زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة *مشروع العلمنة وتفكيك القيم من المواكب إلى المسارح*
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
*مشروع العلمنة وتفكيك القيم من المواكب إلى المسارح*

الفيديو المتداول لاحتفائية قحت ، تحت شعار فلنغنِّ للسلام لا يمكن عزله عن المنهج الفكري والسلوكي ، الذي ظلت هذه الجماعة تقدمه للمجتمع ، فعالية أحياها الشاعر الشيوعي أزهري محمد علي ، وشاركت فيها الفنانة نتنسي عجاج التي تمثل قحت مظهرًا وجوهرًا ، وانتهت بسلوك صادم تمثل في خلع محمد تروس لملابسه على المسرح وأمام الجمهور ، في مشهد قُدِّم باعتباره تعبيراً عن الحرية المنشودة ، وهو في حقيقته كشف فجّ لمفهوم الحرية كما تفهمه هذه التيارات ، حرية بلا ضوابط ولا قيم ولا احترام لوجدان المجتمع ، وما حدث لا يمكن اعتباره زلة فردية أو تصرفاً عابراً ، بل امتداد طبيعي لخطاب يقوم على الاستفزاز وتطبيع السلوك المنفلت تحت لافتات الفن والسلام ، لذلك لا معنى للاستغراب أو الاستهجان ، فهذه هي الصورة الحقيقية لمنهج يريد للمجتمع أن يتطبع على السفور وكسر الحواجز الأخلاقية ، ويعيد تشكيل الوعي الجمعي بقيم تتصادم مع ثقافة المجتمع السوداني وهويته.
هذه الحادثة تعيدنا بالذاكرة إلى الممارسات الشاذة التي ظهرت في مواكب ما سُمِّي بالثورة منذ عام 2018م ، حين سعت ذات التيارات إلى ترسيخ مفهوم للحرية يخدم مشروع علمنة السودان ، فظهرت فتاة تعلن أن أقصى أمنياتها أن تنال حرية التبول في الشارع ، وأخرى تقول إن خروجها في المواكب من أجل أن تخرج وتعود متى ما شاءت ، وأن تلبس البنطال وتخلع غطاء الرأس ، كما ظهر عشرات الشباب بأشكال وسلوكيات لا تتناسب مع القيم والأخلاق السودانية ، وهم يلوحون بأعلام المثلية في تحدٍّ سافر لوجدان المجتمع ، وما حدث بالأمس ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة سلوك متعمد من أصحاب مشروع العلمنة ، الذين يريدون للسودان أن يغط في بحر الرذيلة ، غير أن ما يغيب عنهم أن المجتمع السوداني ، رغم كل ما مر به من أزمات وحروب ، ظل مجتمعاً رافضاً لهذه السلوكيات ، متمسكاً بقيمه ، واعياً بأن استهداف الشباب هو المدخل الأخطر لهذا المشروع ، ومن هنا تصبح معركة التحصين مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة ، مروراً بالمدرسة والمسجد والإعلام ، وصولاً إلى خطاب وطني صريح يميّز بين الحرية كقيمة إنسانية مسؤولة ، وبين الفوضى الأخلاقية التي تُسوَّق زوراً باسم الحرية والتقدم ، فالشباب ليسوا وقوداً لمشاريع التغريب ، بل خط الدفاع الأول عن هوية المجتمع ومستقبله…لنا عودة.
