*الأكاذيب التي تضلل الشعب السوداني: الحقيقة وراء أوهام السودان كـسلة غذاء العالم* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي
*الأكاذيب التي تضلل الشعب السوداني: الحقيقة وراء أوهام السودان كـسلة غذاء العالم*
كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي
في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها السودان تنتشر على وسائل التواصل رسائل مضللة تُثير العاطفة الوطنية وتستغل جراح الناس وآلامهم
رسائل تحمل أرقاماً خيالية وادعاءات باطلة. ومن هذه الأكاذيب ما نُسب زوراً لموقع قلوبل الأمريكي زاعمين أنه صنّف السودان كـ”سلة غذاء العالم”بل وادّعوا أن اقتصاد دول الجوار والعالم يعتمد بشكل أساسي على السودان بنسب تصل إلى 80%!
هذه الدعاية ليست بريئة بل تهدف إلى تضليل السودانيين وصرف أنظارهم عن الحقيقة المرة وهي أن الخراب الذي نعيشه اليوم لم يأتِ من الخارج فقط بل من الداخل ومن أيادٍ سودانية فاسدة باعت خيرات البلاد بأبخس الأثمان.
أولاً: الأرقام المضللة والخيال المريض
كيف يُعقل أن يُقال:
• إن 40% من الاقتصاد المصري يعتمد على السودان؟
• أو أن 80% من اقتصاد فرنسا يقوم على الصمغ العربي السوداني؟
• أو أن 90% من اقتصاد إريتريا قائم على السودان؟
هذه النسب لو صحّت لكان السودان اليوم أغنى دولة في إفريقيا ولكان شعبه يعيش في رخاء لا مثيل له لا في خيام النزوح ولا تحت خط الفقر المدقع!
لكن الواقع المرّ أن السودان يصنف ضمن الدول الأكثر فقراً وأن ملايين السودانيين يفتقرون للغذاء والدواء والخدمات الأساسية
ثانياً: الحقيقة المرّة
الحقيقة التي لا يريد هؤلاء المضللون أن تراها هي أن السودان يملك موارد هائلة بلا شك لكن هذه الموارد لم تُدار يوماً بما يخدم مصلحة الشعب بل تحولت إلى غنائم يتقاسمها الفاسدون في الداخل وأعوانهم في الخارج.
المشكلة ليست في أن دولاً مجاورة “تسرق” السودان بل في أن بعض السودانيين قدّموا هذه الثروات على طبق من ذهب عبر صفقات سرية واتفاقيات مشبوهة حتى أصبح السودان بلداً غنياً بالموارد فقيراً في الواقع، تماماً كما قال الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
ثالثاً: خطر هذه الرسائل على السودان
مثل هذه الرسائل تهدف إلى:
1.زرع الكراهية بين السودان وجيرانه، بدل التعاون البنّاء.
2. توجيه الغضب الشعبي بعيداً عن الفاسدين الحقيقيين داخل السودان.
3. تعطيل الإصلاح عبر شحن الناس بالعاطفة دون وعي.
إنها دعاية خطيرة تُغطي على السبب الحقيقي لانهيار الدولة:
الفساد وغياب دولة القانون وبيع الوطن من الداخل.
رابعاً: الطريق إلى الإصلاح الحقيقي
إذا أردنا استعادة السودان لمكانته فلن يكون ذلك بالشعارات أو بنشر الأكاذيب بل عبر خطوات واضحة:
1. محاسبة الفاسدين الذين نهبوا خيرات البلاد.
2. إعادة هيكلة الاقتصاد على أسس علمية وعادلة.
3. إصلاح مؤسسات الدولة وخاصة الجمارك والموانئ والحدود، لمنع تهريب الثروات.
4. مراجعة الاتفاقيات الدولية التي أضرت بمصلحة السودان،ك ولكن بعقلانية وحكمة وليس بردود أفعال عاطفية.
5. نشر الوعي بين السودانيين بضرورة التثبت قبل تصديق أي خبر.
خامساً: واجبنا في التثبت والتحري
يقول الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” [الحجرات: 6]
هذه الآية هي منهج حياة لا يجوز أن نصدق كل ما يصلنا ولا أن ننشر الأكاذيب التي قد تشعل الفتن أو تضر بسمعة بلدنا.
السودان اليوم في مفترق طرق.
إما أن نستفيق ونواجه الحقيقة بشجاعة، فنحاسب المفسدين ونبني دولة القانون والمؤسسات،
أو نظل أسرى الأكاذيب والشعارات الفارغة، فنُسلّم رقابنا لأعداء الداخل قبل الخارج.
أوقفوا نشر الأكاذيب.
واجعلوا السودان أمانة في أعناقكم.
فالمعركة الحقيقية ليست ضد دول الجوار، بل ضد الفساد الذي ينخر في جسد الوطن منذ عقود.
*السودان يستحق الحقيقة… لا الأوهام*