعت إيران خلال ٤٠ عاماً إنشاء المشروع الصاروخي الأكثر تطوراً في الشرق الأوسط ، حيث بدأت إيران مشروعها بإستخدم (الوقود السائل) لتشغيل صواريخها ذات المدى بين ٦٠٠-٧٠٠ كيلو حين كان العدو هو العراق. ولكن حين تحول هدف الردع الإيراني لإسرائيل تحولت إيران لاستخدام الوقود الصلب في مشروعها الصاروخي الذي مكنها من زيادة المدى الصاروخي لألف – ألفين كيلو متر مثل الصواريخ الفرط صوتية (Hypersonic) التي تتجاوز سرعتها من ٥ – ١٦ ماخ وهو المشروع الأحدث والأضخم في الشرق الأوسط منتِجاً صواريخ فتاح١ وفتاح٢ وسجيل وعماد وخيبر وغيرها ، فوصلت إيران بهذا المشروع مدى لم تصله أي جهة في المنطقة كسلاح ردع في مواجهة إسرائيل!!.كذلك فلقد طوّرت إيران مشروعها للطيران المسيّر وقد تمثّل ذلك في إنتاج مسيرات الأحدث (شاهد ١٣٦) و(مهاجر) وهي المسيّرات التي إستخدمتها روسيا في الحرب الروسية الأوكرانية وقد إستخدمتها إيران كذلك في حربها الأخيرة مع إسرائيل.

حسناً.. ووفق المعلومات أعلاه يمكننا تقييم الوضع الإستراتيجي لإيران في حرب الاثنتي عشر يوم. أولا فلقد أحوج ضَعف أسراب الطيران وأنظمة الدفاع الجوي إيران إستخدام إستراتيجية (الدفاع السلبي) حيث أخفت طائراتها وأنظمة دفاعها الجوي مخافة تدميرها من قبل الطيران الإسرائيلي الذي أحرز سيطرة غير مخفية على السماء الإيرانية. ولكن لم تحقق هذه السيطرة الجوية أي تفوق إستراتيجي لإسرائيل لعدم قدرتها على الإستهداف الإستراتيجي لمشروعي إيران الأساسيين (النووي والصاروخي). ولكن بعكس من يعتقد أن إيران لم تنجح في خلق ردع إستراتيجي ضد إسرائيل عبر الإستهداف الصاروخي (يزعم هؤلاء أنها أحرزت فقط قدرة تكتيكية على إصابة الأهداف عدا مركز وايزمان) وهو ما سوف يجعل هذا المشروع باهظ التكاليف بمقارنة النتائج المرجوة بالنتائج المتحققة. لكن يسقط من حساب هؤلاء أن ضمن ما تحقق إستراتيجياً من إستخدام سلاح الردع الصاروخي أولاً سقوط نظرية منظومة الدفاع الجوي متعددة الطبقات الإسرائيلية (Multi—layered air defence system) التي تأكد إستنزافها وفشلها في التصدي للصواريخ البالستية والفرط صوتية الإيرانية وإمكانية خداعها والتشويش عليها وهو ما أدّى بإسرائيل لإيقاف الإعتداء.ثم ثانياً تحييد دول الخليج بعد إبراز إيران قدرتها الردعية خصوصاً في ظل إمتلاكها (أي دول الخليج) بيوت زجاجية سهلة الهشيم في حال تنسيقها مع الولايات المتحدة أو إسرائيل ضد الدولة الإيرانية. وثالثاً تحميل بعض اليورانيوم المشع ضمن العبوات الناسفة الصاروخية وهو وسيلة ردع استراتيجية في حال توجيه الضربات المميتة أو المستهدفة لاسقاط النظام في إيران. ثم أخيرا قدرة إيران على نقل جزء من قدرتها الصاروخية لقوات أنصار الله باليمن مما سوف يخلق قوة ردعية ضد أي تنسيق خليجي مع أمريكا أو إسرائيل ضد اليمن وكذلك القدرة على أصابة القوات الأمريكية في البحر الأحمر أو قاعدة (دييجو غارسيا) بالمحيط الهندي إنطلاقاً من اليمن.. نواصل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.