*ماذا يجري في دار الريح؟* محمد التجاني عمر قش *”وظلم ذوي القربى أشد مضاضة علي من وقع الحسام المهند”*
*ماذا يجري في دار الريح؟*
محمد التجاني عمر قش
*”وظلم ذوي القربى أشد مضاضة علي من وقع الحسام المهند”*
تشهد منطقة دار الريح، الواقعة في ولاية شمال كردفان، أوضاعا متصاعدة جعلت منها بؤرة للتوتر الإنساني والأمني والاجتماعي. ومع أن هذه المنطقة يعيش فيها نسيج اجتماعي يكاد يكون متجانس يعرف عنه الهدوء وتبادل المصالح والاعتماد على الرعي والزراعة ، إلا أن ذلك قد ذهب أدراج الرياح في الآونة الأخيرة بسبب الانفلات الأمني الذي تشهده دار الريح؛ خاصة الأطراف الشمالية منها والطرق التي تربطها بالولاية الشمالية!
إن مشكلة دار الريح ليست الحرب وحدها، فتلك كارثة قد اجتاحت البالد بأكملها، وأصاب دار الريح منها ضرر بالغ تمثل في النزوح والتشريد والقتل ونهب الأموال وتعطيل الخدمات، ولكن ما فاقم الوضع في دار الريح شيء مما صنعت فئة من أهلها نسيت العرف ومتطلبات حسن الجوار والعلائق بين مكونات المجتمع وولغت في الكسب الحرام باستخدام السلاح والعنف المفرط واستغلال ظروف الضعفاء والعزل من مستخدمي الطرق البرية. هؤلاء الناس امتهنوا قطع الطريق بين الولاية الشمالية ودار الريح فلا يكاد يمر يوم إلا وارتكبت جريمة سطو منظم ضد العابرين وممتلكاتهم من عربات ومنقولات شخصية فيفقدون ما يملكون وربما أرواحهم في طرفة عين جراء اعتداء أناس خلت قلوبهم من الرحمة والإنسانية. ونتيجة لذلك كادت الحركة التجارية تتوقف عبر دورب شمال كردفان حيث توجد مجموعات من قطاع الطرق ومعتادي الإجرام في ما بات يعرف بالارتكازات أو الخيام.
وحسب المعلومات المتوفرة من عدة مصادر ذات مصداقية فإن شخصيات نافذة ضالعة في هذه الممارسات البشعة التي تتنافى مع العرف وكريم الأخلاق، وهذه الشخصيات تنسق مع قطاع الطرق ويصلها نصيب مفروض مما يجمع من أموال حرام منهوبة من المواطنين الضعفاء، مقابل توفير الحماية الإدارية للمجرمين والدفاع عنهم وتبرئة ساحتهم أمام المكونات الأخرى بحجة وجود متفلتين أو شفشافة تصعب السيطرة عليهم وتلك لعمري حجة داحضة تماماً؛ لأن الذين يمارسون النهب والسلب وقطع الطريق أفراد معروفون بسيماهم واسمائهم وفروعهم وأماكن أقامتهم.
هذه الفئة من مكونات دار الريح حددت موقفها النفعي والانتهازي منذ بداية الحرب ووضعت مصلحتها القبلية فوق جميع المصالح الوطنية والاجتماعية، ضاربة بعرض الحائط جميع ما عدا ذلك، فتماهت مع الجنجويد وفتحت ديارها برا وجوا فصارت معبرا للعتاد العسكري والمرتزقة مما أطال أمد الحرب التي قضت على الأخضر واليابس، وانتشرت المليشيا تبعا لذلك في معظم مدن وقرى دار الريح، وانفرط حبل الأمن وسادت الفوضى. إزاء هذا الوضع، حاولت بعض الجهات تسيير طوف مشترك لحماية السيارات والعابرين على طول الطريق بين الدبة وشمال كردفان، ولكن الفكرة رفضت من قبل المكونات التي تعتبر نفسها مستفيدة مادياً!
هنالك جهات إدارية تستطيع حكومة الولاية استدعائها للاستجواب عما يجري في دار الريح حتى ولو بالهاتف، ولكنها عجزت عن ذلك للأسف الشديد، كأن من يتعرضون للنهب ليسوا من مواطنيها أو ضمن دائرة اختصاصها كما عجزت عن ضبط الأمن داخل مدينة الأبيض حاضرة الولاية نفسها. وما رأي أعضاء منبر الريح فيما يجري في دارهم؟
31/8/2025