منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

الرفيع بشير الشفيع يكتب : واجهات الحرب على السودان (٤)

0

*(التفتيت من الداخل ، وكيف أسقط نقّار الخشب ، شجرة السودان !!!؟)*

٢٠ أبريل ٢٠٢٤م
________________________

(١)
الكثير جدا من السودانيين وغيرهم ، ما زالوا مندهشين، كيف تسقط الإنقاذ تلك الدولة والصولة والقوة والتماسك، بين عشية ديسمبر ٢٠١٨م وضحى ٢٠١٩م ، هكذا وتذوب كفص ملح في الماء ويختفي أثرها في لمحة عين وينزوي قادتها و(يسردبون)، ويتفرقون أيد سبأ.

بعض الناس عزى ذلك الذوبان، لقوة مَدْ المخطط الخارجي، والذي اجتاح المنطقة منذ اول يوم بعد ضربة سبتمبر ٢٠٠١م ( بعدما أعلن بوش الصغير ، من تلك المدرسة الإبتدائية، الحملة الصليبية الثانية عشر the 12th crusader ، على منطقتنا كما قالها بنفس العبارة) ثم بدأ اجتياح المنطقة بداءا بدول الممانعة والتي رسم لكل فئة منها ما يناسبها من مبررات وشعارات وشيطنة وكلاء ومتعاونين، ففي الوقت الذي اختيرت داعش وجيش السليماني للعراق وسوريا، اختير مشروع الربيع العربي ، للمنطقة العربية شمال أفريقيا واختير مشروع ( الحرية والتغيير العلماني) للسودان وقبل ذلك مشروع كرازي في افغانستان وبريمر في العراق والحوثي في اليمن.
(٢)
ماذا فعلت الحرية والتغيير (نقّار الخشب) في شجرة السودان!!!؟.

بعض الناس يخلط بين كيمان الإنهيار الذي حدث للسودان منذ ٢٠١٧ ويرميه على الإنهيار من الداخل، في حين أن الغالبية التي تحلت بالوعي اللازم من الشعب والجيش ، أدرك أن أهم عامل في تفتيت السودان وانهياره بهذه الطريقة هو (مشروع الحرية والتغيير) الذي بدأ نظريا منذ ١٩٨٣م وعمليا على الشمال بعد نيفاشا ، وحركيا في ٢٠١٣ إلى ٢٠١٨ ، وقد استخدم فيه أسلوب ومنهج التفتيت من الداخل.

(٣)
كيف إذن ومتى؟

منذ منتصف الثمانينات وبعد خروج الاحزاب الحواضن لمشروع التغيير القسري في الشمال وتضامنهم مع الحركة الشعبية “لتحرير السودان ، قامت تلك الحواضن بإستقطاب الكثير من الاحزاب الشمالية ووقعت بينها وبين تلك الاحزاب اتفاقية كوكادام في مارس ١٩٨٦ م ومشاركة حزب الأمة بمبرر الوقوف ضد اعلان الشريعة الإسلامية ، وبمبرر اسقاط الديمقراطيات الهشة التي كان يقودها ، الميرغني قرنق في ١٩٨٨م والتي جعلت حزب الاتحاد الديمقراطي يرسل كثير من قياداته لصفوف الحركة الشعبية ، لإدارة المعركة بين الجنوب والشمال في الشمال ( هموشكوريب مثالا).

ثم قامت الإنقاذ في ١٩٨٩م من بين ثنايا هذا الحراك والصراع ، بين الجنوب مشتملا على حواضن الحرية والتغيير حينها، وبين الشمال.

رفع تحالف الحركة الشعبية والحواضن حينها شعار محاربة اعلان الشريعة الأسلامية في ١٩٨٣م ( قبل ظهور الإنقاذ بست سنوات)، ثم بدعوى “استقلال جنوب السودان)، لكن ظهر اخيرا ان المشروع الذي اجتذب حواضن الحرية والتغيير ( الأحزاب اليسارية ) لتقاتل الشمال، في صفوف الحركة الشعبية كان واضحا أنه مشروع أكبر من ( استقلال جنوب السودان) بل هو مشروع علماني مناهض للدولة السودانية وتوجهاتها، وتم تنفيذه بحيث ينتهي بتفتيت كامل السودان الشمالي ، وقد ظهرت أفعال الحرية والتغيير الآن لكل ذي عقل ، أنها كانت تقود هذا المشروع التدميري الشامل لتفيت السودان عبر نظرية فرّق تسد ومنذ ظهور حواضنها السياسية منذ اواسط الأربعينيات أيضا.

