منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

حكايات موجعة ووضع مؤلم.. الصراع يعصف بحياة 4.3 مليون شخص داخل السودان

0

يعاني المواطنون السودانيون منذ اندلاع التوترات في السودان 15 أبريل 2023 من تدهور الوضع الإنساني، وهم أكثر المتضررين جراء تلك الحروب، وتسبب النزاع الدائر في وفاة وجرح الآلاف وتشريد الملايين.

وبلغ عدد الضحايا 1,146 وفاة بالإضافة إلى اثني عشر ألف جريح، وفقا لوزارة الصحة السودانية، وتسبب النزاع في تشريد أكثر من 4.3 مليون شخص من بينهم 3.4 مشرد داخليا وما يقرب من مليون لاجئ، وحرم النزاع ملايين الأشخاص من الحصول على الأغذية والمياه والمأوى والكهرباء والخدمات الأساسية، بما في ذلك التغذية والرعاية الصحية والتعليم.

السودان
الجميع يعاني في السودان
وأثر النزاع بصورة كارثية على الحالة الإنسانية، وتوقفت الأنشطة الإنسانية بسبب انعدام الأمن على نطاق واسع، وتفاقم هذا الوضع بسبب النهب الواسع للأصول المخصصة للعمل الإنساني، وارتفع عدد من يجتاجون للمساعدات بعد الحرب من 16 مليون شخص إلى 28 مليون شخص وهي زيادة بنسبة 57%.

وتخطى عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم في السودان 4.5 مليون شخص، فيما أفادت المنظمة الدولية للهجرة في أغسطس 2023 بأن 3.6 مليون شخص نزحوا داخليا، كما قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن “قرابة 950 ألف لاجئ وطالب لجوء”.

وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، إن أكثر من 6 ملايين شخص في السودان على بعد خطوة واحدة من المجاعة، مشددة على أن هذه الأعداد ستستمر في التزايد إذا لم تصمت الأسلحة.

وقالت “ديكارلو” إن السودان الآن يضم أعلى عدد للنازحين داخليا في العالم، إذ وصل عددهم 7.1 مليون شخص، بما في ذلك 3.3 مليون طفل، فيما يُقدر أحدث تقرير حول الأمن الغذائي في السودان أن 20.3 مليون شخص سيعانون من الجوع، ومن المتوقع أيضا أن تتفاقم الحالة الصحية والتغذوية لحوالي 10 ملايين طفل.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن ما لا يقل عن مليوني طفل أجبروا على ترك منازلهم منذ اندلاع النزاع في السودان قبل أربعة أشهر، أي بمعدل أكثر من 700 طفل نازح جديد كل ساعة.

وتشير التقديرات وفق اليونيسف إلى أن أكثر من 1.7 مليون طفل يتنقلون داخل حدود السودان وأكثر من 470 ألف طفل عبروا إلى البلدان المجاورة، حيث قالت مانديب أوبراين، ممثلة اليونيسف في السودان: “مع نزوح أكثر من مليوني طفل من ديارهم خلال أشهر قليلة فقط بسبب النزاع، ووقوع عدد لا يحصى في قبضته القاسية، لا يمكن التأكيد بشكل كاف على الحاجة الملحة لاستجابتنا الجماعية”.

كما أعرب عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي عن القلق البالغ بشأن الوضع الخطير للنساء والفتيات في السودان، فيما أدانت هذه الدول (دولة الإمارات العربية المتحدة، ألبانيا، البرازيل، الإكوادور، فرنسا، الجابون، اليابان، مالطة، سويسرا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة)، بأشد العبارات استخدام هذا العنف أثناء الأعمال العدائية في السودان ودعت إلى الوقف الفوري لأعمال العنف.

