د. محمد عبد الرحيم يكتب : *عن مثل د. رشاد الكتابة فرض عين*
١. صاحب الصور المرفقة مع البوست هو الدكتور رشاد محمد صديق. طبيب صيدلي إلتحق بالقوات المسلحة ووصل لرتبة رائد ثم استقال منها للتفرغ لأعماله الخاصة.
رجل ناجح في عمله الخاص. زوجته وطفليه يقيمون في دولة قطر. والرجل من أبطال الجمهورية في السباحة. وهو صاحب سيرة عطرة يلهج بها لسان كل من عرفه من زملاء الدراسة والمهنة والسكن.
٢. الرجل لم أكن على معرفة به. عرفته صدفة وعن طريق الوسائط فقط.
عند اندلاع هذه الحرب اللعينة وخلال شهرها الاول والثاني وضح أن هناك نقص شديد في المستهلكات الطبية والأجهزة والادوية ومعدات العمليات في كل المستشفيات التي يُخلَى لها جرحى العمليات أو التي يتردد عليها المدنيون. خاصة بعد احتلال المليشيا لعدد كبير من المستشفيات والتخريب المتعمد لكل مخازن وإمدادات الأدوية والمستهلكات الطبية.
حينها بادر زميل عزيز من (أهل الحارة) من الاطباء بجمع عدد قليل من الاطباء من داخل وخارج السودان في (قروب واتس) لإنجاز مهمة محددة وهي إسعاف عاجل لتحسين اوضاع المستشفيات داخل وخارج الخرطوم بأقصى ما يستطيع هؤلاء النفر من دعم ريثما تأتي بقية المبادرات الرسمية والشعبية التي تتالت بعد ذلك فعلا.
٣. عند إنشاء هذا (القروب) المصغر اقترح الأخ الكريم د. حسن بحاري Hassan Mohammed Hassan Bahari إضافة د. راشد. وحينها عرفته، وعلمت أنه بمجرد إندلاع الحرب سلم نفسه للقوات المسلحة متطوعا (بدلا من إيثار السلامة والسفر لأبنائه في الدوحة). وانتقل للإستقرار كليا ما بين مستشفى سلاح المدرعات و (بست كير). يقف بنفسه على الحوجات الطبية ويسعى بعربته الخاصة في طرق مشتعلة بالمعارك إلى باقي المستشفيات لتوفير الإحتياجات، حتى أُصيبت سيارته ب (مسيرة) دمرتها تماما.. وخرج منها د. رشاد سليما.. لكنه عاد إلى سلاح المدرعات لاستكمال مهمته.
٤. كانت مشاركة د. رشاد في القروب محدودة جدا. تقتصر فقط على نشر ما تحتاجه المستشفيات من ادوية ومستهلكات، ومتابعة توفيرها وتوزيعها على المستشفيات. أو بالحديث عن بطولات جنود القوات المسلحة وإخوانهم من المتطوعين التي يشاهدها من موقعه.
لم يكتف بذلك. فقد ورث بندقية الشهيد محمد الفضل (ود الفضل) الذي كانت تربطه به وبالشهيد د. أيمن علاقة عجيبة. وطفق يخرج مقاتلا ببندقيته وهو الماهر جدا في استخدام السلاح جنبا إلى جنب مع ما يقوم به من مهام لوجستية للمستشفيات المدنية والعسكرية.
٥. كانت همته العجيبة تلفت نظري مما دعاني لدخول حسابه على الفيس حتى أعرف عنه أكثر. وجدت أن حسابه مغلق!! أحسست كأنه يقول لي أن الوقت للعمل والتضحية لا للوسائط وأخبارها.
تأملت في الأصدقاء المُشتَركين بيننا ووجدت فيهم بعض زملاء المهنة الذين ربما عرفوه أكثر مني وعلموا من صفاته ما لم أعلم..
وجدت من الصيادلة الصديق العزيز والدفعة منذ الأميرية المتوسطة عطبرة وخورعمر الثانوية ثم جامعة الخرطوم فهد عبدالله Fahad Abdalla Abdelhadi
والدفعة العزيز فخرالدين السيوطي Fakhreldin Elsoyouti
والسنير الحبيب الرجل العلم نجم الدين المجذوب Nagm Magzoub
ومن الطبيبات برلومتنا العزيزة نون هاشم Noon Hashim
وغيرهم من الزملاء الأعزاء.
٦. أخيرا ترجل الفارس شهيدا.
قدّم د. رشاد روحه فدى لهذا البلد الكريم. روى د. راشد بدمه تراب الخرطوم. أقبل بشجاعة في مواجهة المليشيا ومَن خلفَها مقبلا غير مدبر.
٧. هكذا عاش هذا البطل.. هو شاب عادي من شباب السودان، وهبه الله مواهب أكسبته نجاحا في حياته العلمية والعملية وفي هواياته الرياضية وفي علاقاته بالناس كل الناس.
٨. تقبل الله الشهيد د. رشاد، وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأفرغ صبرا جميلا على أسرته الصغيرة والكبيرة، والعزاء لزملاء المهنة من الصيادلة والاطباء في ربوع البلاد وخارطها، وجعل دماءه مهرا لسودان موحد ناهض قوي كاسر لكل محاولات تركيعه وإسقاطه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله..
…. منقول : صفحة د محمد عبدالرحيم