منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*د.أسامة ميرغني راشد يكتب : من يحقن هذه الدماء

0

قاربت حرب الخرطوم ولنقل حرب السودان أن تمضي نحو شهرها الثامن فهي قد أندلعت في الخرطوم ولكنها تمددت الي أطرافها في الولايات المجاورة ومضت بعيدا الي حيث مكمن أشتعالها ومرجعيات قيادتها بداية وعودة الي مراتع نشأتها في دارفور العزيزة والتي تقتل كل مرة بيد بعض أبناءها بسبب تمرد بعضهم وأقناع أنفسهم وأهلهم أن البندقية هي أقرب سبيل للسلطة ونيل الحقوق ومرة بيد بعض أبناءها من كان منوطا بهم حمايتها فأجهزوا عليها ، وفي كل الأحوال يضيع أبناء دارفور لا يعلمون فيما يقتلون في أرضهم ويهجرون منها بلا سبب.
في يناير من هذا العام 2023م عام الحرب قمنا بإطلاق مؤتمر يناقش قضية وموضوع خطاب الكراهية والذي أصبح ظاهرا ومتجليا بشكل لافت وأنطلقت مبادرتنا من إحدى الصروح العلمية وهي كلية الإعلام بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم . وجاءت مبادرتنا استشعارا منا أن خطاب الكراهية المتنامي بين أفراد هذا البلد ومجموعاته السكانية قد بلغ مبلغا خطيرا ، ومما زاد الخطر هو تخطي خطاب الكراهية للأفراد أو الجماعات لخطاب كراهية موجه ضد المؤسسات فهناك خطاب كراهية ضد الجيش وآخر ضد الشرطة وآخر ضد الدعم السريع وخطاب كراهية ضد جهاز الأمن والمخابرات وبدأ واضحا أن خطاب الكراهية الموجه ضد مؤسسات عسكرية وأمنية خطاب يبدو وكأنه موجه لغرض ما ، وبدأ واضحا أن هذا الخطاب يستهدف المجتمع السوداني برمته بل يستهدف مؤسساته الوطنية ولعله أستهدف أخطر مؤسساته وهي المؤسسات العسكرية والأمنية وكلنا شاهدنا كثير من الشباب والشابات وهم يهتفون في الشوارع بهتافات تنال من هذه المؤسسات العسكرية وتطعن في قوميتها أو في انتماءها الوطني وتحاول هذه الهتافات ترسيخ مفهوم خاطئ عن الجيش الوطني وبقية المؤسسات العسكرية ، وسواء أن أتفقنا أو أختلفنا مع هذه المؤسسات وتجربتها في إدارة أمر البلاد في هذه الحقبة أو في حقب سابقة فإن الذي حدث وما زال يحدث في الخرطوم ودارفور وأطراف ولاية الجزيرة من حرب ضروس تخطت تداعياتها كل التوقعات حتى توقعات العسكريين أنفسهم فإن ما حدث ويحدث يقودنا لطرح السؤال الحرج من كان يقود خطاب الكراهية من خلف الكواليس القريبة داخل الوطن والبعيدة تلك التي ترجو لبلادنا الدمار والخراب من كان يقود هذا الخطاب ؟
لقد أنعقد مؤتمر خطاب الكراهية في المجتمع السوداني في رحاب كلية الإعلام بجامعة افريقيا العالمية في الاسبوع الأول من يناير 2023م وقدمت فيه أكثر من عشرين ورقة علمية محكمة وأقيمت على هامش جلسات المؤتمر ندوة كبيرة تحدث فيها العالم البروفيسور على محمد شمو وآخرين وحضرها لفيف من العلماء والمسؤولين بالدولة ووجهت الدعوة للمشاركة في الندوة وفي جلسات أوراق المؤتمر لأجهزة الإعلام الرسمية والخاصة وإدارات الاعلام بالجيش والدعم السريع والشرطة والأمن ولفيف من المهتمين بالأمر .
ناقشت الأوراق مخاطر خطاب الكراهية وآثاره المدمرة وخلصت الأوراق العلمية لنتائج قيمة كنا بصدد إصدارها جميعها في مجلة علمية عقب عيد الفطر المبارك ولكن كانت الحرب أسرع أستجابة منا لخطاب الكراهية فلقد كنا ننوي الاستمرار في التواصل لنوقف سيل هذا الخطاب حتى لا يقع السودان في المحظور ولكن أنفجرت الأوضاع ولم يعد بإمكاننا حتى العودة لمكاتبنا لأخذ المادة العلمية القيمة التي كانت نتاج ذلك المؤتمر العلمي المشهود .
لقد سالت الدماء غزيرة وبلا سبب مقنع حتى الآن ومضى لله عز وجل رجال وشباب كانت أولى بهم ساحات البناء والتعمير لا ساحات القتال والحرب .
كنا نأمل من خلال مخرجات مؤتمرنا ذاك أن نمنع عبر القلم أن تسيل الدماء ويدفع الوطن ثمنا غاليا لحرب يدير محركها ويغذي خطاب الكراهية لاستمرار أشتعالها طامعون في خيرات بلادنا مستخدمين بعض أبناء الوطن للأسف لتخريب البلاد وترويع العباد .
أما آن لهولاء أن يحقنوا هذه الدماء؟
أما أن الثمن لم يدفع بعد كل هذا القتل وكل هذه الدماء وكل هذا الخراب ؟
هل لا زال مطلوب من السودان والسودانيين دفع فاتورة أكبر من ذلك للعودة الي الديار التي طالها الخراب والدمار وقتل ودفن بداخلها بعض الأهل والأقارب وتحولت بيوت بعضهم لمقابر ؟
سؤال موجه للسياسين ما هو الهدف لهذه الحرب هل هو عودة حكم مدني أم ديمقراطية بلا أنتخابات أم عودة لماضي سلطة سقطت أو أسقطت بفعل ثورة ما عادت تبهج سيرتها حتى من سار في ركابها ؟
تنحوا جميعكم وستنجب هذه البلاد فارسا يقودها الي بر الأمان  
السودان في 19 نوفمبر 2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.