صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو) يكتب :
*النافذة المكسورة*
▪️أجرى فيليب زمباردو .. وهو عالم نفس وإجتماع تجربةً مثيرة في العام 1969 أصبحت فيما بعد واحدةً من أشهر التجارب في دراسات علم الجريمة بشكلٍ خاص وفي العلوم الاجتماعية على نحوٍ عام .
▪️قام العالم بترك سيارتين بأبوابٍ مفتوحةٍ ولوحات وبلا أرقام في منطقتين مختلفتين .
▪️ترك إحداها في حيٍ فقير والأخرى تركها في حيٍ غني . ▪️بدأ المارة في الحي الفقير بسرقة وتخريب السيارة في بضع دقائق وتم تدميرها بالكامل في غضون ثلاثة أيام .
▪️في الجانب الآخر .. وفي الحي الغني تطلب الأمر وقتا أطول للمارة في لبدء تدمير السيارة .
▪️هذا الأمر أرغم زمباردو على التدخل بكسر إحدى نوافذ السيارة .. فسرعان مابدأ الناس بكسر المزيد من النوافذ وسرقة السيارة .
▪️إستغرق هذا الأمر وقتًا مشابهًا للحي الفقير لتتحوّل السيارة بالكامل إلى خردة في بضعة أيام .
▪️بعد ذلك وفي العام 1982 .. تابع عالمان آخران دراسة الباحث زمباردو وملاحظاته عن طريق إجراء دراسات مماثلةٍ على مبانٍ وممتلكات أخرى في مناطق مختلفة .
▪️من خلال هذه التجارب استحدثا نظرية عامة أطلقا عليها (نظرية النافذة المكسورة) والتي تم إقتباسها في العديد من دراسات وكتب علم الاجتماع حيث
تتلخص النظرية في الآتي :
– أن إهمال معالجة أي مشكلة في بيئةٍ ما بغض النظر عن صغر حجمها سيؤثر سلبا على مواقف الناس وتصرفاتهم تجاه تلك البيئة مما سيؤدي إلى مشاكل أكثر وأكبر والعكس صحيح .
▪️بالتالي فإن معالجة المشاكل الصغيرة في وقت سريع سيؤدي الى بيئةٍ أفضل وسلوكٍ أحسن ..
▪️مما يثير الإهتمام في هذه الدراسات أنَّ الأشخاص الذين قاموا بالتخريب المتعمد للسيارات والمباني لم يكونوا مجرمين في الأصل .. وكان معظمهم من عامة الناس والمواطنين الملتزمين بالقانون ومع ذلك فإن النافذة المكسورة او الإهمال قد أرسلا رسائل خفيةً توحي بأنه (لا أحد يهتم وعلى الأرجح ..ولا توجد عواقب لإتلاف ما تم كسره أصلاً) .
*الحكمــــه*
————–
بالإمكان تطبيق هذه النظرية على العديد من مجالات الحياة الأخرى فمثلا :إذا ترك أحدهم بعض القمامة في حديقة عامة .. ولم تتم إزالة تلك القمامة في وقت معقول .. ولم تطبق أي عقوبات على من رماها فإن ذلك سيؤدي قيام أشخاص آخرين بنفس الفعل في الحديقة ذاتها وفي غيرها وستتحول الحدائق إلى مكبات قمامة .. وبالتالي سينفر الزوار منها ويهجرونها .
في المنزل كذلك إذا كنت لا تغسل الأطباق بعد الأكل مباشرةً فسيؤدي ذلك تراكمها وربما إلى مشاكل صحية كبيرة وتجمع بعض الحشرات في المستقبل .
قد يؤدي خلاف صغير مع شريك حياتك إلى مشاكل أكبر تنتهي إلى الإنفصال والتفكك الأسري الذي قد يستمر تأثيره إلى عدة أجيال
لذلك فإن تجاهل المشاكل الصغيرة اليوم سيؤدي إلى مشاكل أكبر بكثير في المستقبل ..
في الواقع العديد من القضايا الصحية والبيئية والاجتماعية التي نواجها في يومنا هذا كانت نتاج تراكمات لأفعال وسلوكيات وظروف خاطئة صغيرة تم تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي .
لذا ينبغي على الجميع محاولة إصلاح النوافذ المحطمة في حياتنا حتى يحظى أطفالنا والأجيال القادمة بمستقبل أفضل .
⭕ على دولتنا السودانية بعد هذه الحرب إصلاح كثير من النوافذ المكسورة حتى ينصلح الحال وتتقدم بلادنا وأولها ضبط التواجد الأجنبي وإصلاح امر الجنسية وكثير من القضايا العالقة .
.
