منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار

خبر وتحليل – عمار العركي *السودان في مجلس الأمن: خطوة صائبة وإدارة مخطئة*

0

خبر وتحليل – عمار العركي

 

*السودان في مجلس الأمن: خطوة صائبة وإدارة مخطئة*

كامل

 

▪️ أثار خطاب رئيس الوزراء د. كامل إدريس أمام مجلس الأمن والمبادرة التي طرحها جدلًا واسعًا، لكنه جدل تجاهل حقيقة أساسية ،أن كل الحروب تنتهي بتتفاوض يبدأ بمبادرة ، بعد نصر أو هزيمة، أو حالة وسطية. التفاوض ليس ضعفًا، بل نهاية طبيعية للصراعات، فالسؤال الحقيقي ليس فى “هل نفاوض؟” بل السؤال في : “من نفاوض ومتى، ومن أي موقع نفاوض ، وبأي شروط؟”
▪️ من هذا المنطلق، فإن مبادرة السودان لا تعني تنازلًا، بل محاولة لإمساك زمام المبادرة السياسية بدل ترك الآخرين يفرضون الحلول. أن يذهب السودان إلى مجلس الأمن ويطرح رؤيته خير من أن يُستدعى لاحقًا لتلقي مبادرات جاهزة.
▪️ د. كامل إدريس لا يمثل نفسه، بل يتحدث باسم دولة. الهجوم الشخصي عليه لا يخدم النقاش، بل يضعف صورة السودان خارجيًا.
▪️ السودان لا يملك تفوقًا عسكريًا حاسمًا ولا نفوذًا دوليًا واسعًا، وما يملكه فعليًا هو وحدة جبهته الداخلية، وهي قوة قابلة للتآكل بفعل مرور الوقت دون حسم عسكري صريح، وبفعل جهات تعمل على تآكلها وضربها. لذلك فإن فتح مسار سياسي مضبوط بشروط الدولة ليس ضعفًا، بل محاولة لحماية ما تبقى من عناصر القوة.
▪️ الأصوات التي انتقدت الخطاب بحجة عدم تسمية الأطراف الخارجية، تتجاهل أن الدبلوماسية لا تُدار بمنطق إعلامي؛ ففي مجلس الأمن لا تُسمّى الخصومات وتُعلن، بل تُدار الصراعات بمنطق تحييد الخصوم وفتح مسارات ضغط غير مباشرة. وليس كل ما يُعرف يُقال، وليس كل ما يُقال يُقال في العلن.
▪️ الإشكال الحقيقي لم يكن في الخطاب ولا في المبادرة، بل في سوء إدارة المشهد الداخلي قبل وبعد الخطاب، وغياب التنوير، وتضارب المعلومات، وترك الرأي العام عرضة للاجتهادات والتأويلات.
▪️ الأخطر من ذلك، ما إذا كان غياب وزارة الخارجية عن المشهد سياسيًا وإعلاميًا هو غياب فعلي أم تغييب متعمد. لم يظهر وزير الخارجية محي الدين سالم، ولا المندوب الدائم السفير الحارث، في تفاصيل الزيارة أو في شرح الموقف، وترك الأمر عمليًا لاجتهاد رئيس الوزراء ومستشاريه فقط. هذا خلل مؤسسي واضح، لأن مخاطبة الداخل أو الخارج مثل مجلس الأمن ليست مهمة فرد مهما بلغت كفاءته، بل عمل متكامل تقوده الخارجية، وتدعمه رئاسة الوزراء، ويُدار برسالة واحدة وصوت واحد. غياب هذا التنسيق جعل الخطاب عرضة للهجوم، لا بسبب مضمونه، بل بسبب سوء إدارته داخليًا.
*خلاصة القول ومنتهاه:*
▪️ لم يخطئ كامل إدريس في الذهاب إلى مجلس الأمن، بل أخطأت الدولة في شرح ما ذهبت به. والمطلوب ليس نسف المبادرة، بل إصلاح إدارة الخطاب الخارجي ومؤسساته وتوحيد الصوت الرسمي؛ دون ذلك سيستمر تحويل كل خطوة سياسية خارجية إلى أزمة داخلية جديدة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.