منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

علي عسكوري يكتب : مصير اتفاق جوبا للسلام: مسار دارفور

0

فى ٣ اكتوبر ٢٠٢٠ تم توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة الانتقالية وبين عدد من الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال بقيادة الرفيق مالك عقار اضافة لمساري الوسط والشمال.
انبنت على اساس الاتفاق عدد من التغييرات في هياكل السلطة في المركز والاقاليم كما صدرت بعض التشريعات و القوانين لجعل تنفيذ الاتفاق ممكنا.
بينما سار تنفيذ الاتفاق بصور جيدة مع الحركة الشعبية في اقليمي النيل الازرق وجنوب كردفان تعثر تنفيذ الاتفاق كثيرا في اقليم دارفور.
لسنا هنا بصدد مناقشة اسباب التعثر والتلاوم، لكننا نناقش عدم امكانية تنفيذ الاتفاق تحت الظروف الراهنة.

اولا بالنظر للاحداث الجارية حاليا في دارفور لم تعد دارفور هى ذات دارفور العام ٢٠٢٠، فالمتغيرات التى تجري على الارض تؤكد ان تنفيذ بنود الاتفاق لم يعد ممكنا. فلا السلطة الانتقالية التى وقعت الاتفاق موجودة ولا دارفور تحت سيطرة سلطة الامر الواقع القائمة ولا الحركات المسلحة هى ذات الحركات التى وقعت الاتفاق. فالحركتين الرئيسيتن الموقعتين على اتفاق السلام لم يعودا كما كانا عليه، فقد وقع انشقاق كبير في حركة العدل والمساواة، كما ان حركة تحرير السودان التى اؤكل لها حكم دارفور اتخذت موقف الحياد مع اختها العدل والمساواة في الحرب التى تدور في الاقليم. وبينما تتمدد مليشيا الدعم السريع وتوسع سلطتها في كامل الاقليم ظلت الحركتان تراقبان الموقف وكأن الامر لا يعنيهما في شىء، ولذلك لا احد يدري اين سيتم تطبيق اتفاق السلام في حالة سيطرت المليشيا على كامل الاقليم…!

اعتقد ان دفن الروؤس في الرمال ازاء هذا الوضع لن يحل المشكلة، لان تنفيذ الاتفاق لا يتم في الخرطوم ولا يتم في الهواء، بل يتم على ارض الاقليم ولكن غالب ارض الاقليم تذهب الان لجهة أخرى ليست طرفا في الاتفاق.
ان تمسك السلطة وتمسك حركات الكفاح المسلح في الاقليم بالاتفاق وتحت هذه الظروف هو نوع من خداع الذات لا طائل منه، والصحيح ان تواجه الاطراف هذه الحقيقة بشجاعة، بمعنى ان تنفيذ الاتفاق تحت الظروف الراهنة لم يعد ممكنا وعليه يتم الاتفاق على تعليق مسار دارفور الى حين انجلاء امر الحرب.

وحتى لا تخسر الحركتان سياسيا أكثر مما خسرتا مسبقا وحتى لا يكونا محل سخرية الناس وسخرية خصومهم من الافضل ان يأت طلب تعليق تنفيذ المسار من الحركتين، و على كل ان لم يفعلا ذلك فواقع الحال يقول ان المسار معلقا حقيقة الى حين اشعار آخر..!
اننا نعلم عن قادة الحركتين شجاعتهم ووضوح رؤويتهم حيال الصراع في السودان، وبنفس الوضوح والشجاعة التى حاولا فيها تحقيق السلام في السودان عليهم مصارحة الشعب السودانى بأن تنفيذ الاتفاق تحت الظروف الراهنة لم يعد ممكنا وان تعليقه افضل من الاستمرار في متاهة لا احد يعلم مآلاتها.
في ظل الاوضاع الراهنة في دارفور هنالك عدة احتمالات تجعل من قراءة التحولات صعبة ومعقدة، ولكن من المؤكد وتحت كل الاحتمالات ومتى ما انتهت الحرب ان دارفور بل والسودان كله لن يعود الى ما قبل ١٥ ابريل، ذلك هو الشىء الوحيد المؤكد..!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.