واشنطن تقترب من حرب كارثية في الشرق الأوسط
اعترضت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية صواريخ أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن، وشهدت قواعد أمريكية في سوريا حوادث إطلاق نار، وأطلقت طائرات من دون طيار الصواريخ على قواعد للقوات الأمريكية في العراق، وكلها أحداث متزامنة بالتوقيت لكنها مختلفة في الأماكن.
التطورات في الشرق الأوسط ليست كافية لحرب شاملة
بحسب تحليل للكاتب بن ودمان في شبكة “سي.إن.إن” الأمريكية الإخبارية، قد تكون غزة هي المكان الذي تدور فيه الحرب الآن، ولكن في مختلف أنحاء الشرق الأوسط تلمع أضواء التحذير باللون الأحمر في إشارة إلى المزيد من التعقيدات القادمة..
دعم مطلق بالمليارات
نشرت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط، لردع إيران وحلفائها سوريا وحزب الله من فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل.. ويوجد ألفان من مشاة البحرية الأمريكية على أهبة الاستعداد للانتشار في المنطقة، كما أمضى الرئيس الأمريكي جو بايدن 7 ساعات في إسرائيل، الأربعاء، وأعرب عن دعمه الكامل للحملة الإسرائيلية ضد غزة، لكنه حث القادة الإسرائيليين، وكرر ذلك في خطابه، مساء الخميس، من البيت الأبيض، على ألا يعميهم الغضب.. متعهداً بتقديم مساعدات إضافية لإسرائيل بمليارات الدولارات.
وأمضى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، قبل بايدن 7 ساعات في الاجتماع مع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي (ليس مجلس الوزراء الإسرائيلي العادي)، أي مجلس الوزراء الحربي وفي الوقت نفسه، تقوم الولايات المتحدة بنقل كميات هائلة من الذخيرة والمعدات جواً لمساعدة المجهود الحربي الإسرائيلي.
كل ذلك يؤدي إلى أن تقترب الولايات المتحدة من الاحتمال الحقيقي للغاية، وهو “التورط المباشر” في حرب إقليمية في الشرق الأوسط، والآن في أفضل الأحوال.. تسعى الولايات المتحدة جاهدة للرد على أحداث خارجة عن سيطرتها إلى حد كبير.. وفي هذه التضاريس الخطيرة، فجأة أصبحت نقاط الضعف في الوجود العسكري الأمريكي المترامي الأطراف في جميع أنحاء الشرق الأوسط واضحة بشكل صارخ.
المنافسات الإقليمية
لدى الولايات المتحدة قوات في شمال شرق وجنوب شرق سوريا، وهي الدولة التي يعمل فيها الجيش السوري، وقوات من روسيا وتركيا وإيران وحزب الله، ومجموعة من الفصائل المسلحة، والميليشيات الكردية، فضلاً عما يزال نشطاً من فلول تنظيم داعش الإرهابي.
وتقصف إسرائيل بانتظام أهدافاً في سوريا، ويعتقد على نطاق واسع، أن آخرها، كما يُعتقد كان على نطاق واسع، باستهدف مطاري حلب ودمشق، بهدف منع إيران من نقل الأسلحة والذخائر جواً.
وللولايات المتحدة أيضاً وجود عسكري في العراق، حيث يعمل عدد لا يحصى من الميليشيات المدعومة من إيران، والمسلحة جيداً والمتمرسة في القتال بشكل مستقل إلى حد كبير عن الحكومة العراقية.
هناك إيران
على الرغم من عقود من “العقوبات الصارمة” التي فرضتها الولايات المتحدة، نجحت إيران في تطوير مجموعة من الأسلحة المتطورة.. وقد اكتسب الحرس الثوري خبرة قتالية قيمة في سوريا والعراق، وقدمت التدريب والأسلحة للميليشيات الحوثية في اليمن والحكومة السورية وحزب الله وحماس وحركة الجهاد الفلسطينية.
في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة لقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) 2020، تمكنت إيران من إطلاق وابل من الصواريخ على قاعدة أمريكية في العراق المجاور، بينما يكلف نقل جندي واحد من مشاة البحرية الأمريكية إلى الشرق الأوسط آلاف الدولارات، فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد رحلة بالحافلة لجندي من الحرس الثوري الإيراني، للوصول إلى بغداد أو دمشق أو بيروت.
وبحسب الوكالة الإخبارية، ربما تمتلك الولايات المتحدة أقوى جيش في العالم، ولكن كما أثبتت الهزائم الأمريكية في فيتنام وأفغانستان، فإن هذا لا يضمن النصر على عدو مصمم وواسع الحيلة.. أو في حالة الشرق الأوسط اليوم، الأعداء.
احتجاجات ضد إسرائيل وأمريكا
مع احتدام الحرب في غزة، يغلي الغضب في الشرق الأوسط.. في الأردن، ولبنان، وليبيا، واليمن، وإيران، وتركيا، والمغرب، ومصر، وفي أماكن أخرى، اندلعت الاحتجاجات ضد إسرائيل، ولكن قدراً كبيراً من الغضب موجه أيضاً ضد الولايات المتحدة، الداعم الأكثر صوتاً وإصراراً وكرماً لإسرائيل.
وألغى العاهل الأردني الملك عبدالله، الصديق العربي الأكثر تعاوناً مع واشنطن، القمة المقررة مع الرئيس بايدن في عمّان، بعد الانفجار المميت الذي وقع في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة.. لا شك أنه والمشاركين الآخرين في القمة المخطط لها، من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كانوا يكرهون أن يُنظر إليهم جنباً إلى جنب مع زعيم أمريكي يحتضن إسرائيل بشدة، مع ارتفاع عدد القتلى من المدنيين في قطاع غزة.
ولا يزال بوسع الولايات المتحدة أن تحصي حلفاءها في المنطقة.. الشوارع مسألة مختلفة تماماً وتصاعد الغضب في أعقاب الانفجار المميت الذي هز المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، الثلاثاء، وأدى إلى مقتل المئات فيما يتهم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل بقصف المستشفى.. وتنفي إسرائيل ذلك.