منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*الخرطوم لا تُستعاد بالهتاف… أعيدوها أولاً قبل أن تطلبوا من الناس العودة!* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

0

*الخرطوم لا تُستعاد بالهتاف… أعيدوها أولاً قبل أن تطلبوا من الناس العودة!*

 

كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

من المؤلم حدّ الاشتعال… أن يُطلب من الشعب العودة إلى مدينة لم تعد هي نفسها.
مدينةٌ نهشتها الحرب وأكلتها النيران وتحوّلت من عاصمة وطن إلى أطلالٍ تشهد على جريمةٍ بحجم التاريخ.

ورغم هذا الخراب الفادح يخرج علينا من يبيع الأوهام بثمنٍ بخس وينادي بما يُسمى “العودة الطوعية”وكأن الخرطوم تنتظر فقط أن يطرق الناس أبوابها ليعود كل شيء كما كان!

كفى عبثاً بعقول هذا الشعب… وكفى تلاعباً بمصيره.
إن الخرطوم اليوم ليست مدينةً صالحةً للسكن الآدم بل مدينةٌ مكلومة، مدمَّرة البنية، محروقة الملامح، منهارة الأركان… لا كهرباء، لا ماء، لا صحة، لا أمن، ولا كرامة.

فبأي منطقٍ تطلبون من الناس العودة؟!
أهذه دعوة للرجوع إلى الديار… أم عودةٌ إلى الجحيم؟

من المضحك المبكي أن يظنّ البعض أن فتح “سوبر ماركت” في الكلاكلة أو في الحاج يوسف او اي حيٍّ من أحياء الخرطوم هو دليل على أن الخرطوم قد عادت!
هل هذه هي مقاييس الحياة الكريمة لديكم؟!
هل رفوف البقالة المتهالكة تُعيد وطناً من تحت الركام؟!

الخرطوم لا تعود بعودة الناس… الخرطوم تعود عندما تُعاد هي أولاً:
عندما يُعاد بناؤها ويُستعاد أمنها وتُصلح خدماتها وتُهيأ سبل العيش الكريم فيها.

الخرطوم تعود عندما يعتذر من دمّرها، ويُحاسَب من خانها وتُكرّم كرامة الذين شُرّدوا منها.

إن من يطالبون الناس بالعودة قبل أن يعيدوا الخرطوم لا يريدون الحياة لهم بل يريدونهم وقوداً جديداً في محرقة لم تنطفئ بعد.

اتركوا عنكم السذاجة… واتركوا عنكم “سواقة الخلا” على عقول الناس.
الشعب ليس رقماً في معادلاتكم السياسية، ولا ورقةً تُرمى على طاولات الصفقات.

الخرطوم لا تُستعاد بالشعارات، ولا تُبنى بالتصريحات.
الخرطوم تُستعاد بالوفاء، وبالعمل، وبالصدق مع هذا الشعب.
ومن أراد عودة الخرطوم… فليُعيدها أولاً.

كفى استهتاراً… فالخرطوم ليست لوحة دعائية تُرفع في وجوه المنكوبين.
الخرطوم جرحٌ مفتوح… لا يلتئم بالتصفيق.
ومن أراد أن يتحدث عن العودة… فليبدأ بإزالة الركام أولاً.
*أما الشعب… فلن يُلدغ من الجحر ذاته مرتين!*

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.