علي ادم احمد يكتب: حركات الكفاح المسلح والمازق الاخلاقي والسياسي
قبل الخوض في هذا الموضوع اود ان اشير لعدة اشياء كاضاءة للحركة السياسية الوطنية بعد الاستقلال ودورها في الراهن السياسي السوداني بعد ثورة ديسمبر وما جلبته من ممحكات سياسية كانت كارثية على الدولة السودانية ومستقبلها السياسي والاجتماعي هذا الفشل المريع في الممارسة السياسية الغير رشيدة هو نتائج مباشرة لخلل صاحب بناء الدولة السودانية منذ الاستقلال فالاحزاب التقليدية اي الطائفية كانت حبيسة لنظرة ضيقة في بناء الدولة فاعتمدت على السطوة الثقافية والدينية للطائفة دون ان تكلف نفسها في وضع أسس حديثة لبناء الدولة وبناء مؤسساتها الاجتماعية والسياسية والثقافية فالاحزب عندها وسيلة للوصول للسلطة والحكم فقط وتجاهلت بذلك ادوار للحزب لا تقل اهمية في بناء الدولة والانسان وتطوير المجتمع ٠ هذه النخب السياسية لم ينقصها التاهيل العلمي والاكاديمي بقدر ما كان ينقصها البعد الاستراتيجي ونظرتها القاصرة في بناء في الدولة بشكلها الحديث ولكي لا نقع نحن ايضآ في التنصيف المخل والبعيد عن الموضوعية كانت هناك نخب اتسم تنظيرهم بالموضوعية والعلمية في بناء الدولة الا انها ظلت حبيسة في الكتب والبحوث ولم تجد حظها في التطبيق والممارسة فالاحزاب نفسها مختطفة لفكرة محصورة في الحكم والمحصصات الحزبية الضيقة دون النظرة في المسائل الاخرى بنفس جدية المحصصات السياسية ٠
ما يجري الان في الساحة السياسية السودانية هو نتيجة طبيعية للفشل التراكمي للنخب التي حكمت السودان منذ الاستقلال تجلى في هذه الحرب المدمرة التي تخوضها الدولة السودانية من اجل البقاء كجغرافيا سياسية موحده في وجه المهددات الخطيرة التي تحدق بالدولة هذه الحرب وجودية تستهدف الدولة والانسان السوداني بشكل واضح فهي بلا سقوف وطنية واخلاقية هدفها التحكم في مقدرات البلاد والسلطة لصالح محاور اقليمية
هذه الحرب اظهرت مدى ضحالة رؤية النخب السياسية ونظرتها لهذه الحرب رغم المهددات الحقيقية للدولة وسلامة اراضيها فلا مبرر لهذه القوة السياسية ان تقف في الحياد واخص بالحديث في هذه الفقرة حركات الكفاح المسلح بعد انتقال الحرب الى اقليم دارفور بعد ان فشلت هذه المليشيا في الاستيلاء على السلطة من الخرطوم عملت على انتقال الحرب الى دارفور وضعت حركات الكفاح المسلحة في مازق اخلاقي وسياسي مع جماهير الشعب الدارفوري المنوط بها حمايته وفق اتفاقية سلام جوبا فهي بكل خزئ وتواضع تنازلت عن هذا الواجب القانوني والاخلاقي لصالح تمدد المليشيا الارهابية في الاقليم وهي تمارس ابشع صور الانتهاكات التي يندى لها جبين البشرية من قتل وتهجير واغتصاب حقيقة لم اجد اي مبرر لهذا الحياد في هذه الظروف البالغة التعقيد وشديدة الخطورة التي تهدد السكان والاقليم معآ غير التماهي مع هذا المشروع والدول التي تدعمه لاقامة نظام مسلوب ومختطف بلا ارادة وطنية وسياسية ٠
ثمانون حركة سياسية ومسلحة عجزت عن اصدار بيان ادانه تحفظ به ماء وجهها جراء تقصيرها من حماية الاقليم وانسان دارفور باستثناء حركة تحرير السودان _ مصطفى تمبور الذي اظهر مقدرة ووعي سياسي متقدم في ظل هذه الحرب والمعضلة السياسية التي سبقتها سيكتب التاريخ بان ثمانون حركة تنصلت عن مسؤوليتها القانونية والاخلاقية وخذلت شعبها الذي ادعت انها ناضلت من اجله على مدى عقدين متنازلة بذلك للجنجويد وعربان الشتات عن حواكيرها التاريخية تعيث فيها قتلآ وتهجيرآ لتغير المنطقة ديمغرافيآ لصالح توطين عرب الشتات الذين لفظتهم دول غرب افريقيا الى السودان ودارفور على وجه الخصوص ٠
لقد فات على الحركات بان هذه الحرب سيكون لديها تبعات ذات تاثير بالغ وخطير على المستوى والامني والسكاني في المدى القريب والمتوسط مما يهدد وجود الحركات نفسها كقوة مؤثرة على حواضنها التي تخلت عنها في هذه الازمة ٠
هذا الموقف الباهت للحركات في ظل انهيار الاقليم تحت ضربات المليشيا الارهابية لم ياتي من فراغ فهذه الحركات ليس لديها اي منظومة سياسية واجتماعية قادرة على بناء رؤية متكاملة للاقليم او الدولة السودانية لذلك ظهرت بهذا الشكل من التعاطي الغير مسؤول وبلا درايه لخطورة هذه الازمة وتبعاتها في المستقبل ٠