على باب السلام.. ذكاء إصطناعي و(إنساني)!* د. عبد السلام محمد خير يكتب
*على باب السلام.. ذكاء إصطناعي و(إنساني)!*
د. عبد السلام محمد خير يكتب
0.. تلاحقت المفاجآت!..منها دعوة للمشاركة فى مؤتمر دولي يعقد بالخرطوم في هذه الظروف!.. وصلهم مقالي لا ريب فعنوانه (تفاصيل الشهادة..عين على الطب وأخرى ذكاء إصطناعي)!.. في هذه الأجواء المفاجآت المواكبة لظروف ما بعد الحرب تبدو طي الأماني.. تعتمل في صدور تواقة لإعادة الإعمار بدء بإعمار الأنفس والتعافي من جراح غائرة..الدولة هاجسها الآن أن تفي بذلك،وأن(تخطط بذكاء) لتتفادى أخطاء فعلت ما فعلت!..الذكاء حتمي ومتاح رقميا بدليل أن مؤتمرا دوليا بين يديه 50 دراسة علمية حط الرحال بالخرطوم المؤمنة، بحمد الله.
الناس في حالة حساسية ويقظة تجاه القادم بعد أن تعرضت لغفلة أفضت إلى(حالة)لا تعافي منها إلآ بإتخاذ(وسائل فوق الشبهات).. الحذر ثم الحذر- لسان حال..الواقع يبدو يقظا يضج بالمحاذير..فهل يسلم منها(الذكاء الإصطناعي)هذا الوافد بقوة؟!..(النية غلابة)..أن يكون ذكاءا وفق قيم البلد..خبراء قلبهم على(الهوية)يقولون(الذكاء فطرة فى الإنسان)..خارجون من الحرب يجاهرون بنداءات الهوية من باب النجاة(التعائش،نبذ التصنيف،عدالة الفرص)..لعلهم بذلك يفصحون عن حساسيتهم تجاه(ما لا يراعي قيم البلد) بعد الذى حدث.. غالبا ما تكون ذاكرتهم عادت إلى أيام مشاريع ضخمة هزمها ما هو دخيل على البيئة السودانية الأصل..ربما طريقة التنفيذ كانت هي المعضلة- التعريب،الخصخصة ،الحوسبة،وجملة مناهج تشىء بأن الإستعمار له متعلقات في مفاصل الدولة!.
تلقاء هذه الخلفية تتلاحق دواعي التحوط تجاه القادم من الخارج،بينما يطل مشروع تقني محفز للآمال من باب السلام..انه يتصدر المنصات حاليا.. كتبت عنه مقالا فتلقيت دعوة للمشاركة في مؤتمر عالمي حول ذات الموضوع!.. ثم لاحقتني تعقيبات من تقنيين أفذاذ لم نكتشف نجوميتهم بعد،فهم خلف الحاسوب- لا أحد يراهم وهم يفعلون ما يفعلون،تلقاء ضمائرهم التي بين جنبيهم..وتعقيب بلا مثيل بتوقيع(الذكاء الإصطناعي)- شخصيا!..ليس عن سيرة ذاتية متاحة على الشبكة،ولكن غوص إلى مزاجي وأنا أكتب،وإيحاءات ما(بين السطور) مما يستطيبه الأذكياء..كأنه واحد منهم يخاطبني بأريحية(لا فض فوه)معلقا على المقال:(الدكتور لا يكتب فقط عن الذكاء الإصطناعي أو الإدارة ،بل يكتب عن الإنسان السوداني في لحظة تحول..يطرح الذكاء الإصطناعي ليس كترف معرفي، بل كضرورة وطنية ،بلغة شاعرية)!.. ماذا أقول؟!..صديق في غربة ما تركت لك من تفضفض معه.