السودان
الحرب تغير مجرى الحياة
ومن الخرطوم تحدث المواطن السوداني زكريا أحمد موسى، قائلا: لا يختلف اثنان أن الحروب تُغير مجريات الحياة الطبيعية في أي بلد ولكن هنا في السودان يختلف الوضع تماما، ورغم الهشاشة الاقتصادية التي كان يعاني منها السودان تأتي الحرب في ظروف صحية معقدة جدا إذ تشهد الكثير من الولايات ظهور أمراض قديمة مثل (الملاريا الحبشية) متجددة (حمي الضنك) و(الاسهالات المائية)، ورصدت الجهات المختصة أكثر من 4000 حالة بولايتي القضارف والجزيرة.

وأشار: قالت شعبة مكافحة الأوبئة أنها بصدد تقديم المساعدات للمرضي وتفعيل دور الوقاية من أجل الحد من انتشارها بالتعاون مع دولة الكويت ووجهت وزارات الصحة بالولايات لمتابعة وتسجيل والتبليغ عن أي حالات جديدة.

وأضاف المواطن السوداني – خلال تصريحات لـ”صدى البلد”: “في ظل هذه الظروف القاسية التي يعيشها، أن المواطن السوداني بلا أدنى شك كان من الطبيعي أن يتأثر بأي ارتفاع لأي سلعة خاصة السلع الاساسية؛ مثل البصل والزيت، كما تشهد أسواق الولايات هذه الأيام ارتفاعا ملحوظا في أسعار البصل؛ ليزيد ذلك من معاناة المواطن الذي يعاني أصلا من زيادة إيجارات العقارات وتعريفة المواصلات”.
ومن الخرطوم تابع موسى حديثه قائلا: يبدو أن الحروب ومما لا شك فيه تعصف بالمجتمعات وتخلف آثارها التي تقضي على الأخضر واليابس وتدمر الاقتصاد دمارا شاملا، وهنا في السودان ومنذ بداية الحرب في أبريل الماضي بدأت المستشفيات بالخروج التدريجي من الخدمة بسبب قصف المستشفيات واستهدافها من قبل المتمردين بل واتخاذها لمساكن وازداد معدل خروج الأقسام عن الخدمة ولكن كان لتوقف ماكينات غسيل الكلى أثر كبير .

ولفت: فقد العشرات من المرضى أرواحهم بسبب توقف الغسيل بالإضافة لندرة الأدوية المنقذة للحياة ولولا تدخل بعض الدول ودعمها مثل مصر والسعودية وقطر لازداد الوضع سوءا، وبالتالي نستطيع القول إن الوضع الصحي بالبلاد قد وصل مرحلة الإنعاش بيد أن الدعم الخارجي قد قلل من حالة التدهور المريع، مشيراً إلى أن النساء هن الأكثر هشاشة وقد تأثرن خاصة بعد إغلاق عدد من مستشفيات الولادة، وكذلك الأطفال فقدوا لقاحات التطعيم بالمراكز لعدم وجودها، أو إغلاقها أو صعوبة الوصول إليها أو حرقها أو تدميرها.

ومن الخرطوم تحدثت أمل أبو القاسم، قائلة إنه بعد يوم السبت 15 أبريل 2023 تبدل حال العاصمة الخرطوم لتتحول تدريجيا إلى مدينة شبه خاوية جراء نزوح قاطنيها الذين تفرقوا أيدي سبأ بين ولاياته الآمنة التي لم يطالها حريق الحرب التي اندلعت، وبدأ أهالي العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث ومحلياتها السبع في الخروج تدريجيا وقد يمموا وجههم شطر الولايات حيث مسقط رأس الكثيرين منهم فيما اضطر البقية للاحتماء بمراكز ودور إيوا وفرتها الحكومات أو المنظمات الطوعية بالمدن وكان الغلبة في ذلك للمدارس الحكومية بمستوياتها كافة، فضلا عن داخليات الجامعات.

وتابعت: هذا إلى جانب لجوء البعض لدول الجوار، ولأن الحرب باغتت الجميع وهي تدخل شهرها الخامس بلا أدنى مقومات للمعيشة مع توقف المرتبات وقطع أرزاق عمال اليومية والحرفيين وغيرهم من أصحاب المهن الهامشية والدخل المحدود فقد وجد هؤلاء انفسهم أمام تحد كبير وظروف إنسانية بالغة التعقيد.

