علي بلدو: الحرب تسببت في زيادة الحالات النفسية
قال استشاري الطب النفسي والعصبي وعلاج الإدمان، د. علي بلدو، إن هنالك زيادة مطردة في الحالات النفسية بسبب الحرب في السودان، وأوضح في حوار مع “الترا سودان” أن الأطفال هم من يدفعون الفاتورة الأكبر للحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
علي بلدو لـ”الترا سودان”: مشاهد العنف التي مر بها الأطفال من جثث وقتل واشتباكات وأصوات القذائف والمدافع تقضي على الطفولة تمامًا
وأوضح بلدو في حوار مع “الترا سودان”، أن مشاهد العنف التي مر بها الأطفال من جثث وقتل واشتباكات وأصوات القذائف والمدافع تقضي على الطفولة تمامًا وتجعلهم عرضة للكوابيس والأحلام الليلية المزعجة والتمتمة والشعور بالخوف، بجانب ارتفاع معدل الكآبة لديهم والبكاء المتواصل وصعوبات النوم ليلًا وفقدان الوزن وقلة التركيز.
وقال استشاري الطب النفسي والعصبي وعلاج الإدمان، إن الأطفال يعيشون ظروف خطيرة للغاية من واقع سوء التغذية، الأمر الذي يجعل مستقبل أطفال السودان في مهب الريح -حسب وصفه- ويجعلهم في حاجة ماسة إلى إعادة التأهيل والدمج والعلاج النفسي والطبي والاجتماعي.
حدثنا عن آثار حرب الخرطوم على المواطن؟
– يعيش المواطن السوداني واقعًا نفسيًا خطيرًا للغاية، وليس هناك مواطن في مأمن من الاضطرابات الخاصة بالقلق والتوتر والخوف وتبعات ما بعد الصدمة، سواء عاش ما حدث أو سمع عنه.
بالإضافة إلى ذلك فإن تداعيات الحرب انعكست على زيادة عدد متعاطي المنشطات والأدوية دون استشارة طبية، وهذا يعني العودة إلى المربع الأول في مجال المخدرات في السودان.
ما هي الأمراض النفسية التي يعاني منها الوافدون إلى العيادات؟
– تبعات ما بعد الصدمة وحالات التوهان والشرود، بجانب ارتفاع معدلات الخوف و القلق والاكتئاب النفسي، بالإضافة إلى فقدان القدرة على الاستمتاع والتعايش وفقدان التوازن النفسي والبوصلة الاجتماعية.
بماذا تنصحهم لتجاوز هذه الأزمة؟
– زيادة الوعي و المهارات النفسية للتأقلم مع الأوضاع، وعدم الوقوع في براثن اليأس وفقدان الأمل، وتعزيز الثقة بالنفس، والعمل في إطار الجماعة، وإيجاد طرق ذاتية وشخصية في إدارة الأزمة، إلى جانب ضرورة اللجوء لمراكز الدعم النفسي للتعافي و العلاج الجماعي وبرامج مناصرة الناجين من العنف والضحايا والمتأثرين بذلك. كما أرى أن الكل أصبح بشكل أو بآخر متاثرًا بما يجري في البلاد حتى الذين خارج السودان.
متى ينبغي على الشخص أن يلجأ إلى الطبيب النفسي؟
– في واقع الأمر فإن كل شخص يحتاج لمراجعة الطبيب النفسي من وقت لآخر، حتى وإن لم يكن يشتكي من أية أعراض أو شكوى واضحة، بحيث أن مثل هذه الثقافة تساعد على الوقاية من الأمراض وزيادة جودة الحياة. وفي تقديري فإن كل سوداني وسودانية الآن بحاجة ماسة للدعم النفسي والاجتماعي ومراجعة الطبيب النفسي عاجلًا أم آجلًا.
هل تعتقد أن نسبة حالات الاضطرابات والأمراض النفسية في ازدياد؟ ولماذا؟
– هناك زيادة بصورة مستمرة في حالات الاضطرابات النفسية التي أعقبت نشوب الحرب في السودان، وهناك انعكاسات وسط حالات الإدمان التي تم علاجها سابقًا، وذلك بسبب توقف الكوادر الطبية عن العمل وتوقف جميع المستشفيات الصحية في البلاد، بجانب النزوح والهجرة إلى الخارج.
كيف تؤثر الأمراض النفسية على الصحة الجسدية؟
– هناك حالات كثيرة جدًا نجدها تلجأ إلى العلاج الطبي النفسي نتيجة لإصابتها بالاضطرابات الـ”نفس-جسدية”، أو الشعور بأعراض جسدية مثل ألم الجسد والاستفراغ وغيرها من الأعراض، وعند الفحص طبيًا لا تجد أي مرض عضوي.
إن هذه الفئة من الأشخاص تشكل حوالي (65)% من مرتادي العيادات الباطنية والجراحة، وهم في واقع الأمر يعانون من حالات نفسية مختلفة مثل التوتر والشد العصبي والخوف من المرض، وبالتالي تستهلك مواد طبية وفحوصات ليست في حاجة إليها. كثيرون يرددون عبارة “مشيت الدكتور وما لقيت عندي شيء”، ولكن في الحقيقة هم في حاجة إلى علاج نفسي.
هل لديك إحصائية بعدد الذين يعانون من الحالات النفسية جراء الحرب؟
– يصعب ذلك حاليًا للظروف المحيطة، لكن مما لا شك فيه أن الحالات بعد الحرب تتضاعف نسبتها.
ما هي أبرز الحالات التي سجلت منذ بداية الحرب حتى الآن؟
– حالات العنف والعنف اللفظي والبدني التي يتم الإشارة إليها من حين إلى آخر تشكل بيئة خصبة لتوالد الأمراض النفسية والعصبية والصدمة والانكفاء والكآبة، والتي قد تؤدي إلى الرغبة في إيذاء النفس والانتحار بسبب الظروف الراهنة.
هل سجل السودان حالات انتحار خلال الثلاثة أشهر الماضية؟
– لا توجد إحصائيات دقيقة نتيجة للنزوح إلى أماكن مختلفة واللجوء الخارجي واختلاف المحطات، بجانب صعوبة الوصول إلى الضحايا.
كيف أثرت الحرب نفسيًا على الأطفال؟
– الأطفال هم من دفع الفاتورة الأكبر في الحرب الدائرة الآن من واقع تعطيل المسيرة الأكاديمية وتفتت الأسر والاغتراب والنزوح، وكذلك مشاهد العنف التي مروا بها من جثث وقتل واشتباكات وأصوات القذائف والمدافع مما يقضي على الطفولة تمامًا ويجعلهم عرضة للكوابيس والأحلام الليلية المزعجة والتمتمة والشعور بالخوف وارتفاع معدل الكآبة لديهم، كل ذلك بجانب البكاء المتواصل وصعوبات النوم ليلًا وفقدان الوزن وقلة التركيز، وأيضًا يعيشون في ظل ظروف خطيرة للغاية من واقع سوء التغذية مما يجعل مستقبل أطفال السودان في مهب الريح، ويضعهم في حاجة ماسة إلى إعادة التأهيل والدمج والعلاج النفسي والطبي والاجتماعي.