رشاد الدين دوليب يكتب : *كردفان الكبرى رهينة الإهمال وصمت لا يغتفر عيد بطعم مختلف*
رشاد الدين دوليب يكتب :
*كردفان الكبرى رهينة الإهمال وصمت لا يغتفر عيد بطعم مختلف*
من يطأ الجمر لن يطول انتظاره في كردفان الكبرى يحل العيد هذا العام بطعم مختلف يمتزج فيه الحزن بالألم العميق والسؤال الأوحد الذي يتردد على الألسنة متى تتوقف أوجاع كردفان؟ لم يعد بالإمكان التستر على الإهمال الممنهج الذي تتعرض له هذه الولايات. فتراكم المعاناة ونفاد الصبر باتا يحددان واقعا مؤلما يعيشه أهلها واقع يصرخ فيه المواطن بالصوت العالي قائلا قد بلغ السيل الزبى. إن وجود مليشيات الدعم السريع بصورة مزعجة في كردفان هذه الأيام قد أفرز تداعيات سلبية بالغة الخطورة تستوجب تحركا عاجلا لمحاصرة هذه الإفرازات قبل أن تستفحل. لقد تأثر المجتمع بشدة من تأخر حسم هذه المليشيات الأمر الذي قوض أمنه واستقراره ودفع غالبية المكونات المجتمعية والشعبية للبحث عن النموذج الأمثل لمواجهة مليشيات الجنجويد في كردفان. ليس من الحكمة بمكان أن تتجاهل الدولة الجهود الشعبية والمجتمعية المبذولة بلمح البصر وكأن دورها قد انتهى وعليها الاكتفاء بالانتظار حتى تتفرد المليشيات بها. هذه المقاربة لا تزيد الوضع إلا تعقيدا وإحباطا إن الحكمة تقتضي تبني نموذج تلاحم الشعب مع الجيش إذ يمثل هذا التوافق الإستراتيجي السبيل الأوحد لتجاوز هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها أهل كردفان والعماد الأساسي لتحقيق الأمن والاستقرار المنشودين.
تشير المؤشرات المؤلمة القادمة بوضوح إلى أن مدينة الأبيض هي الوجهة التالية لمليشيات الدعم السريع هذا التهديد الوشيك يطرح تساؤلا جوهريا بعد أن بلغ الصبر مداه هل فقدت الدولة بوصلة حسم هذه التفلتات الممنهجة التي تستهدف مواطني كردفان ومقدراتهم؟
بين ارتباك ولاة الولايات وتعثر الحسم، هل يفرض على أهل كردفان الإذعان والتسليم بفقدان عروس الرمال *الأبيض و كادقلي و الدلنج* كما فقدنا من قبل النهود ومدنا أخرى لا تقل أهمية اقتصادية؟ إن هذا السيناريو الكارثي يلوح في الأفق مع كل يوم يمر دون حسم حازم. فثمة اضطراب وتأخير غير مبررين نشهدهما في ضواحي تلك المدن، وآخرها ما يحدث حول مدينة الأبيض. إن هذا التراخي، المبني على افتراض غباء المواطن وقدرته على تحمل المزيد، هو أمر غير مقبول على الإطلاق، ويزيد من مرارة العيد الحالية.
لقد آن الأوان لكي تتحمل الدولة مسؤولياتها كاملة وتضع حدا لهذه المعاناة التي طال أمدها. يجب أن تتوقف عن الدولة عن هذا الصمت غير المبرر الذي يغذي الكارثة. إن التقاعس الآن سيقود حتما إلى وقت يغدو فيه الندم بلا جدوى، ولن ينفع حينها البكاء على اللبن المسكوب. كردفان تستغيث، وكفى صمتا وإهمالا.
*هل من مجيب*