منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. ليلى الضو أبو شمال تكتب : الانتماء… سوداني

0

أن تنتمي لبقعة في الأرض وتنسب لها فإن هذا الانتماء يعني الاحتواء والأمان إن فقدته فقدت بوصلة حياتك،، أن تكون إنسانا بلا وطن فذلك يعني أنك كشجرة بلا جذور تهوى على الأرض مع أول عاصفة،،،و ما دعا لذلك الحديث احساس كل سوداني أنه أصبح بلا وطن حتى لمن يسكن ترابه، هذه الحرب اللعينة التي حلت علينا قبل أكثر من نصف عام أوقفت حياتنا ودمرت خلايا الأمل في دواخلنا ونصبت خيام الحزن في قلوبنا وقضت على طموح شبابنا، وعصفت بأحلام الصغار الذين كانوا يرددون في أرجاء مدارسهم أن هذه الارض لهم،، حيث لم تعد الأرض لهم ولم تعد هناك ذكريات يعيش عليها هؤلاء الصغار وتحطمت الامال لتتساقط كما سقطت مبانيهم ومدارسهم ، واحترقت القلوب على واقع أظلم عليهم طريق المستقبل الذي كانوا ينشدونه.
إن الشعب السوداني ظل شعبا صبورا يحلم أن يكون كما يرى العالم الذي يتقدم من حوله ولكن تتراجع الأحلام وهو يجد أن الأمس كثيرا ما كان أفضل من اليوم، ويخشى أن يكون اليوم أفضل من الغد، لقد تسببت الحرب في إكمال الإنهيار النفسي في دواخل كل مواطن سوداني وبلغ به الحال أن يكون كما يكون، وأن تلعب به الأقدار كما تشاء حيث لا أمل ولا رجاء، وما أقسى أن يصل بك الحال إلى مرحلة العجز حيث تكون عاجزا عن منح دواخلك الأمل بالغد الأفضل، فالشعوب تتعلم من المحن والمصائب وتتغير نحو الأفضل الا نحن لم تعلمنا الدروس والعبر،، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ،فالرجاء في أن يكون لنا أرض نجتمع حولها ونحسن إدارتها حبا وانتماءا وتقديسا ، حيث لا ينصلح حالنا ونحن نسبها ونلعنها فتعود اللعنة علينا .
إن قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة حزن عليها حزنا شديدا وقال في رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله أكرمها على الله تعالى ولولا أن اهلك أخرجوني منك ما خرجت منك)
وهذا دلالة على الإنتماء وحب الأوطان والإحساس فيها بالأمن والأمان،، لقد جاءت الحرب في السودان وأخرجت الناس من ديارها فمنهم من غادر خارج الوطن ومنهم من نزح في داخله ولكنهم جميعا لم يكونوا راضين كما كانوا امنين في ديارهم ،، بل كثيرون ماتو قهرا وحزنا كما تموت الأسماك عند خروجها من الماء .
إنها دعوة لحب الأوطان والتمسك بها وتحصينها بحب الشعوب لها والتغني بجمالها وإن كانت مشوهة بالحروب والأطماع، فالذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.