خبر و تحليل عمار العركي *خطاب البرهان في القمة العربية الطارئة : دلالات ومضامين*
خبر و تحليل عمار العركي
*خطاب البرهان في القمة العربية الطارئة : دلالات ومضامين*
بورتسودان :
___________________________
▪️جاء خطاب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في القمة العربية الطارئة بالقاهرة ليؤكد على ثوابت الموقف السوداني تجاه القضية الفلسطينية، مع إبراز التداخل العميق بين القضية الفلسطينية والأوضاع في السودان.
▪️حمل الخطاب رسائل استراتيجية موجهة إلى الداخل السوداني، وإلى العالم العربي والمجتمع الدولي، تعكس فهماً متكاملاً لمعادلات الصراع في المنطقة، التي تجعل من القضيتين الفلسطينية والسودانية جزءًا من سياق واحد، وليس ملفين منفصلين.
*_الخطاب والتحولات البارزة_*
▪️التأكيد على الارتباط العضوي بين القضيتين السودانية والفلسطينية: لم يكن تناول الأوضاع في السودان في هذا الخطاب خروجًا عن سياق القمة، بل كان تأكيدًا على أن السودان ليس مجرد داعم للقضية الفلسطينية ، بل هو جزء من معادلة الصراع الأكبر، حيث يتعرض السودان، كما فلسطين، لمحاولات تفكيك ممنهجة عبر التدخلات الأجنبية، والتخريب الداخلي، واستهداف سيادته ووحدته الوطنية.
▪️رفض التهجير كتهديد مشترك للأمن القومي العربي والإقليمي: موقف السودان الرافض لعمليات التهجير القسري للفلسطينيين يعكس رؤية استراتيجية متماسكة، لأن السودان نفسه يواجه محاولات مماثلة، سواء عبر الحرب التي فرضتها المليشيات المدعومة خارجيًا، أو من خلال مشاريع إعادة هندسة الواقع الديموغرافي في دارفور وغيرها. لذا، فإن موقف السودان ليس مجرد دعم نظري، بل هو موقف نابع من تجربة واقعية مشابهة.
▪️إعادة تعريف دور السودان في القضية الفلسطينية: لم يكتفِ الخطاب بتكرار المواقف العربية التقليدية، بل سعى إلى وضع السودان في قلب المعادلة، باعتباره دولة تتعرض لنفس الأدوات التي تواجهها فلسطين، من تدخل خارجي، واحتلال غير مباشر، ودعم مليشيات تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد. هذه المقاربة تمنح السودان مشروعية أكبر في الحديث عن القضية الفلسطينية، ليس كطرف داعم فقط، بل كطرف متضرر من نفس الاستراتيجيات التي تستهدف المنطقة ككل.
▪️دعم المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة: تأكيد السودان على دعم المبادرة المصرية-العربية لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، يعكس التزامًا عمليًا وليس مجرد مواقف خطابية، مما يرسخ دور السودان كفاعل في المشهد الإقليمي، وليس مجرد متلقٍ للقرارات العربية.
*_الرد على الأصوات المنتقدة للربط بين القضيتين السودانية والفلسطينية_*
▪️واجه بعض المحللين خطاب البرهان بانتقادات تدعو للفصل بين القضيتين السودانية والفلسطينية، بحجة أن السودان كان ينبغي أن يركز على القضية الفلسطينية فقط، دون إدراج وضعه الداخلي. هذه الانتقادات تتجاهل الواقع السياسي والاستراتيجي، حيث لا يمكن الحديث عن القضية الفلسطينية دون إدراك امتداداتها في المنطقة، والتي تشمل السودان بوضوح. :
▪️القضيتان ليستا منفصلتين، بل هما جزء من صراع استراتيجي واحد: فلسطين ليست مجرد قضية تخص شعبًا واحدًا، بل هي جزء من معادلة صراع إقليمي ودولي بين القوى التي تسعى لتفكيك المنطقة وإعادة رسم خرائطها السياسية والديموغرافية. وما يتعرض له السودان هو امتداد لهذه السياسات، حيث تتدخل نفس القوى التي دعمت الاحتلال الإسرائيلي، لدعم حروب الوكالة في السودان وتمويل مليشيات تهدف إلى تقسيمه.
▪️السودان ليس مجرد داعم للقضية الفلسطينية، بل هو طرف في معادلة الاستهداف نفسها: ، كما تواجه فلسطين مشاريع التهجير والاقتلاع، يواجه السودان محاولات تفكيك الدولة وخلق مناطق نفوذ للقوى الخارجية. وبالتالي، من الطبيعي والمنطقي أن يربط السودان بين القضيتين، ليس من باب التشبيه الخطابي، بل من واقع تجربة فعلية.
▪️الربط بين القضيتين يعزز التضامن العربي، ولا يضعف الموقف الفلسطيني : إن طرح السودان لمظلوميته لا يعني تشتيت الانتباه عن فلسطين، بل يعني خلق إدراك عربي أوسع لحقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي مجرد نموذج واحد لاستراتيجيات التفكيك، التي تُستخدم في أماكن أخرى من المنطقة، ومنها السودان. وهذا الإدراك ضروري لتشكيل موقف عربي أكثر قوة ووضوحًا ضد هذه السياسات.
*استراتيجية السودان الإعلامية يجب أن تستمر في هذا الاتجاه:*
▪️السودان مطالبٌ بمواصلة هذا الخطاب، الذي يربط قضيته بالقضية الفلسطينية، لأن ذلك يعزز من شرعيته في المحافل الدولية، ويجعله جزءًا من منظومة المقاومة الإقليمية ضد مشاريع الهيمنة الأجنبية، بدلًا من التعامل مع الصراع الداخلي السوداني وكأنه مجرد حرب أهلية، وهو ما تحاول بعض الأطراف تصويره.
▪️الاستمرار في تبني خطاب سياسي وإعلامي يؤكد على أن السودان وفلسطين يواجهان نفس التحديات، وأن هناك جهات دولية وإقليمية تسعى لإضعاف الدولتين عبر أدوات مختلفة.
▪️تعزيز العمل الإعلامي السوداني والدبلوماسي الخارجي، بحيث يتم تسويق الموقف السوداني بوضوح في المحافل الدولية، كجزء من معركة أكبر تهدف لحماية وحدة السودان وفلسطين والمنطقة ككل.
*_خلاصة القول ومنتهاه_*
▪️جاء خطاب البرهان في القمة العربية ليؤكد على أن السودان ليس مجرد داعم لفلسطين، بل هو جزء من صراع استراتيجي إقليمي، حيث تواجه الدولتان محاولات ممنهجة لتفكيكهما وإضعافهما عبر أدوات مختلفة. الربط بين القضيتين في الخطاب لم يكن خروجًا عن سياق القمة، بل كان ضرورة استراتيجية لكشف الترابط العميق بين ما يحدث في فلسطين وما يحدث في السودان، خاصة أن نفس القوى التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي، تدعم أيضًا الحروب الأهلية ومشاريع التقسيم في الدول العربية.
▪️بناءً على ذلك، فإن المطلوب هو مواصلة هذا الخطاب، وتطوير أدوات السودان الدبلوماسية والإعلامية، لتعزيز حضوره في المشهد العربي والدولي كطرف رئيسي في معركة الحفاظ على وحدة واستقرار المنطقة.