حديث العقل عبدالبديع المكابرابي يكتب : *شهداء السودان… سيرة المجد في حرب الكرامة*
حديث العقل
عبدالبديع المكابرابي يكتب :
*شهداء السودان… سيرة المجد في حرب الكرامة*
في مسيرة الأوطان تبرز ملاحم لا يمحوها الزمن ولا تُطوى صفحتها في ذاكرة الشعوب لأنها كتبت بمداد الدم وعبق الفداء هكذا هم شهداء السودان الذين سطروا بدمائهم أروع ملاحم التضحية في حرب الكرامة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه لم تثنهم الخطوب ولم تزلزلهم الشدائد بل مضوا بثبات نحو المجد يرفعون راية الوطن عالية خفاقة في وجه الطغيان
حين اندلعت هذه الحرب لم تكن مجرد معركة بالسلاح بل كانت امتحانًا لوحدة السودان واختبارًا لمعادن أبنائه وحين دقت ساعة الحقيقة وجدنا جيشنا الباسل في المقدمة يحمل روحه على كفه يقاتل بشجاعة الفرسان يحرس الأرض ويحمي العرض ويحطم أوهام الباطل الذي لا يدوم والشعب من خلفه يسانده بقلب واحد وإرادة صلبة لا تلين لقد أيقن الجميع أن الوطن لن يُصان إلا بسواعد أبنائه المخلصين وأن هذه الأرض التي رويت بدماء الأجداد لن تسلم لشرذمة من المرتزقة والخونة
في خضم هذه المعركة نعود إلى كلمات الشهيد محمد المجذوب التي كتبها قبل استشهاده في ثورة ديسمبر وكأنها ترسم حال شهداء جيشنا اليوم وهم يمضون بعزيمة لا تعرف التراجع وإيمان لا يتزعزع بالنصر
الآن أصعد ثم أصعد للنهايات البعيدة لليقين المستحيل
الآن أهبط ثم أهبط في المقابر لا دليل ولا صهيل
الآن أمضي ثم أمضي لا مكاني لا زماني لا جواز ولا رحيل
إنها كلمات تفيض يقينًا واستعدادًا للمضي في طريق الشرف بلا تردد وكأنها تعبير عن قناعة الشهداء بأن الفناء في سبيل الوطن هو عين البقاء وأن الموت في ميدان الشرف حياة لا تنقطع
أما العدو فليس إلا سرابًا يظنه الغافلون قوة وهو إلى زوال لأن الباطل لا يدوم والتاريخ شاهد على أن من بنى مجده على النهب والترويع وسفك الدماء لا بد أن يسقط وأي قوة بلا قضية ولا أخلاق مصيرها الفناء لقد كشفت هذه الحرب من هو الوطني الحقيقي الذي يقف مع بلاده ومن هو الخائن الذي باعها بأبخس الأثمان ولكن السودان باقٍ وأقوى مما يتوهمون
إن هذه الحرب رغم قسوتها علمتنا دروسًا لا تُنسى فقد وحدتنا وجعلتنا ندرك أن جيشنا هو صمام الأمان وأنه متى ما توحد الشعب خلفه فلا خوف على السودان ولن يكون للمأجورين والخونة موطئ قدم في أرض ارتوت بدماء الأبطال
لن ننسى شهداءنا الذين مضوا في درب الشرف سيظل ذكرهم خالدًا وسيبقى السودان بهم قويًا عزيزًا وكما قال المجذوب فإنهم يصعدون إلى النهايات البعيدة إلى يقين لا يعرف المستحيل أما نحن فسنمضي على دربهم نرفع الراية بكل عزم حتى يتحقق النصر ويعود السودان كما كان حرًا عزيزًا مهابًا المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والنصر المؤزر للجيش والشعب في حرب الكرامة