منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*انزلاق آخر ..!!* الطاهر ساتي

0

*انزلاق آخر ..!!*

الطاهر ساتي

:: الحمد لله على كل حال، فالمآسي في بلادنا تعيد نفسها (كما هي)، بحيث شهدت منطقة شرق جبل مرة – للمرة الثانية – ظاهرة الانزلاق الأرضي يوم أمس الأول، وذلك بقرية ( ترسين)، و أودت الكارثة بحياة كل أهل القرية المقدرعددهم بالف مواطن، لهم الرحمة والمغفرة بإذن الله..ولم ينج غير مواطن واحد فقط لاغير، وإنّا لله و إنا إليه راجعون .. !!

:: وهذا ما حدث في ذات المنطقة – شرق جبل مرة – في سبتمبر العام 2018، بحيث تعرضت قرية ( ترباء ) إلى أمطار وسيول جرفت التربة وعرت الصخور، لتنزلق وتجتاح القرية الواقعة تحت سفح الجبل..مات ما يُقارب الخمسين مواطناً، وكانوا من الأطفال والنساء وكبار السن، إختنقوا وماتوا تحت ركام الجبل..!!

:: قبل عام من الحادث كنت هناك، وكانت قرية ترباء ورفيقاتها بجبل مرة تئن بآثار الحرب، وكانت مشاعر الأهل منشطرة ما بين التوجس والحزن وترقب الغد المجهول.. ومن قمة الجبل كتبت ما يلي بالنص : ( ليت رصف الطرق وبناء السدود و مد الجسور وحصاد المياه انطلق (من هنا)، وليت خدمات المياه والكهرباء وشبكات الإتصالات توفرت هنا قبل أي مكان آخر..

:: هكذا الأماني في تخوم جبل مرة وأرياف زالنجي وقرى كأس ونيالا وغيرها من أرض الخيرات.. فالمواطن هنا منتج، ويقدس الإنتاج، وكذلك المواطنة.. وسيان أحمد وفاطمة حين تشرق شمس العمل..يتقاسمان الكد زرعاً في الحقل وبيعاً في السوق ورعياً في البادية.. ولأن لكل مجتهد نصيب، تمتلئ أسواق دارفور بخيرات المجتهدين في قرى جبل مرة..

:: والمؤسف أن الإنتاج هنا مهدر..أسعار اللحوم والألبان والأجبان والخضر والفاكهة في مواقع الإنتاج لا تلبي طموح المنتج، فالأسعار هزيلة في مواسم الإنتاج والإنتاج وفير لحد الكساد، زرعاً وضرعاً، ليس في فقط في محليات جبل مرة، بل في كل محليات دارفور.. ومع ذلك، المنتج فقير ومسكين، لسوء التسويق.. وسوء التسويق مرده العزلة..

:: والأهل هنا، بقمم الجبل و السفوح، ليسوا بحاجة إلى إغاثة كما يتوهم البعض، بل بحاجة إلى الخدمات .. كهرباء ومياه وشبكات طرق توزع الإنتاج وتنقذه من الكساد، وفي هذا تحفيز للمنتج و تأمين لحياة الأهل.. صناع القرار لا يعلمون بأن اليد المنتجة حين يكسد إنتاجها تدع الإنتاج وتحمل السلاح، تمرداً على التجاهل أو ليعيش بقوة السلاح ناهباً ..)

:: تلك هي الأسطر التي كتبتها من قرى جبل مرة المنكوبة بكوارث الحرب والنزوح والانزلاق.. و قرى جبل مرة هي ليست محض قرى، بل هي جنة الله في الأرض لولا بعض البشر، أي الذين يعكرون صفو الحياة .. تلك هي أسطر ذاك العام، و المؤسف لم يتغيّر أي شئ .. فالحرب هي الحرب و الانزلاق هو الانزلاق و الضحايا هم الضحايا و المراثي هي ذاتها .. !!

:: لم يكن في الخيال أن تشهد قرية ترسين – في سبتمبر العام 2025 – ذات الكارثة التي شهدتها قرية ترباء في سبتمبر العام 2018، أي بعد سبع سنوات ونيف، وهي فترة تكفي للعظة و الإعتبار و إخلاء القرى المهددة بالمخاطر وتأمينها بالتخطيط والتوزيع، لو كانت هنالك دولة بمعنى الدولة، و نخب بمعنى النخب، و مسؤولين حقاً و ليس مجازاً..!!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.