تتوالى التعقيبات.. صادفت سودانيين في ذات الغربة(قلبهم على البلد)وهم يتابعون الأخبار..إنهم متخصصون في الرقمنة ويريدونها(على بينة)..يحذرون من(شيء ما) يحيط بالجهل بما هو قادم من الخارج من تقنيات منذ ظهور مخاوف الحاسوب الذى هو الآن جوال في الجيب!..يقصدون(البلد مش ناقصة تجريب)!.. يحذرون مما خفي،ومنه الجهل بطريقة الإستخدام وبالمزايا..يوصون على قيم البلد من تدخلات مدسوسة..فكأنما هو الرد وجدت على الجوال دعوة(يسر جامعة النيلين ومكتبة الميزاب الرقمية دعوتكم لحضور فعاليات مؤتمر الذكاء الإصطناعي الأول في السودان بعنوان:الذكاء الإصطناعي لدعم التعليم والبحث العلمي،إستشراف مستقبل واعد ومواجهة تحديات معاصرة،تحت شعار:نحو آفاق علمية وبحثية رائدة. 20-21 سبتمبر الساعة 1 ظهرا بتوقيت السودان 2 ظهرا بتوقيت مكة المكرمة..وكالمفاجأة أيضا سريعا ما ظهرت على شاشة الجوال وقائع إفتتاح المؤتمر(أكد مدير الجامعة بروفسور الهادي آدم محمد إبراهيم خلال حديثه في الجلسة الإفتتاحية أن الإنفاق على المعرفة والتقنيات والبحث العلمي يمثل أهمية كبرى في خطط الجامعة وعينها على(إنشاء كليات تعنى بتدريس الذكاء الإصطناعي كهدف إستراتيجي).
إستوقفتني اتجاهات المؤتمر المعززة لمسار التقنية الحديثة في البلاد(سند حقيقي، شراكة متطورة،قدرات معرفية،التدقيق والتمحيص،الحاسوب له إمكانات في محاكاة القدرات البشرية وطرح الأفكار وإبداء الآراء،تاكيد أهمية حفظ المعلومات حتى لا تتعرض للإحتيال والسرقة والنهب،منحه أولوية لمشروع الذكاء الإصطناعي)..وهكذا..إنها 50 ورقة علمية ..تابعت ملخصا وافيا من رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر بروفسور أمين بابكر(المحصلة ستكون نقطة إنطلاق جديدة لتطوير البحث العلمي والإستفادة من الذكاءالإصطناعي في المجالات العلمية والإنسانية المختلفة)..أكد خضوع الأوراق للتدقيق والتمحيص القياسي العلمي..إنها 50 ورقة.. أعدها علماء وباحثون من داخل وخارج السودان..(قالوا ثمين، قلنا آمين)!.. مقولة في إحدى المؤتمرات غير الإفتراضية هتف بها مقدم ورقة معقبا على إشادة الحضور..المؤتمرات المحضورة لها ذاكرة لا تعوضها الرقمنة..ليت الحاسوب(يحسبها صاح)..بإحسان،وحسنى..قل(تحسين مستمر)بلغة علماء الجودة.
0.. وماذا غير الإحسان والحسنى وما هو إنساني؟!:
التحية لها،جامعة سودانية عريقة ومبادرة تقنيا اطلقت الخطوة العلمية الأولى المنتظرة تجاه مشروع غايته مواكبة العصر مع المحافظة على الذات(الهوية)..هنالك تحول رقمي عالمي لا يستأذن أحدا، مدخله تساؤلات ملحة أولها من اين نبدا؟..الجامعة أجابت،مشكورة..من العلم وتنادي الشركاء(الحكومة والقطاع الخاص والمواطن).. وبالتنادي إلى كلمة سواء..(قيم) وعمل ملموس..أي تطبيقات ماهرة وشفافة، تلامس الواقع وتسعف الحال..كيف يتسنى ذلك؟..دور الجامعة متعاظم،فالمنتظر دمج الجامعات كلها بل النظام التعليمي بكامله ليلبي متطلبات رقمنة آمنة فاعلة مستجيبة لحاجة البلاد لتجاوز واقع ما بعد الحرب..الأمر يستدعي العلم ودمج الدولة وفق خطة وزمن محدد..فعلت ذلك الصين(نحو أمة متعلمة بحلول عام 2035)..التوصيات جديرة بالتبني،وقد ركزت على(توفيرالموارد البشرية والمالية،ونشرتطبيقات ثقافة الذكاء الإصطناعي في مؤسسات التعليم العام)..من هنا نبدأ.. الإعلام رأس رمح،قوامه مشروع جاذب يستوعب القنوات والإذاعات والصحف وسائر المنصات الرقمية..قناة(الزرقاء) بادرت وإنطلقت في ذلك فعلا..أنت لها، بروفسورعوض إبراهيم عوض،إعلاما وعلما..وذكاء عن فطرة..فضلا عن درجات علمية تنوعت.
