محمد عباس محمد علي يكتب : نقش الذهب علي صحائف النور (٢)
*مستنفرو الحماداب و قصب السبق*
اذا كانت النفوس كبارا
واذا كانت الهمة عاليه
واذا كان مؤشر الوطنيه في درجاته العلي
واذا كانت الشخصية مرتبطة بتراب الوطن
واذا كان التاريخ يشهد لانسان الحماداب بعلو كعبه في الارتباط بالأرض والدفاع عن العرض
واذا كنا ننحدر من جد أسس لدولة السودان ووسع رقاعها وحكمها هو وأبنائه من بعده لثلاثة قرون و نيف
من توفرت له كل هذه المعطيات لابد أن يعرف ان للحماداب باع طويل في الوطنيه وحب الوطن والدفاع عنه بكل ما يملك حتي الروح والمال والولد كلها رخيصه فداء للوطن
واستعرت نار الحرب في أيامها الاولي وضاقت الأرض علي الناس رغم سعتها وتعطل التفكير من هول المفاجأة وعظم المصيبة
و كان للحماداب نصيب الأسد في تلقي الضربات
لان الحماداب تقع في منطقة وسطي بين المدرعات المستهدف الأول وبين الذخيرة المستهدف الثاني وبين التصنيع الحربي ومستودعات البترول ومن علي البعد الكتيبة الاستراتيجية
كلها نيران تستعر تعبى سماء الحماداب جيئة و ذهابا علي رؤس اهل الحماداب تتساقط الدانات وزخات الرصاص من القناصين ومن الرشاشات
هل خافوا
هل حزموا حقائبهم وهربوا ؟
لا
وكلا
وحاشا
بل صمدوا وجلسوا في ديارهم
و تعاهدنا ان نحمي الديار وان نكون سندا للمدرعات ودرعا حاميا لها ، حيث لا تؤتي من قبلها ابدا
بل ذهبوا ابعد من ذلك
وقبل ان يفكر الناس في السند الشعبي
كان الحماداب هو السند الأول
واول معسكر للمتطوعين
كان في المدرعات
قوامه
عساكرالتقاعد
شباب المجاهدين
شباب تطوعوا لأول مره
كبارا وصغار
كلهم من الحماداب
و قفوا مع إخوانهم في المدرعات سندا وعضدا وعونا
واستشهد منهم نفر كريم من شبابنا
فلذة اكبادنا
قلوبنا دامية عليهم وجرحنا لفقدهم نازف لم ولن يندمل
وذكري باقية في نفسنا منقوشة بأحرف من ذهب علي صحائف النور
ثم بعد ان انقضت شهور عديدة من عمر الحرب
بدأت النفرات الشعبية في مناطق السودان الحبيب الأخرى ….
ولكن نفرات الحماداب تميزت بأنها كانت طواعية تلقائية
و حينما طلب البرهان قائد الجيش دعم وعون الشعب لكل من يقوي علي حمل السلاح بعد ان استشري الشر وانتشر فوجئ الناس بأن الحماداب قد سبقت الجميع.. بل كان لها شهداء في أرض المدرعات… لان نفوس اهل الحماداب عزيزة لا ترضى الضيم ولا الدنية….
نعم تحركت الحماداب القبيلة من تلقاء نفسها تدفعها غيرتها علي الوطن وعلي العرض والأرض والمال والكرامة…
نعم.. لبت الحماداب نداء الواجب منذ الوهلة الاولي و تطوعوا من تلقاء انفسهم ، و وهبوا ارواحهم فداء للوطن
اصبحت الولايات تتنافس و تقيم الاحتفالات وتدعو القيادات العليا للتخريج وتصرف الأموال الطائلة في ذلك… و لكن اهل الحماداب غير… ضربوا أروع الأمثلة في التفاني و التضحيات ليس لأجل أشخاص مهما تعاطم أمرهم و لكن في صمت ذهبوا الي معسكر المدرعات
بلا ضوضاء
ولا ضجيج
ولا مهرجانات
ولا مكرفونات
وقاتلوا مع إخوانهم سدا للثغور ، و حماية للارض من الغاشم الدخيل
وقدموا الشهداء منذ الوهلة الأولى منهم :
بدر الدين عيسي
عباس مبارك ابو دقن
و متوكل الدسوقي
وآخرين كثر
لهم المكان الاعلي في الجنان ورحمة المولي الرحمن
أن من يذهب للميدان ليقانل فيقتل ويقتل لابد أن يكون حمادابي الهوى حيث الصمود والعزيمة التي لا تلين…
وحتي لا تذهب هذه البطولات ادراج الرياح وتختفي في وسط هيجان المطبلين وضجيج أصحاب المصالح
فأننا نسطر هذا السفر
لنثبت للحماداب حقها في النضال وحقها في السبق لدعم القوات المسلحة بأغلي ما يملك الإنسان
بالارواح والأبناء وبالاخيار منا .
فليشهد التاريخ لنا
محمد عباس محمد علي
دنقلا
١٠ رمضان
٢٠ مارس ٢٠٢٤