منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر وتحليل عمار العركي *_استقالة جديدة تعمّق أزمة وزارة الخارجية وتضع الوزير الجديد أمام اختبار صعب_*

0

خبر وتحليل عمار العركي

 

*_استقالة جديدة تعمّق أزمة وزارة الخارجية وتضع الوزير الجديد أمام اختبار صعب_*

 

▪️قدّم وزير الدولة بوزارة الخارجية السفير عمر صديق استقالته إلى رئيس الوزراء بروفسير كامل إدريس، بعد 123 يومًا من تكليفه وزيرًا للخارجية من قبل رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وبعد 45 يومًا فقط من تعيينه وزير دولة من قبل رئيس الوزراء د. كامل إدريس، ليتحول بذلك من منصب وزير كامل إلى وزير دولة.
▪️الاستقالة، التي جاءت في هذا التوقيت القصير، حملت لغة وفاء وعرفان لزملائه وقيادات الدولة، وتعهد صديق بأن يظل مدافعاً عن مصالح بلاده بفكره وقلمه وخبرته حتى بعد مغادرته المنصب الرسمي.
▪️غير أن هذه الاستقالة تعيد إلى الأذهان مشهداً مشابهاً حينما تقدم سلفه السفير د. علي يوسف بطلب إعفاء، لكن القرار الرسمي جاء باعفائه وليس بقبول طلب الإعفاء كما هو المعتاد، ما يشير إلى وجود ربكة إدارية واضحة وتقاطعات غير مرئية في مسار اتخاذ القرارات، وزيادة التعقيدات أمام أي وزير جديد يحاول فرض تنظيم مؤسسي واضح داخل الوزارة. المشهد إذن ليس استثناءً، بل حلقة متكررة تكشف عمق أزمة الاستقرار القيادي والمؤسسي في الوزارة، حيث تحولت الوزارة إلى ساحة لتجريب الأشخاص أكثر من كونها مؤسسة تضبط إيقاع السياسة الخارجية.
▪️اللافت أن مقدمة الخبر ذكرت أن استقالة صديق جاءت لإفساح المجال للسفير “محيي الدين سالم”، وقد نصّ نص الاستقالة المتداول في عدد من المواقع الإخبارية على هذه العبارة بشكل صريح. ومع ذلك، يظل التساؤل مشروعًا حول ما إذا كانت هذه الصياغة تعكس قناعة شخصية حقيقية أم جاءت في إطار اعتبارات تنظيمية داخل الوزارة، خصوصًا في ظل الغموض المحيط بمصير منصب وزير الدولة، الذي لم يُعرف بعد إن كان سيظل قائمًا بعد تعيين الوزير الجديد أم سيُلغى.
_تدخلات إدارية داخل وزارة الخارجية_
▪️تشير المصادر إلى أن عمل وزراء الخارجية السابقين شهد تدخلات مباشرة من مستشارين ومقربين لرئيس الوزراء د. كامل إدريس، ما أثّر على قدرة الوزير في اتخاذ قراراته بشكل مستقل. هذه التدخلات شملت أحيانًا تجاوز صلاحيات الوزير في ملفات أساسية، وإصدار قرارات إدارية أو تعيينات دون استشارة رسمية أو مراسلات مكتوبة، ما ساهم في حالة الغموض والإرباك داخل الوزارة. وقد شكلت هذه التدخلات أحد الأسباب الجوهرية وراء استقالة السفير عمر صديق، كما أُشير ضمن التحليلات السابقة إلى استقالة سلفه د. علي يوسف.
▪️في ظل هذه المعطيات، يبرز تحدٍ كبير أمام الوزير الجديد المرتقب السفير محيي الدين سالم. فقبوله بالمنصب لا ينبغي أن يكون مجرد انتقال شكلي للقيادة، بل لحظة مفصلية يقرأ فيها بتمعن تجارب من سبقوه: لماذا لم يستمر علي يوسف؟ ولماذا استقال عمر صديق سريعًا؟ وكيف يمكنه أن يتجاوز العقبات المؤسسية والتنظيمية المرتبطة بتداخل المناصب وغموض الأدوار؟ إن النجاح الحقيقي لن يُقاس بمجرد شغله للمنصب، بل بقدرته على إعادة ترتيب الأدوار، وضمان وضوح الصلاحيات، وترسيخ مؤسسية القرار، وحماية استمرارية السياسات الدبلوماسية.
▪️رسالة وداع “صديق”، التي عبّر فيها عن فخره بوزارة الخارجية وتقديره للطاقم العامل، تؤكد على أن الاستقالة جاءت في ظروف استثنائية، وأنه سيظل “مدافعًا عن مصالح السودان العليا بفكره وخبرته وقلمه”، ما يعكس حرصه على الوطن ورغبته في انتقال سلس للقيادة الجديدة رغم الضغوط.
*_خــلاصــة القــول ومنتهــاه :_*
إن استقالة عمر صديق وطلب إعفاء علي يوسف لم يكونا مجرد أحداث فردية، بل مؤشرات على أزمة أعمق في بنية وزارة الخارجية، حيث غياب الاستقرار المؤسسي وتكرار تغييرات القيادات يعطل فعالية الوزارة. التحدي الآن أمام السفير محيي الدين سالم أن يحوّل هذا المنصب من مقعد متحرك إلى قاعدة صلبة، وأن يستفيد من تجارب سابقيه لإعادة الوزارة إلى مسارها الطبيعي كواجهة السودان في الخارج وحارسة مصالحه العليا، مع توضيح أدوار وصلاحيات كل منصب قيادي، وضبط أي تدخلات خارج نطاق المهام الرسمية، لضمان الاستقرار والاستمرارية في العمل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.