0.. أين من عيني هاتيك الأجواء؟!:
على هامش مؤتمر بلا حضور،تتداعي الخواطر من قبيل ما كان يستهوي الصحفيين،ومنه الأجواء المفعمة و(ما وراء الكواليس)!..هذا مؤتمر بلا كواليس، شأن كل شيء تقني، لكنه يستدعي خواطر منها أن هناك 50 ورقة أعدها علماء من داخل البلاد وخارجها،فكيف لا يكون هناك حضور، يناقشون، يعترضون على صياغة التوصيات، يستعرضون(مفاتنهم التقنية)أسوة بمن كان يحلو لهم إستعراض (مفاتنهم الثقافية)خلال المناقشات!..إيحاءات المؤتمرات من أهم مخرجاتها، فكم من شاغلي المناصب في الدولة بلغوها تلقاء مشاركتهم اللافتة في المؤتمرات!.
سنتذكر لا ريب تلك المؤتمرات المحضورة.. من كانت(طريقتهم) في المناقشة يحتزى بها، ومن كانت(طلتهم) تبشر برجال دولة قادمين، ومن كانوا يؤججون الحوار منطقيا وبأريحية، ومن ينطقون بالحكمة ومن يوطدون للتوصيات النهائية بنفس توافقي محيط بكل شاردة وواردة..هات من الآخر..كنت يوما مشاركا فى ملتقى حاشد حول(الهوية) بقاعة الشارقة، نظمته صحيفة(المسلمون)السعودية اللندنية،بحضور رئيس تحريرها، ومدير مكتب الخرطوم،الأستاذ كمال حامد.. تصدر الجلسات دكتور الجزولي دفع الله وبروفسورمدثر عبدالرحيم..بين الحضور بروفسور عبدالله على إبراهيم يتجلى منوها لخطورة(التفتيش) في قناعات آخرين شركاء في حوار غايته تعزيز الهوية..هذا(التصنيف) لا تقره التقنية، فلغة المعلومات(لاتفرق بين هذا وذاك)..الكفاءة أساس لمعاملات الحاسوب..القاعة تفيض حضورا وتجليات طابعها الجدل المبتكر..(كيمياء الهوية) مدخل مبتكرة للدكتور صلاح محي الدين،عميد كلية الإعلام بجامعة أم درمان الإسلامية،صاحب دراسات في تاريخ الثورة المهدية(مهر الدم)،دكتوراة فى إضافات الصحافة السودانية تجاه الإستقلال..لعل الأمر يوحي بأطروحة حول(كيمياء التقنية)- والمقصود واضح وذكي.. هناك ما شكل(بيت القصيد)..بروفسور عبدالله حمدنا الله (بطرف لسانه) أطلق ما أصبح محورا للتوصيات(نحن سودانيون،عرب وأفارقة و..إنسانيون)!- رحمه الله..(إنسانيون) هذه تشكل الآن أمشاجا لمولد تقنية غايتها(ذكاء إصطناعي)و(إنساني)لا تشقى به البلد بل يعينها على(نهضة) مرجوة منذ رفع العلم.
هذه إيحاءات لذكريات منتجة لا يتيحها مؤتمر ينقصه الحضور البشري المباشر ..كيف يتشكل عصر الرقمنة بلا تواصل دفيئ منتج..بلا(مشاعر)محفزة..بلا تطبيقات آمنة تصون إنسانية الإنسان؟!.. للمؤتمر ما بعده ليراعي ذلك ويعززهوية البلد(تقنيا وقيميا) ويقرب مهارات(العصر) من الفكرة(الأصل)وهي أن الذكاء خاصية إنسانية، هبة من المولى عز وجل، له الحمد وعلى نبيه الصادق الأمين أتم الصلاة والتسليم.
د.عبد السلام محمد خير