منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

هشام محمود سليمان :الامين العام الاسبق لمفوضية حقوق الانسان جريمة اغتيال الأستاذة نادية بلال مشهد مأساوي وانتهاك للإنسانية

0

هشام محمود سليمان :الامين العام الاسبق لمفوضية حقوق الانسان

جريمة اغتيال الأستاذة نادية بلال مشهد مأساوي وانتهاك للإنسانية

[email protected]

صبيحة ذلك اليوم الأسود شهدت قرية السقاي السروراب واحدة من أبشع الجرائم التي تجسد قسوة الإنسان عندما تغيب القيم والأخلاق وتسيطر شريعة الغاب اقتيدت الأستاذة نادية بلال المعلمة القديرة من الرعيل الأول إلى مصير مروع على يد مليشيا مسلحة لا تعرف الرحمة. بدمٍ بارد، وبأسلحة ترمز للعنف والإرهاب تم شنقها أمام باب منزلها في مشهد يستحضر أسوأ صور الظلم والطغيان
هذه الجريمة ليست مجرد عمل وحشي ضد إنسانة بريئة بل هي اعتداء على الإنسانية كلها وعلى القيم التي تحمي الكرامة والحق في الحياة
أبعاد الجريمة:-
اغتيال الأستاذة نادية بلال لم يكن حدثا عشوائيا اختيارها كضحية يعكس استهدافا مقصودا لرموز المجتمع المدني الذين يمثلون الاستقرار والنهضة التعليم الذي يعد حجر الزاوية لأي أمة بات مستهدفا في سياق من الفوضى والصراعات
الأستاذة نادية لم تكن مجرد معلمة بل كانت رمزا للعلم والعمل المجتمعي شنقها بتهمة زائفة مثل التعاون مع الجيش يبرز استغلال المليشيات للنزاعات كذريعة لتصفية الحسابات وترويع المدنيين لترسيخ السيطرة
الجريمة في ضوء القانون الدولي:-
ما حدث لا يمكن وصفه إلا بجريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني القوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف لعام 1949 تحظر بشكل قاطع استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة هذه الاتفاقيات تنص على حماية الأفراد الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية مثل المعلمين والعاملين في المجالات الإنسانية
1. قتل المدنيين:-
المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف تؤكد حظر القتل بجميع أشكاله والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الإنسانية
ما تعرضت له الأستاذة نادية يعد انتهاكا صريحا لهذه النصوص ويضع مرتكبي الجريمة تحت طائلة القانون الدولي
2. استهداف المرأة في النزاعات:-
قرارات الأمم المتحدة مثل القرار 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن تدعو إلى حماية النساء من العنف في النزاعات المسلحة قتل الأستاذة نادية يشكل جريمة مزدوجة كونه يستهدف امرأة ومدنية في آن واحد
3. التعذيب والمعاملة المهينة:-
تعليق جثمانها أمام منزلها وحراستها حتى الموت يمثل صورة مروعة للتعذيب النفسي والمعاملة القاسية التي تحظرها كافة المواثيق الدولية
البعد الإنساني للجريمة:-
هذه الجريمة ليست فقط اعتداء على فرد بل على مجتمع بأكمله استهداف المعلمين والمربين يعني استهداف الفكر والمعرفة وهو تهديد مباشر لمستقبل الأجيال القادمة
في السياق السوداني حيث يعاني الوطن من أزمات متتالية يمثل اغتيال شخصيات مثل الأستاذة نادية محاولة لتمزيق النسيج الاجتماعي وبث الخوف في النفوس التعليم الذي يفترض أن يكون سلاحا للنهضة يصبح ضحية في معركة قذرة لا تعرف سوى العنف والدمار
المسؤولية الدولية والمحاسبة:-
وفقًا للقانون الجنائي الدولي فإن استهداف المدنيين يعد جريمة حرب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (روما 1998) ينص على ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مثل القتل العمد والتعذيب
المسؤولية الفردية والجماعية:-
مرتكبو الجريمة وكذلك القادة الذين أعطوا الأوامر أو تغاضوا عنها يتحملون المسؤولية الجنائية
دور المجتمع الدولي:-
1. تحقيق دولي مستقل لتوثيق الانتهاكات ومحاسبة الجناة
2. ضغوط سياسية ودبلوماسية على الأطراف المسلحة للالتزام بالقوانين الإنسانية
3. فرض عقوبات على الجهات الداعمة لهذه المليشيات سواء بالتمويل أو التسليح
العدالة لأجل نادية بلال:-
العدالة لا تقتصر على محاسبة الجناة بل تشمل أيضا استعادة كرامة الضحايا ومنع تكرار هذه الماسي ما حدث للأستاذة نادية يجب أن يكون نقطة تحول في مسار القضية السودانية ودافعا لحماية المدنيين خاصة في المناطق التي تعاني من العنف المسلح
دعوة للتضامن:-
إن اغتيال الأستاذة نادية بلال لا يعتبر حدث محلي بل قضية إنسانية تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لإنهاء مسلسل العنف ضد المدنيين. على المؤسسات الحقوقية والإعلام أن تسلط الضوء على هذه الجرائم، وأن تكون أصوات الضحايا حاضرة في كل منبر
الأستاذة نادية بلال مجرد ضحية أخرى في نزاع لا يرحم وتعتبر رمز للصمود في وجه قوى الظلام اغتيالها لن يسكت صوت الحق ولن يطفئ شعلة النور التي حملتها طيلة حياتها
نسأل الله أن يتقبلها شهيدة وأن يلهم أهلها الصبر ونتطلع إلى يوم يرى فيه المجرمون القصاص العادل وتعود العدالة لتضيء الطريق للمستقبل ولا حول ولا قوة إلا بالله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.