منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

صلاح محمد عبد الدائم – شكوكو يكتب : *السوق والمهرجون*

0

▪️ذهب رجل فقير إلى السوق ليشتري طعامًا له ولأهله •• لم يكن في بيته طعام يكفيهم فجمع كل ما في بيته من المال وتوجه نحو السوق ودموعه تبلل لحيته رحمةً بأولاده وزوجه الذين كانوا يتضوَّرون جوعًا .
▪️ظل صوت صراخهم يتردد في أذنيه يصحبه طوال مسيرِه إلى السوق •• ! فلما اقترب من السوق سمع على أطرافه صياحًا وجلبة فنظر نحو الصوت فإذا أناسٌ متحلقون في حلقة كبيرة حول (مهرج) قد بلغ الغاية من المهارة في تنفيذ الخدع البصرية والألعاب الهوائيه ! .
▪️شد هذا الحدث إنتباه صاحبنا .. خاصة ما كان يصنعه المهرج فقال في نفسه •• أقف برهة أشاهد ما يشاهده الناس .
▪️أما المهرج فلم يكن ينتهي من خدعة إلا ويشوّق الحضور إلى التي تليها .. والناس يصيحون ويهتفون يريدون مزيدًا ومزيدًا •• ! وغلامُ ذلك المهرج يطوف بينهم بكيس يطلب منهم أن يضعوا فيه قليلًا من المال •• تشجيعًا للمهرج ودعمًا له .. وكان هذا هو شرطه لينفذ لهم ما أرادوا من الخدع والألعاب •• !
▪️وضع صاحبُنا في الكيس شيئًا يسيرًا من المال وهو منتبه بجميع حواسّه للمهرج مأخوذ بما يفعله •• !
▪️مضت ساعات النهار جلها وأوشكت شمسه أن تغيب والمهرج ماضٍ في خدعه وقفزاته •• وغلامه يطوف بكيسه على الحضور بين الحين والآخر •• وصاحبنا يهتف مع الناس يطلب مزيدًا ومزيدًا ومزيدًا •• إلى أن عضَّه الجوع وكاد يفتك به فتذكر أهلَه الذين تركهم جوعى فهرول يدخل السوق فإذا به قد انفضَّ وقد جمع البائعون متاعهم وغادروه قبل قليل ولن يعودوا إلا في العام القادم ••
▪️هذا السوق لا يقام إلا يومًا واحدًا كلَّ عام •• ! كم كانت صدمته قاسية •• ! وفجيعته قاصمة •• ! فلا هو جلب الطعام لأهله ولا هو عاد بالمال الذي ذهب به ولا هو أنفقه في شيء نافع ولا يعلم كيف سيعود لأهله ولا ما سيقوله لهم •• !
أتعلم مَن يكون هذا الرجل المسكين •• ؟! إنه أنا وأنت وآخرون مثلنا ••
*أما السوق فإنه (رمضان)* *وأما* *الغذاء* *الذي في السوق*فإنه غذاء القلوب* *والأرواح من* التقوى* *والإيمان والذكر والعمل الصالح*
*أما المهرج فإنه البرامج والمباريات والمسلسَلات المسلسِلات ومواقع التواصل الاجتماعي ذات المنشورات والإعجابات والمتابعات والمحادثات والأسمار في السهرات والألعاب الإلكترونية والدورات الرمضانية والمنازعات الفكرية والمناقشات الجدلية التي لا طائل من ورائها ولا خير يُرتجَى منها* •• ! ︎.
*أما المال* *فإنه الأوقات التي ننفقها في متابعة اللصوص الذين يسرقون منا رمضان* وندفع لهم* مختارين •• ! فاستفق من غفلتك* •• وأحسِن فيما بقي يُغفَر لك ما قد مضى •• ﴿وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ﴾
أعانكم الله فيما تبقى لبلوغ الخيرات .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.