استغلت حواضن الحرية والتغيير الشقاق الظاهر بين القوى السياسية الشمالية، فبعد المفاصلة المشهورة بين الإنقاذ والمؤتمر الشعبي استغل حواضن الحرية والتغيير بعض قيادات المؤتمر الشعبي حتى جعلوه يتبنى خطابهم ومشروعهم، كما استغلوا الإختلاف بين المؤتمرين الوطني والشعبي منذ المفاصلة وجعلوا الحرب بينهما سجال.

بعض من الذين يقرأون ما بين السطور جيدا، من الذين تابعوا بوعي، التحولات السياسية في السودان بعد نيفاشا ، ويتابعون عن كثب مشروع الحرية والتغيير منذ تكوين ( منسقية الحرية والتغيير في اكتوبر ٢٠١٠)، وما قامت به نحو التغيير في الشمال بُعيد “استقلال الجنوب” يعرف كيف استغلت الحرية والتغيير ، النازعات الداخلية في الشمال بل كيف صنعتها ، من خلال ممثلي الحرية والتغيير الذين تم استيعابهم في مؤسسات الشمال في ٢٠٠٦م بعد نيفاشا.

ولوج الحرية والتغيير للجهاز العصبي للدولة بعد نيفاشا، في ٢٠٠٦م اتاح لهم كشف الأوراق من الداخل واتاح لهم المعرفة الدقيقة لكيفية ادارة الدولة ، ودراسة سايكلوجية لكل قادتها وقادة الاحزاب ( الشمالية المناوئة للدولة) وعرفوا كيف ينفذون للجهاز العصبي ويحققون ما يردون.

ثم استغلت الحرية والتغيير (غفلة بعض قادة الإنقاذ)، منذ أن استوعبتهم الإنقاذ بخطأها التاريخ بعد نيفاشا، في ٢٠٠٦م ومكنوا صقور الاحزاب اليسارية في مؤسسات الدولة، فبدأوا مشروع التفتيت من الداخل.

ثم عملت قوى الحرية والتغيير لتفتيت الداخل على أستغلال الخلاف بين قيادات الدولة وحالة التشرذم والتفكك الواضح الذي إعترى الإنقاذ منذ ٢٠١٥م.

في ثنايا مخاض مشروع التغيير، في ٢٠١٨م – ٢٠١٩م ، بدى واضحا أن الحرية والتغيير استغلت ايضا الخلاف داخل المؤسسات العليا لإدارة الدولة في بداية تأرجح الإنقاذ منذ ٢٠١٧م ، فاستغلوا الخلاف بين القيادات السياسية والأمنية، وبعض رموز الإنقاذ ، فبرز دور ما يسمى باللجنة الأمنية في احداث التغيير ، وفي الصراع على السلطة بينها وبين ( قوى) الحرية والتغيير ، مجتمعين على اسقاط الإنقاذ ( بس)، وظهر إنقلابات صغيرة ومتسارعة ومتعاقبة ، انقلاب وانقلاب على انقلاب ، في مسرح التغيير ( الجريمة)، ظهر ذلك جليا ، بين هؤلاء وبين بعض قيادات الجيش من اللامنتمي، وبين بعض قيادات الإسلاميين داخل الجيش نفسه ، وإدخال عامل الدعم السريع وقوى الخارج التي أثرت في المشهد السوداني سلبا ، لإحداث ذلك ( التغيير المُدعى) ، فأنحلت عرى الإنقاذ وبدأ التيه والدمار للسودان.

(٤)
ما فعلته قوى الحرية والتغيير من وجودهم داخل الإنقاذ منذ ٢٠٠٦م في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها لم يفعله نقّار الخشب في أكثر الأشجار هشاشة ، فقد مزقوا مؤسسية الدولة ونخروا مؤسساتها وجعلوها جزائر كل جزيرة ومؤسسة تمثل دولة لحالها، وأسسوا للفساد العظيم داخلها ، فساد في الأخلاق وفساد في الإدارة وفساد في المال وفساد في الوطنية ، وحاربوا أي شيء يمت لنماء الوطن بصلة ، ونحن نرى أن هنالك (مَد) للخير وفعل للخير أيام الإنقاذ ما لم نره في غيرها ، لكنا رأينا أيضا أن هنالك ( جزر) و(سَوّاقة drive) شر وإفشال وإقعاد لذلك الخير ، والدليل أنهم في اوائل أيام غزوتهم للسودان ( ما يسمى بثورة ٢٠١٩م) ظهروا من تحت طقاطيق أرض كل مؤسسة ، ينشرون قوائم للفساد لقادة الإنقاذ( كذبا وجورا) ، ثم أشعلوا في كومة قش السودان هذه الحرب اللعينة التي قضت على الأخضر واليابس ، وما زالوا يطلون علينا بإجتماعات في الخارج هنا وهناك لعلهم يرجعون.

الرفيع بشير الشفيع
٢٠ أبريل ٢٠٢٤م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.