منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*البروفيسور حينما يرعى الأرض ومحصوله الإنسان  : برفيسور بدر الدين أحمد ابراهيم* د. ليلى الضو أبو شمال

0

*البروفيسور حينما يرعى الأرض ومحصوله الإنسان  : برفيسور بدر الدين أحمد ابراهيم*

 

د. ليلى الضو أبو شمال

أعظم الناس كان راعيا للغنم وسبقه في تلك المهنة الأنبياء والرسل الذين جاءو من قبله وكانوا يتكسبون منها كما ذكر لنا التاريخ الإسلامي ، وهي المهنة التي علمتهم الصبر والقيادة والرحمة وأهلتهم ليكونوا رسل سلام ومحبة وهداية للمجتمع كافة، وهذا يشير إلى قيمة العمل وما يعكسه على شخصية الإنسان وفي تقديري فإن أي عمل يبذل فيه جهد بدني شاق هو العمل الذي يؤهل صاحبه ليكون سيد قومه يسودهم بعزته وكرامته ويعلو عليهم بجهده وإعمال فكره وبدنه من خلال مشقة العمل الذي يقوم به ،، والذي له صبر على تحمل المشقة والتعب قطعا له صبر على تحمل البشر ومعرفة قيادتهم و التأثير فيهم وترك بصمة على من يحتكون به ويعايشونه.
دوما هناك من يؤثر فيك وعليك ومن يكون قادر أن يكون لك مثل أعلى ، وللأبناء في ذلك حظ مع آبائهم فالأب كثيرا ما يكون قدوة ونموذج يهتدي به الأبناء ، والمعلم أحيانا كثيرة محور مستقبل كثير من تلاميذه ومريديه.
فإنك حين ترى هذا الأب يقوم بجهد شاق من أجل أبنائه ومن أجل توفير سبل الراحة لهم تراه سعيدا متناسيا لهذه المشقة لأنه يبحث عن سعادتهم ، و كذلك الحال مع المعلم الذي يكون مجتهدا من أجل أن تبلغ معلومة عقل تلميذه ويعمل ساعيا لتوصيلها له دون كلل أو تضجر ، لابد أن يكون له شأن وتأثير مع ذاك الطالب الذي يأخذ منه تلك المعرفة وذاك والتحصيل.
أستاذنا الجليل الذي كان صبورا وشغوفا ومثابرا وفوق ذاك متواضعا ومعلما كان رمزا لطلابه وهم ينهلون من علمه ، أول درس علمنا إياه أن التواضع شيمة العلماء، وأن زكاة العلم الإنفاق مما تعلمه وعرفه ، فمن الصعب أن تجد طالبا يشتكي منه أو يقول أنه زجره منذ عرفناه وعلمنا بأن البحث يعني الجد والاجتهاد وليس الإكتفاء بأن تنهل من كتب غيرك وأن التميز هو شارة المرور لإضافة المعرفة.
هذه المعاني لا يعلمك إياها رجل يقرأ الكتب ويجلس على طاولته وحسب ، ولكن يعلمك إياها من يجتهد ويبذل جهدا شاقا تعلم من خلاله قيمة الأشياء،، دوما تستهويه جذوره وانتماءه ويحن للأرض يحرثها ويجني ثمارها التي سقاها بحبات عرقه الذي تساقط على تربتها فجعل الحصاد ممهور بقيمة العمل والكفاح.
عرفته أول ما عرفته أستاذا ومزارعا وهو البروفيسور العالم الذي كان يجلس على مكتب فخيم في جامعة السودان المفتوحة وكانت حينها لا تشابهها مباني من حولها ، وقتها أذكر أنه كان في بعض الأوقات يقول سوف يذهب لحواشته في الجزيرة، كنت أعتقد حينها أنه يملك مزرعة كبيرة ولديه عمال وهو يذهب ليتفقدهم ويجلس على كرسيه يشرب شايه و قهوته ويعود ، ولكني بعد فترة عرفت أنه يغير بدلته ويلبس (لبس خمسة ) ويمسك طوريته وواسوقه ويزرع بنفسه وكل المتعة يجدها في ذلك فعرفت حينها أنه ليس كغيره، ولو الذاكرة لم تخني أذكر أنه قال أن المزرعة قبل الحصاد بقليل غرقت بفيضان ماء انهمر عليها ، أو شيء من هذا القبيل ، فخسر كل محصوله لكنه أبدا ما خسر نفسه وما حزن وما وهن وما فقد شغفه بهوايته وحب الإنتماء لهذه المهنة الشريفة.
وواصل في ذلك وبعد سنوات اشترى مزرعة قريبة من العاصمة وواصل في استمتاعه بغرسه الطيب يزرع الأرض كما يزرع في الإنسان علما وخيرا يهرول اليها من قاعة المحاضرات أو من بعد جلسات المناقشات العلمية. وجاءت الحرب اللعينة فما خرج من بلاده ووقف به التفكير كما وقف بالكثير ،، بل أسرع إلى قريته وأرض أجداده ولم يقف عطائه لا علما ولا زراعة حرث تربة أرضه واعمل فيها جهده وزرع ،، لا يشغله ذلك عن علمه وعلومه شيء، يلجأ إليه الباحثون فيجيبهم ولا يتأخر عليهم ،، ولاينقطع عن الشبكة ولايجيد فن التغافل عن الناس وحاجاتهم وما أخفيه في ذلك أعظم حتى لاينقص أجره شيئا ، بل إنه عمل متطوعا في مدرسة في بلدته يمنحهم من فيض علمه وهو مستمتع بعطائه كيف لا يكون سعيدا بذلك وهو واهب الفرح وصانع السعادة ومعلم الأجيال لله درك أيها الرجل المعطاء.
الشاعر قال والفنان تغنى
يفرق كثير…. ويتحسب كل يوم يمر
يفرق كثير… طعمه الحلو لو يبقى مر
لكن عندك وقف طعم المر الذي حولته لطعم جميل يشبه العطاء بلا من ولا أذى فقساوة الأيام لم توهنك وتضعف قوتك وعزيمتك ستظل بأفعالك معلما للإنسانية والقيمة الحقيقية للإنسان ، وستظل معلما بعلمك وبحوثك وستظل مزارعا يزرع الخير ويحصده ويسعد الناس ويبهجهم.
ولو (اعيش زول ليه قيمة مثلك)
والناس أجناس
ناس فضة وناس نحاس
و ناس ذهب وناس الماس
وناس كما التاج فوق الرأس
*همسة* : ما جعل الكلمات مطرا الا صورة وقفت كالغمامة تستدعي المطر
وهمسة تانية كمان ليه بنقول للزول وهو حي إن شاءالله يوم شكرك ما يجي،، يجي ونص وخمسة ونشكره حي ونحيا بعطاءه وأطال الله عمره وعمله

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.