وأضافت “أبو القاسم” – خلال تصريحات لـ”صدى البلد” أنه سكن الكثير من النازحين في دور إيواء سواء كانت مدارس او داخليات وغير ذلك في بيئة غير مناسبة، كما تختلط الأسر بعضها البعض مع مراعاة عزل الرجال والشباب في دور منفصلة، ووصفت أنه بحسب زيارة لاثنين من دور الايواء بمدينة ود مدني- ولاية الجزيرة، ففي مدرسة “عائشة بخيت” بحى المطار والتي تأوي أكثر من (140) أسرة توزعوا بين طوابق البناية الثلاث يشرف عليهم شباب متطوعين يسعون لتوفير احتياجاتهم من المأكل والمشرب والأخير.

وأكدت أنهم “يجدون معاناة في توفيره بسبب انقطاع الإمداد المائي حد الاستعانة بالدفاع المدني وتوفير وقود السيارات التي تقل المياه عبر تناكر، أما الغذاء فيوفرونه من مخاطبة بعض المنظمات واجتهادات شخصية كون الدار وبعض الدور الأخرى غير مسجلة لدى وزارة الشباب والرياضة التي تطلع بالأمر وتسجل الدور، ومع ذلك يفلح هؤلاء الشباب في توفير مؤن غذائية سوى بالاستدانة من المحال التجارية والتسديد لاحقا او ملاحقة بعض منظمات الاغاثة والعاملين عليها فلمسنا رضا من السيدات والفتيات في الدار”.

وتابعت قائلة: “هذا نموذج يختزل حال السواد الأعظم من النازحين بالولايات الآمنة، اما تلك التي تشتعل فيها الحرب بخلاف العاصمة الخرطوم فحالهم اسوأ بكثير مثل اقليم دارفور سيما غربه الذي تعرض لمجازر أشبه بالتطهير العرقي ومن نجا منهم فقد يمم مئات الآلاف وجهه شطر الدول الحدودية كتشاد حيث يعيشون في مخيمات تتكفل بهم بعض المنظمات والدول، أيضا لجأ البعض لدول إفريقيا والجوار وهؤلاء أيضا ليسوا بأقل معاناة ممن بالداخل، حيث إنهم فروا من جحيم الحرب في ايامها الأولى بلا أدنى استعداد ليواجهوا ذات مصير مواطنيهم في الداخل من قلة الدخل وانعدام السكن، وانقطاع المصروف وغيره “.

وأشارت إلى أن هذا ملخص للأوضاع الإنسانية في السودان إبان فترة الحرب التي من تداعياتها أيضا تعطل العملية التعليمية وشلها وأخطرها عدم جلوس طلاب الشهادة السودانية للامتحان الأمر الذي سيربك التقويم الدراسي بصورة كبيرة تشمل حتى الولايات المستقرة الأمر الذي دفع بالطلاب سيما الجامعات التقديم للدراسة في دول متفرقة كسبا للزمن سيما أن التعليم مؤخرا ظل يتعرض لعدد من الاشكالات التي أدت لتعثر العام الدراسي حتى قبيل الحرب، ولعل من تداعيات الحرب كذلك تعرض عدد من الفتيات للاغتصاب من قبل المتمردين والخطف والسبي الأمر الذي عزز هروب الأسر خوفا على بناتهم واطفالهم.
واختتمت: الدمار الذي أصاب السودان والعاصمة الخرطوم كبير جدا على كافة الأصعدة ويحتاج لجهد مقدر حتى تستعيد البلاد عافيتها سيما البنى التحتية والإعمار وقد تضررت العديد من المقرات والمؤسسات والمصانع والمشافى وكل المرافق الحيوية ناهيك عن البيوت التي سلبت ونهبت ودمر بعضها وهذا لا يتأتى إلا بتضافر العديد من الدول وصناديق الإعمار ومن ثم عودة الأهالي لإعمار ما يليهم وتدريجيا سترجع الأمور إلى نصابها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.