زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة *هجليج.. النفط حين يصبح رهينة البنادق*
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
*هجليج.. النفط حين يصبح رهينة البنادق*

الوصول إلى هجليج لم يكن مجرد تحرك عسكري عابر ، فالسيطرة على بابنوسة كان مدخلا للوصول إلى هجليج ، بل إشارة واضحة إلى مرحلة جديدة من الحرب تتداخل فيها حسابات الأرض مع حسابات الطاقة ، دخول مليشيا الدعم السريع إلى محيط الحقل النفطي ، ثم انتشار الجيش الشعبي لجنوب السودان كما رشح ، في خطوة مفاجئة لتنفيذ اتفاق حماية المنشآت ، يخلق مشهداً معقداً تتقاطع فيه الخرطوم وجوبا ، والميدان والأنابيب التي تتوقفت عن نقل النفط في أزمنة النار.
اتفاق أكتوبر 2025م بين البلدين ظل حبيس الأوراق بسبب الحرب ، لكن ما حدث هو أول تطبيق فعلي له ، ولو انه جاء في ظرف مرتبك ، انسحاب قوات اللواء 90 وسحب الأطقم الفنية قرار قد يبدو مؤلماً من حيث فقدان الأرض ، لكنه عمليّ في حسابات الحفاظ على الأرواح ، ومنع وقوع اشتباكات داخل منشأة حساسة ، قد تؤدي طلقة واحدة فيها إلى كارثة اقتصادية وبيئية وسياسية.
الخطر الحقيقي لا يكمن في من يرفع علمه داخل الحقل ، بل في القدرة على الحفاظ على منشآته ، وضمان عدم تعرض خطوط الأنابيب ومحطات الضخ لأي عبث أو تفلت ، وهنا تظهر المفارقة ، جنوب السودان الذي يعتمد نفطه على المرور عبر الأراضي السودانية هو الطرف الأكثر قلقاً من توقف الضخ ، لذلك جاء انتشار قواته كرسالة عملية بأن النفط يجب أن يبقى بعيداً عن مزاج الميدان.
الصور المتداولة لوصول مجموعات من الجيش الشعبي برفقة فنيين يحملون شعار (GPOC) ، تكشف أن الأمر يتجاوز السيطرة العسكرية إلى إدارة سلامة طارئة ، تُبقي جزءاً من الفنيين القدامى لضمان عدم حدوث فراغ تقني ، في المقابل دخول عناصر من الدعم السريع إلى مستودع أم بتوتو ، حتى لو كان خارج الخدمة يرسل رسالة رمزية أنها معركة سيطرة معنوية بقدر ما هي ميدانية.
مآلات المشهد يعتمد على سؤال واحد ، هل ستظل هجليج منشأة نفطية أم تتحول إلى منطقة نزاع عسكري مفتوح ، النفط لا يحتمل الفوضى ، والرصاص لا يفهم لغة الضغط داخل الأنابيب ، وإذا لم تُحَيَّد الحقول سريعاً ، فإن خسارة الأرض اليوم قد تصبح خسارة بيئية غداً ، وهذه لغة لا تفهمها المليشيا قيادات او جنود…لنا عودة شض ضض.
