منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

منال الأمين عبد الله تكتب : *الخرطوم.. من أجمل العواصم رغم الجراح*

0

منال الأمين عبد الله تكتب :

 

*الخرطوم.. من أجمل العواصم رغم الجراح*

الخرطوم، تلك العاصمة السودانية التي تجلس شامخة عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، تملك من الجمال ما لا يمكن أن تحجبه الأزمات، ومن السحر ما لا تذويه الأيام. مدينة تزهو بملامحها الإفريقية والعربية، وتفوح منها رائحة التاريخ والحضارة.

ليست الخرطوم مجرد عاصمة سياسية، بل هي قلب نابض بالثقافة، ومهد للتنوع الاجتماعي، ومنصة للحراك الوطني منذ بدايات الاستقلال. تمتاز بتنوع أحيائها من بحري إلى أم درمان، ولكل ركن فيها قصة، ولكل زقاق فيها ذاكرة لا تُنسى.

جمال الموقع وروعة الطقس

تقع الخرطوم في موقع استراتيجي عند نقطة التقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق، مشكّلة منظرًا طبيعيًا يأسر القلوب. وتحيط بها مساحات خضراء ونخيل باسق، فيما يشكل كورنيش النيل لوحةً فنيةً خلابة تتغير ألوانها مع شروق الشمس وغروبها. ورغم المناخ الحار في بعض الفصول، إلا أن المساء يحمل نسائم عليلة، تجعل من جلسات النيل سحرًا لا يُضاهى.

الخرطوم ليست وليدة اليوم، بل هي مدينة تنبض بعبق التاريخ. فقد كانت مسرحًا لأحداث مفصلية في تاريخ السودان، من الثورة المهدية إلى الاستقلال، وما تلا ذلك من تحولات سياسية واجتماعية. لا تزال المعالم الأثرية مثل “القصر الجمهوري”، و”جامع فاروق”، و”متحف السودان القومي” تحكي قصصًا عن مجد قديم.

ثقافة وهوية سودانية خالصة

في الخرطوم تلتقي الثقافات، وتتناغم اللهجات، وتزدهر الفنون. من أسواقها الشعبية كـ”سوق أم درمان” إلى قاعات الجامعات، ينبض المكان بحياة فكرية وإبداعية متميزة. الأغاني السودانية، و”الدوبيت”، و”الطنبور”، كلها تجد لها جمهورًا في المدينة التي لا تنام. والزي السوداني التقليدي، سواء الجلابية والعِمّة للرجل أو التوب للمرأة، يعطي المدينة طابعًا فريدًا وهوية واضحة.

الخرطوم اليوم.. بين الألم والأمل

رغم ما مرت به الخرطوم من أحداث مؤلمة في السنوات الأخيرة، بفعل الحروب والنزاعات السياسية، فإنها لم تفقد بريقها، ولم تنحنِ. بل بقيت مفعمة بالأمل، ينتظر أهلها عودة الحياة، ويُراهنون على النهوض من تحت الركام. فما زالت الروح حية، وما زال الحنين يسكن قلوب من هجروها قسرًا، وما زالت الأغاني تُغنّى في حبها

الخرطوم، مدينة تستحق أن تُسمى “عاصمة الجمال والإرادة”. جمالها لا يقتصر على مناظرها، بل في أهلها الطيبين، في ضحكة طفل في أحد شوارعها، وفي يد امرأة تصنع الخبز لصغارها رغم الضيق. هي مدينة لا تموت، بل تتجدد في كل مرة، كما يتجدد النيل في مجراه.

وستبقى الخرطوم، رغم كل شيء، من أجمل العواصم.. ومن أكثرها صبرًا.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.