خبر وتحليل : عمار العركي *حين تنتصر العدالة داخل بيت العدالة*
خبر وتحليل : عمار العركي
*حين تنتصر العدالة داخل بيت العدالة*
* في مشهدٍ نادرٍ يجسّد قيمة العدل في أبهى معانيها، صدر أمس قرار وزير العدل د. عبدالله درف بترقية المستشارين القانونيين دفعة 2001م الذين كانوا قد حُرموا من حقهم المستحق في الترقيات لسنوات طويلة، وهي القضية التي ظلّت حاضرة في وجداننا منذ أن طرقنا بابها عبر سلسلة مقالات ومناشدات، ثم بلورتها لقاءات وحوارات مع قيادات وزارة العدل والمحامي العام ووزير العدل السابق، حتى خُتمت بخطابٍ مفتوحٍ لوزير العدل الجديد، ناشدناه فيه أن يُنصف الذين ظلموا وتخطّتهم قرارات الترقية.
* اليوم، اكتملت فصول القصة بنهايةٍ تُعيد الثقة في المؤسسات حين يقودها من يُقدّر المسؤولية ويعي معناها. فقد بعث إليّ الوزير د. عبدالله درف برسالة نصية قال فيها:
> “أخي عمار، لعلك بخير. اليوم بحمد الله صدر قرار ترقية الإخوة الذين حدثتني حولهم دفعة 2001م، وشكرًا لاهتمامك بقضيتهم.”
* وفي حوارٍ لاحقٍ بيننا، أضاف الوزير بوضوحٍ يعكس وعيه بمفهوم الشراكة المجتمعية:
> “فأنت من كشفت لنا موطن الضيم والظلم، ولولا مقالك وما كتبته فقد كان دافعًا لنا لرفع الظلم عنهم.”
* ثم أكّد موافقته الصريحة على الإشارة إلى موقفه هذا في سياق المقال، قائلًا:
> “الصحافة عين ولسان المجتمع وضميره.”
* ويشهد الله، والإخوة المستشارين المتظلمين انني قلت لهم غداة قرار تعيين د. عبدالله درف وزيرًا للعدل، أن يُوقفوا أي حراك أو تصعيدٍ للقضية، مؤكدًا لهم أن العدل قد أصبح اليوم في أيدٍ أمينة، وأن الأفضل هو الصبر وانتظار نتيجة رفع المظلمة إليه. فقد كنت على يقينٍ أن العدالة ستجد طريقها هذه المرة، وأن الإنصاف لن يغيب عن رجلٍ يعرف قيمة الحق ومسؤولية الموقع، وعُرف عنه ثائر إصلاحي وتقويمي قبل التعيين .
* هذه العبارات، على وجازتها، تحمل دلالاتٍ أعمق من حدث إداري محدود. فهي تُعبّر عن تحوّلٍ في عقل الدولة وعدلها؛ إذ تبدأ العدالة الحقيقية حين تنصف مؤسسات العدالة نفسها، وتُراجع قراراتها بروح القانون لا بعصا السلطة.
* لقد مثّل قرار الوزير د. درف خطوة تصحيحية مهمة، ليس فقط لإنصاف دفعة 2001م، بل لترميم الثقة بين العدالة والعاملين في محرابها، بعد أن شابت الترقيات السابقة شكاوى ظلت طي الملفات. كما أنه يعكس فلسفة جديدة لوزارة العدل تقوم على أن الإصلاح يبدأ من الداخل، وأن الاعتراف بالخلل أول الطريق نحو الاستقامة المؤسسية.
* أما من جانب الصحافة، فإن ما حدث يعيد الاعتبار لدورها المهني حين تتحلى بالمسؤولية والموضوعية. فالصحافة ليست خصمًا للسلطة، بل شريكٌ في تصحيحها، إذا ما وجدت أذنًا صاغية وعقلاً راشدًا يدرك أن النقد المسؤول هو طريق الإصلاح لا الهدم.
*خلاصة القول ومنتهاه:*
* حين تلتقي الكلمة الصادقة بالإرادة الواعية، تنتصر العدالة مرتين: مرةً للحق، ومرةً لهيبة الدولة التي تسمع نبض المجتمع، والحمد لله ان غيض للعدل القوي الأمين .