آدم مهدي يكتب: *حجم التآمر*
من كان يظن أو يتخيل أو يعتقد أو يراوده احساس أن ما يحدث في السودان هو مجرد خلاف سياسي أو اصراع نفوذ بين جنرالين او نزاع من أجل البقاء بين الجيش والدعم السريع أو هو نتاج ازمة سياسية بسبب الصراع حول السلطة بين المدنيين وقد تمظهر في شكل خلافات بين البرهان وحميدتي عقب التوقيع علي مسودة الإتفاق الاطارى من كان يظن ان الاسباب انفة الذكر هي العنصر المحرك للقتال في بلادنا فهو واهم وقصير النظر ولم يقرأ التاريخ ولم يعايش الواقع ولم يتفحص المستقبل،
لأن حجم التآمر أكبر وأعظم و أعمق وأصلب مما يتوقع العامة أو حتي بعض النافذين ومتخذي القرار في بلادنا
فالسودان بموارده المادية والبشرية وأرضه الخصبة البكر وموقعه الجيواستراتيجي وعمقه البحري وأنهاره التي تجري بين يديه فضلاً عن موارده المعدنية كان وما يزال موجود في سجلات المخابرات العالمية ومضمن في استراتيجيات الدول العظمى
بأن لا يكون لهذا البلد شأن عظيم في محيطه العربي والإفريقي وان يحجم دورة الدولي ونفوذه في منظمات الامم المتحدة ولن يتحقق ذلك الا بانشغال السودانيين بانفسهم والحيلولة دون تقدم هذا البلد لذلك وضعت الاستراتيجيات بعيدة المدى لهذه الدول حتي تغيب شمس السودان التي اشرقت في 1956/1/1م وهو يوم استقلال السودان من الاستعمار الانجليزي المصري
بدأت حلقات التآمر فعلياً بتمرد كتيبة الانانا (1) في جنوب السودان عام 1955م بدواعي التهميش وعدم التوازن التنموي والمطالبه بالحكم الذاتي وهو اسم الدلع لميلاد الانفصال واخمدت نار الفتنة باتفاقية أديس ابابا أيام حكم المشير جعفر نيميري، ولكنها لم تصمد كثيراً حتي تجدد التمرد في 1983م بقيادة جون قرنق تحت مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان واستمر هذا القتال الي العام 2005م حتي وقعت اتفاقية السلام الشاملة بمشاكوس في دولة كينيا وانتهى الامر بانفصال جنوب السودان
وقبل اسدال الستار علي الحرب في جنوب السودان انطلقت اشرارة اخرى في دارفور حيث إعلان التمرد من قبل حركتي العدل والمساواة بقيادة دكتور جبريل ابراهيم وحركة وجيش تحرير السودان بقيادة الكمرد عبدالواحد نور في العام 2003م وقضى القتال هناك علي الاخضر واليابس حيث القتل والتشريد والنزوج واللجوء وقعت في سبيل انهاء الصراع عدد من الاتفاقيات منها ابوجا والدوحة وانتهت باتفاقية جوبا لسلام السودان 2020م
في ذات الوقت كان وكلاء الغرب يعملون علي نفخ الروح وتضخيم قوات الدعم السريع في السودان واعدادها لمرحلة وفصل جديد من الدمار في السودان حتي وصل الصراع ذروته وانفجر في 15إبريل 2023م في حرباً لم تحدث من قبل ولا اظن انهاء تتكرر في المستقبل كل هذا يأتي ضمن سلسلة حلقات تفكيك الدولة السودانية ولكن المؤسف في الامر ان أدوات التفكيك هذه هي ابناء السودانيين انفسهم
دون وعى منهم أو بهدف اطماعهم في الوصول الي السلطة في مقابل ذلك يدفع المواطن السوداني ثمن غباء وتهور الساسه والقادة العسكريين الذين وقعوا ضحية لمشروع مخابرات الدول التي تطمع ان يكون السودان تحت امرتها أو لن يكون له دور ولن يستقر أو ينعم مواطنه بالأمن هذا الامر لديه ارتدادات سالبه حيث يجعل المواطنيين يفقدون الثقة والقدوة في ساسة بلادهم ممكن يعمق الازمة ويسهل عملية الاختراق وسهولة توجيه الراي العام الداخلي وخلق جبهة معادية للقادة الوطنين مما يفقد البلاد ميزة وحدة الجبهة الداخلية
لذلك يجب علي الجميع استشعار المسؤلية تجاه بقاء الوطن واحد موحد ولن يحدث ذلك الا بخلق وحدة داخلية وتوافق سياسي واسع لا يستثني احد ووضع مستقبل البلاد مقدماً علي كافة الاهداف والاغراض الحزبية والشخصية وان لم ينتبه الساسه والقاده والمجتمع فان هذه الحرب وان انتهت لن تكون الاخيرة ستشتعل مرة اخرى لتركيع البلاد وسلب ارادة العباد
مما يحتم علي الجميع معرفة حجم التآمر الذي قد يقوف قوة وطاقة وقدرات ووسائل وآليات بلادنا في مواجهة مثل هذا النوع من التهديد الوجود لذا فان الدعم السريع ليست الا أداة من ادوات تفكيك السودان دون وعي.