*الحرب في دار الريح … نظرة من الداخل! (4)* محمد التجاني عمر قش
*الحرب في دار الريح … نظرة من الداخل! (4)*
محمد التجاني عمر قش

لم تكن دار الريح فقط موطناً لمن يتعاونون مع الأجنبي والمتمرد، بوعي أو بدونه، بل استغلت كذلك لتكون معبراً للإتجار بالبشر من دول القرن الإفريقي ومروراً بدار الريح إلى ليبيا! وكل هذا يشكل مهدداً للأمن القومي، ومصدرا للزعازع العابرة للحدود، خاصة بعد انتشار السيارات والأسلحة الحديثة، ووجود جماعات الجريمة المنظمة التي اغضت مضجع كثير من الدول ومن بينها الاتحاد الأوروبي الذي سعى لمكافحة تلك الجريمة، ولكنه مع الأسف الشديد تعاون مع الدعم السريع مما ساعد الأخير على الحصول على مبالغ طائله استخدمها في شراء ذمم كثيرة ومكنته من بسط نفوذه وسيطرته على مواقع كثيرة في دار الريح بذريعة حفظ الأمن ومطاردة تجار البشر والمخدرات ومكافحة الجرائم العابرة للحدود! وبعدما أنشئ حرس الحدود استطاع حميدتي أن يضمه لقواته على حين غفلة من جهات الاختصاص.
ويضاف إلى ذلك أن الاضطرابات السياسية وتوتر علاقات السودان بدول الجوار، عبر الحقب المختلفة، قد ساهمت بقدر كبير في جعل دار الريح معبرا لكثير من الجهات التي تبحث عن متعاونين معها يخدمون أجندتها في الداخل السوداني. وعلى سبيل المثال عندما توترت العلاقات بين نميري والسادات، سعت المخابرات المصرية لنشر السلاح في شمال دارفور وأطراف دار الريح، فكانت بندقية الكلاشنكوف تباع بخروف فقط، وقد سمعت ذلك بأذني من أحد ضباط المخابرات المصرية الذين شاركوا في تلك العملية!
وفي الفترة التي توترت فيها العلاقات بين السودان وليبيا، والحرب الليبية التشادية دخلت مجموعات إجرامية كثيرة عبر الحدود وقد جلبت أسلحة حديثة وفتاكة، ووصلت حتى دار الريح وأدى ذلك إلى انتشار ظاهرة النهب المسلح، وقد كانت تلك فترة سوداء في تاريخ دار الريح لأنها أدت إلى نتائج وخيمة، حيث برزت مجموعات متلفتة زعزعت الأمن في المنطقة بشكل غير مسبوق!
وعندما حلت حكومة مايو الإدارية الأهلية أدى ذلك إلى انفلات أمني واسع النطاق خاصة بعد إسناد الأمر إلى بعض الأفندية قليلي الخبرة في الإدارة وتنقصهم المعرفة بطبيعة المكونات البشرية في دار الريح، وساعد ذلك إلى تطلع زعامات تفتقر للأهلية لتسنم الموقف وبالتالي صار همهم الأول والأخير تعزيز مواقفهم الشخصية وملأ جيوبهم من غير نظرة لحلال أو حرام فتصدروا المجالس، وصاروا يتلقفون كل قادم لدار الريح سواء من جهة رسمية أو غيرها، في غياب تام لأية أجهزة إدارية أو عسكرية أو أمنية على طول المسافة من غرب أم درمان حتى شمال دارفور! هذه الفئة من الناس هي التي كانت عجينة طائعة في يد حميدتي فسخرها لخدمة أغراضه مقابل المال والجاه والسلاح خصوصا بعد سقوط الإنقاذ.
عموماً، دار الريح قد تكون ضحية للإهمال من قبل الجهات الرسمية، وتطلعات بنيها لتحقيق مكاسب بدون توخي مشروعيتها!
23/7/2025
