منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*نيالا الموازية: جيب إسرائيلي ومكب لنفايات أبوظبي* ✍ مجدي عبدالعزيز

0

*نيالا الموازية: جيب إسرائيلي ومكب لنفايات أبوظبي*

✍ مجدي عبدالعزيز

مجدييي

▪️تحرك جديد من المبادرات الدولية المتواترة التي تأتي تحت لافتة ( البحث عن مخرجٍ لأزمة السودان التي صنعتها الحرب ) ، وفيما تتأهب رباعية (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة) للقاء واشنطن المزمع نهاية أغسطس الجاري ، تتسارع خُطى مليشيا آل دقلو الارهابية وحلفائها مما يسمي بكتلة “تأسيس” لتدشين ما يُسمى بالحكومة الموازية في نيالا، عاصمة جنوب دارفور المغتصبة .

▪️ورغم أن هذا المسعى يبدو، في ظاهره، خطوة داخلية من مليشيا متمردة تسعى لإضفاء طابع سياسي على تمردها، إلا أن الحقيقة أعمق وأكثر تعقيدًا. فهذه الخطوة ليست إلا واجهة مكشوفة لمخطط خارجي تنخرط فيه قوى إقليمية تُدار من عواصم بعيدة، على رأسها أبوظبي وتل أبيب، تحت عنوان : إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في محيط مصر والسودان، وإنشاء أحزمة خنق جديدة تخدم المشروع الإسرائيلي في المنطقة، بتمويل إماراتي سخي وتكتيك ناعم على جثث الأبرياء ومآسي الشعوب.

▪️لقد بات واضحًا لكل متابع حصيف أن التحالف الإسرائيلي-الإماراتي قد تجاوز مرحلة “التطبيع” إلى مستوى “الوظيفة”. فالإمارات، في هذا الإطار، لا تمثل سوى ذراع تنفيذية لأجندة تل أبيب، سواء في إفريقيا أو في جوار مصر الحيوي. ولعل أخطر هذه الأجندات هو محاولة تقويض الدولة المصرية من الجنوب، عبر تشكيل كيان تابع في دارفور يمثل خط تماس إسرائيلي جديد على تخوم النيل الأعلى، وتحت عباءة حكومة صورية يراد لها أن تنال اعترافًا دوليًا عبر الأمر الواقع والمساومات المستقبلية.

▪️مصر – بقيادتها العاقلة والحكيمة وشعبها الأصيل – تدرك هذا التهديد إدراكًا كاملًا، ولن تقبل أن يُمس أمنها القومي في الخاصرة الجنوبية مهما كلف الأمر. وقد أثبتت تجارب التاريخ أن الأمن القومي المصري والسوداني لا يتجزأ، وأن كل محاولة لاختراق السودان أو تفكيكه ترتد أثرًا على قلب مصر مباشرة.

▪️وإذا كانت الإمارات تحاول استنساخ تجربة “أرض صومال” و”بونتلاند” على الأراضي السودانية، فإن ما يجري في جنوب دارفور ليس إلا محاولة لإقامة جيبٍ عازلٍ يُوظف كمنصة استخباراتية وأمنية تخدم مصالح تل أبيب في المنطقة ،، مثلما تُهدد صوماليلاند وبونتلاند – بعد النفوذ الإماراتي الإسرائيلي – الآن أمن البحر الأحمر، ومصالح السعودية ومصر الحيوية فيه، وعلى رأسها قناة السويس، الشريان العالمي للتجارة.

▪️أما الهدف الثاني من هذا التحرك المشبوه، فهو تخفيف العبء الأخلاقي والقانوني عن كاهل الإمارات، التي تورطت حتى النخاع في دعم حرب الإبادة الجماعية في السودان عبر تمويل وتسليح مليشيا الجنجويد الإرهابية ، وتمكينها من ارتكاب جرائم ضد المدنيين ترقى إلى مستوى جرائم الحرب. فـ”الحكومة الموازية” المراد إعلانها في نيالا ليست إلا مكبًّا للنفايات السياسية والقانونية، يراد له أن يتحمل تبعات حربٍ أشعلتها أبوظبي لصالح مطامعها ومخططات أسرائيل المتحكمة فيها .

▪️إن من يقرأ المشهد بعين بصيرة يدرك أن الإمارات – وهي تجر أذيال الدم والدمار – تسعى الآن إلى الهروب من العدالة الدولية، عبر خلق كيان قانوني وواجهة شكلية، تُلقي عليه كل المسؤولية عن جرائمها الفادحة، بينما تواصل تمويلها للإرهاب السياسي تحت يافطة جديدة.

▪️وإذا كانت ملامح الرؤية المشتركة للرباعية الدولية لم تتضح بعد، فإن وجود مصر والسعودية ضمن هذا المحفل المفصلي يبعث على الأمل بأن التوازن الإقليمي لن يسمح بتمرير الأجندة الإسرائيلية في ثوبها الإماراتي، ولا بخديعة فرض حكومة موازية في نيالا، كما فُرضت سلطات الأمر الواقع في مستعمرات أخرى.

▪️ختامًا، فإن المعركة اليوم لم تعد فقط مع مليشيا دقلو أو أدواتها السياسية، بل مع شبكات إقليمية ودولية تستهدف تمزيق الدولة السودانية، وتهديد العمق المصري، وإعادة رسم خرائط النفوذ على مقاس تل أبيب. والردّ على ذلك لا يكون إلا بالوعي، وبالتحالفات الصلبة، وبموقف وطني وقومي صلب لا يُساوم على سيادة السودان، ولا على عمق مصر الاستراتيجي.

،، والي الملتقي ..

* رئيس تحرير ” الرواية الاولى “

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.