منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*حُمى الصراع .. (1)* الطاهر ساتي

0

*حُمى الصراع .. (1)*

الطاهر ساتي

 

:: صراع الأطباء المتوارث منذ عهد البشير بمؤسسات الصحة بالسودان يعتبر ثاني أشهر و أعنف صراع مدني في الساحة العامة، أي بعد صراع القونات مباشرة .. و إن كان صراع القونات بأغانيهم – و مغارزهم – يفسد أذواق الناس، فإن صراع الأطباء بأدواتهم الخفية يقتل الناس ويُصيبهم بالأمراض و كل الوبائات، وليس بحمى الضنك فقط ، وهذا ما يحدث حالياً.. !!

:: ولعلكم تذكرون، عقب تحرير الخرطوم و إنطلاقة حملات العودة الطوعية، نصح وزير الصحة، د. هيثم محمد إبراهيم، المواطنين بالتريث في عودة الأسر إلى الخرطوم و المناطق المٌحررة، لحين انتهاء عمليات إزالة المخاطر والتعقيم.. وبدلاً عن الإستماع إلى صوت العقل المهني، شتّموه و سبّوه كأنه طرح نفسه بديلاً لحميدتي وجنجويده في احتلال الخرطوم.. !!

:: والكثير من ضحايا الكوليرا و الضنك و الملاريا بالخرطوم و المدن الأُخرى من الذين إلتحقوا بركب العودة قبل إصحاح البيئة، أي من الذين لم يستبينوا نصح الوزير هيثم، و لم يتريثوا لحين توفير المعينات اللازمة لإصحاح البيئة وضمان العودة الآمنة، وهي إخلاء المناطق من مصادر الأوبئة و ذبابها وناموسها.. فالعودة الآمنة أفضل للناس من العودة بالتهريج السياسي ..!!

:: وبالنصح المسؤول سعى هيثم لسلامة العائدين، ومن هاجموه بجهل تسببوا في مرض و موت الناس بالكوليرا و الملاريا والضنك.. وكما ذكرت في ذات زاوية، إن كان لحمدوك ثمة محاسن، فمنها تصعيده لهيثم إلى قيادة الصحة وكيلاً، ليصبح وزيراً مكلفاً ثم وزيراً، فالرجل من ذوي الكفاءة و النزاهة والمصداقية.. ومن الذين صمدوا حين هرب ذوي الحلاقيم الواسعة ..!!

:: وعندما إتهموه بالإبقاء على كوادر قوى الحرية في بالوزارة بعد إستقالة حمدوك وإقالة حكومته، واجهته بالإتهام في رمضان الفائت،لم ينف، بل قال بوضوح : ( البقاء للكفاءة وذوي العطاء ..وطالما الكادر يؤدي واجبه كما يجب، فليس من العدل أو المهنية أن أحاسبه على أفكاره و أرائه السياسية)، فاحترمته، إذ قلّ أن تجد مهنياً مستقلاً في ظل الإستقطاب الأرعن..!!

:: نعم ..بكل مؤسسات الصحة كوادر تنتمي لكل الأفكار و الأحزاب، ومن الغباء أن يكونوا على قلب فكر واحد.. قحاتة، كيزان، شيوعيين، بعثيين، جن أحمر، كل ألوان الطيف في القطاع الصحي، ولكن هواة الصراع وسادته هم كوادر التيار الإسلامي، أي المتأثرين بمدرستي عبد الله سيد أحمد و مندور المهدي، وكما تعلمون فإن هذا و ذاك من رواد الصراع في هذا قطاع ..!!

:: و هو صراع على السلطة والنفوذ، و المال أيضاً.. فالمعروف أن وزارة الصحة (خدمية)، وما لايعرفه البعض أنها وزارة موارد أيضاً، بل هي أثرى من وزارات اقتصادية، وذلك بفضل الصناديق و المنظمات الدولية والإقليمية، ولهذا على مقاعدها يتصارعون ..وكثيراً ما قلت بأن مرافق الصحة لاتنقصها الأموال، بل التوظيف الصحيح للمال ، أي هي أزمة إدارة و إرادة ..!!

:: هي وزارة موارد، و ليست موارد خارجية فحسب، بل محلية أيضاً.. رسوم وجبايات .. وعلى سبيل المثال، إدارة الصيدلة بوزارة الصحة بولاية الخرطوم تهدد ملاك الصيدليات بالخرطوم منذ بداية هذا الشهر بسحب التراخيص ما لم يُرخّصوا هذا العام الذي تبقت منه ثلاثة أشهر فقط لاغير، مقابل رسوم قدرها (750.000 جنيه)، وخلال أسبوعين فقط لاغير.. !!

:: قلوبهم كالحجارة أو أشدّ قسوة..على ملاك الصيدليات دفع ما يقارب المليون جنيه رسوم ترخيص ثلاثة أشهر فقط لاغير، لصيدليات لم تعمل منذ بداية الحرب، و تعرضت للنهب و الحرق والتخريب، و الكثير منها في مناطق تفتقد للكهرباء و المياه والأمن و الناس أيضاً.. و إن لم يدفعوا الرسوم يتم إغلاق الصيدليات في ولاية مرضاها يموتون ضنكاً..!!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.