ابراهيم عثمان يكتب : *أساطين الكذب*
ابراهيم عثمان يكتب :
*أساطين الكذب*
مذيع الجزيرة أحمد طه : الجانب الآخر يقول، قيادات الجيش يقولون : ليسلموا باشتراطات جدة ونحن مع السلام ..
جعفر حسن : ( دعني أقول لك حقيقة جدة بالتفصيل : اتفق الطرفان على المرحلة الأولى حسن النوايا ( تحسين الخطاب الإعلامي، تباعد الارتكازات، وإبعاد الأسلحة الثقيلة، وإلقاء القبض على المروجين للحرب، وإلقاء القبض على المطلوبين لدى الجنائية الدولية )، هذا إعلان المبادئ كانت هي المرحلة الأولى يتم التوقيع عليها لكي تدفع الناس للمرحلة الثانية، المرحلة الثانية هي الخروج من الأعيان المدنية، المرحلة الأولى لم يتم التوقيع عليها، وفي لحظة التوقيع انسحب وفد الجبش، وعاد إلى الخرطوم ولم يعد، وأعلنوا فيها إن لم يخرج الناس من بيوت المواطنين فإننا لن نذهب إلى التفاوض، هذه هي الحقيقة ) … ( المهم الآن يجب أن يخرج الدعم السريع من بيوت الناس، يجب أن تخرج كل القوى من بيوت الناس، لكن كل هذا يتم بالتفاوض، ويتم بالاتفاق، وأنا أقول لك بصراحة جداً إيقاف هذه الحرب إذا جد الناس أرواح الناس أغلى من البيوت …)
▪️الملاحظ أن مذيعي القنوات الفضائية والصحفيين يوجهون الأسئلة لقادة قحت بافتراض أنهم يمثلون الدعم السريع، وأنهم سيحصلون منهم على إجاباته على الأسئلة الساخنة !
▪️المدهش أن قادة قحت لا يعترضون على هذا الافتراض، ولا يحيلون الأسئلة إلى قادة التمرد، ثم يدلون بدلوهم كطرف ثالث أقرب إلى الحياد !
▪️المدهش أكثر أنهم يدافعون عن موقف التمرد أكثر من مستشاريه وإعلامييه وقادته، وبحجج لا يقولون بها هم أنفسهم !
▪️والمدهش أكثر من هذا أنهم يزايدون على المتمردين في الكذب، وينتجون أكاذيب جديدة، ويستغبون الشعب بأكثر مما يفعل المتمردون، ويضعون كذبهم تحت عنوان قول “الحقيقة” !
▪️لقد كذب جعفر حسن عامداً قاصداً التضليل حين اخترع قصة المراحل، وجعل إخلاء المنازل مرحلة تالية لمرحلة أولى، فالإخلاء وغيره من الجوانب الإنسانية كان هو المرحلة الأولى المتفق عليها، وكان هذا هو موضوع إعلان جدة الموقع في ١١ مايو ٢٠٢٣، والذي تضمن إخلاء المنازل والمرافق كبديهية يفرضها القانون الدولي الإنساني، ولا يرتبط تنفيذها باشتراطات تسبقها وتجعلها مرحلة ثانية !
▪️وكذب عامداً حين أشار إلى بيان الوساطة الصادر في
٧ / ١١/ ٢٠٢٣، وصوَّر تنفيذ محتواه من “إجراءات بناء الثقة” كمرحلة أولى تسبق إخلاء المنازل ( المقر مسبقاً في ١١ مايو ) !
▪️وكذب عامداً قاصداً التضليل حين تجاهل أن بيان الوساطة في ٧/ ١١ نفسه أكد على إعلان جدة، الذي حسم مسألة إخلاء المنازل .
▪️ومارس التضليل الفج حين أوحى للمواطنين بأن الجيش كان قد وافق على تجاوز إعلان جدة، وعلى فكرة أنه من حق المتمردين أن يحصلوا على ما يطمئنهم ويرمم ثقتهم قبل إخلائهم المنازل، ثم تراجع بعد موافقته !
▪️وقد بلغ بالابتزاز والاستثمار السياسي في معاناة الناس حداً بعيداً حين أوحى للمواطنين بأن إخلاء منازلهم مرهون باشتراطات من بينها القبض على خصومه السياسيين، وأن هذا طبيعي ولا غبار عليه !
▪️ومارس التضليل حين أوحى للناس بأن الدعم السريع برئ من تهمة عدم تنفيذ ما يليه من “إجراءات بناء الثقة” سواء لجهة المطلوبات العسكرية، أو لجهة تحسين الخطاب الإعلامي، أو إلقاء القبض على المروجين للحرب، وإن زعم أنه لم يقصد تبرئته، فسيكون قد اعترف بتهم جديدة للمتمردين وأبطل كل مرافعته عنهم بخصوص المنازل !
▪️وقد قصد التضليل، ومارس عادتهم المزمنة في توزيع التهم بين الجيش والمتمردين حين قال : ( المهم الآن يجب أن يخرج الدعم السريع من بيوت الناس، يجب أن تخرج كل القوى من بيوت الناس، لكن هذا يتم بالتفاوض ) قاصداً الإيحاء بأن الجيش أيضاً يحتل منازل المواطنين، ولا لائم له، ولا مفاوض لإخراجه منها !
▪️ومارس مغالطة المأزق المفتعل، أو الإحراج الزائف، أو المعضلة الكاذبة false dilemma حين قال ( أرواح الناس أغلى من البيوت )،، فلا تعارض بين الإثنين، بل إن إخلاء البيوت يساهم كثيراً في الحفاظ على أرواح الناس، ويساعد على إيقاف الحرب، أما مساندة التمرد في التمسك بها لحين تلبية شروطه فهو يكشف عن الاستهانة بالأرواح والممتلكات معاً !
إبراهيم عثمان