منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ابراهيم عثمان يكتب : *الفصل بين الجرائم والسياسة !*

0

ابراهيم عثمان يكتب :

*الفصل بين الجرائم والسياسة !*

خالد عمر يوسف : ( مواطني الجزيرة عاشوا الأمرين بسبب انتقال الحرب إلى الجزيرة، وهم أظهروا إنهم، في غالبهم، مواطنين بسيطين دايرين يعيشوا حياتهم، لا مع الجيش، لا مع الدعم السريع، وإنو متى ما توفر ليهم الأمان وسبل العيش العادي، مستعدين يتعايشوا مع أي وضع من الأوضاع ، وبالتالي يجب على قيادة قوات الدعم السريع أن تتبع القول بأفعال واضحة وتتصدى لهذه الانتهاكات كما وعدت في بيان صادر عنها ) .. ( في رأينا إنو قضية الانتهاكات دي ما قضية سياسية دي قضية أخلاقية في المقام الأول والأخير، أي طرف يقوم بأي انتهاكات يجب أنو يدان .. ) .. ( للأسف القضية دي الآن مثار تجاذب سياسي وفي انعدام كامل للاتساق فيها، الأطراف الكتيرة المنخرطة في قضية الانتهاكات دي بتسعى إنو تستخدمها في قضية سياسية لإضعاف طرف، أو للانتصار لطرف، وهي تكبر من انتهاكات طرف وتقلل من انتهاكات طرف ) انتهى الاقتباس.

الحرب الممنهجة التي يشنها الدعم السريع على المواطنين تسبب لجماعة قحت معاناة من نوع آخر، معاناة في اجتراح لغة زئبقية تضمن لهم إثبات وقوفهم مع المواطنين وإقناع المتمردين بأن هذا الوقوف لن يخصم من تحالفهم معهم ! ولأنه لا توجد كلمات تحقق هذين الهدفين المتناقضين، فإن اللغة تتلاعب بهم كما يتلاعبون بها، فتتأبى على دور شاهد الزور وقواد الأفكار المخاتلة، وترفض التواطؤ معهم، فتوثق لألاعيبهم وحيلهم ومناوراتهم، وتكشف تناقضاتهم، وتفضح هشاشة منطقهم،، فتضطرهم إلى التعويل على الجهل لكي لا يلحظ الناس أن الكلمات الزئبقية هي كلمات زئبقية، وأنها “زُؤبِقت” قصداً عسى أن تحقق الغرضين ، ولكي لا يلحظوا رضا المتمردين بها واستمرار متانة التحالف معهم !

للقارئ أن يجيب بصدق على هذه الأسئلة ليكتشف ما إذا كانت اللغة التي استخدمها خالد عمر قد فعلت هذا السالف ذكره أم لا :
١/ متى وكيف ( أظهر ) غالب المواطنين أنهم ليسوا مع الجيش ولا الدعم السريع ؟
٢/ أيهما أصح : المواطنون “أظهروا” حيادهم فعلاً أم إن هذه هي رغبة خالد عمر في ظل علمه باستحالة أن يقف المواطنون مع الدعم السريع لأنه يعلم أنه ( أذاقهم الأمرين ) ؟
٣/ هل في تاريخ أحزاب قحت ما يثبت أنها كانت، في أثناء الحروب، تحرص على إدانة الطرفين على قدم المساواة، وتؤسس ذلك على فكرة الفصل بين الجرائم والسياسة أم إن هذه فكرة مستحدثة فرضها التحالف مع المتمردين ؟
٤/ ما التأثير المتوقع لكلماته على التحالف مع الدعم السريع ؟ بل ما تأثير كل ما قالوه عن الجرائم طوال فترة الحرب ؟ هل أثر سلباً على متانة التحالف ؟
٥/ هل يمكن ترجمة موقف جماعة قحت ضد المقاومة الشعبية إلى تصريح ( شفاف ) يعكس موقفهم مما حدث فعلاً من مقاومة في بعض القرى بغير : ( ندين بأغلظ العبارات ما يقوم به بعض المواطنين في القرى ( الخالية من الجيش ) من عمليات مقاومة لجنود الدعم السريع عندما يدخلون إلى قراهم لسرقتها واغتصاب نسائها، وقتل وخطف من يريدون قتله أو خطفه من رجالها، لأن هذه العمليات ( ستؤدي إلى تحول الحرب من حرب “بين الجيش والدعم السريع” إلى حرب أهلية ) ؟
٦/ وهل بمكن تفسير امتناعهم عن التعليق على ما حدث من عمليات مقاومة في بعض القرى بغير أنه نابع من شعورهم بالحرج من التصريح بحق الناس في الدفاع عن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وأيضاً من التصريح بالعكس كما هو ملخص أعلاه ؟
٧/ وهل يمكن تفسير امتناعهم عن دعوة الجيش للانتشار في قرى الجزيرة وتأمينها، بغير رغبتهم في بقاء الجزيرة تحت سيطرة حليفهم ؟
٨/ ولو أن الجيش كان محل الدعم السريع في الإجرام في كل أماكن تواجده، وكان هو الذي استباح القرى وارتكب هذه الجرائم هل كان خالد عمر سيأتي على ذكر الفصل بين الجرائم والسياسة، بمعنى عدم التحامل عليه بسبب موقف سياسي مسبق، وأيضاً عدم بناء موقف سياسي ضده بسبب هذه الجرائم ؟
٩/ وهل كان، في معرض حديثه عن هذه الجرائم، سيذكر الناس بضرورة إدانة الطرف الآخر أيضاً ؟
١٠/ وهل كان سينتقد تضخيم “جرائم الجيش” وتقليل “جرائم المتمردين” ؟
١١/ وهل كان سيتهم منتقدي الجيش بالعمل لإضعافه وتقوية المتمردين ؟
١٢/ وهل كان سينسب معاناة من ( ذاقوا الأمرين) إلى الحرب المنتقلة أم كان سيقول إن المواطنين قد ( ذاقوا الأمرين من الجيش ) ؟
١٤/( وهل كان سيتطرق إلى فكرة أن موقف المواطنين لم يتأثر بهذين “الأمَرَّين” ولم يصبحوا ضد الجيش ؟
١٥/ وهل كان سيطرح فكرة ( التعايش ) بحيث يكون جوهر الفكرة التي يخاطب بها الجيش هو : المواطنون بسطاء ولا يهمهم إلا الأمن وسبل العيش العادي، وهم ليسوا مع عدوك وعلى استعداد للتعايش معك، لذلك أوقف الانتهاكات حتى لا يتحولوا ضدك ؟
١٦/ هل كان سيتعامل مع الجرائم كتفلتات من أفراد أدنى ويحرص على تجنب إدانة قيادة الجيش، ويظهرها كبريئة وما عليها إلا محاسبة هؤلاء المتفلتين ؟
١٧/ وهل كان سيتناسى أن الجرائم ممنهجة، وبدأت منذ اليوم الأول للحرب ولم تتوقف يوماً، وأن ( القائد ) قد كرر مراراً وعوده بحماية المواطنين منذ ذلك الوقت، ولم تتحول إلى فعل، وليس هناك ما يدعو للأمل في تحولها ؟
١٨ / هل تتسع طاقة اللغة بما يكفي لستر تحالف سياسي وحجبه عن الأنظار ؟ خاصةً تحالف متين كهذا الذي بين قحت والمتمردين ؟

جرائم “قيادة التمرد” أكبر من أن يسترها أو يهون منها تحايل، وتحايل هؤلاء القحاطة أظهر وأكبر من أن يستره جهل !

إبراهيم عثمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.