د. عصام بطران يكتب:كواليس مسرحية جنيف !!..
في السابع من فبراير ٢٠٢٤م اي قبل ستة اشهر من الان تم تجهيز ملعب المدخل الانساني وحقوق الانسان والدعوة الى انسياب المساعدات للمدنيين بمناطق النزاع وبالامس تقدمت دولة الامارات العربية المتحدة بمسودة الى مجلس الامن الدولي تطالب فيها بعدم ولاية القوات المسلحة السودانية على انسياب العون الانساني الى مناطق النزاع.
في اشارة الى عودة عمل المنظمات الانسانية المشبوهة التي لها تجارب سابقة مريرة في حربي الجنوب ودارفور لتمرير السلاح والغذاء الى قوات التمرد في مناطق سيطرتها مما اطال امد الصراع والحرب تمهيدا لفصل جنوب السودان والعمل على اضعاف الدولة باسم حقوق الانسان وتوصيل المساعدات الانسانية للمدنيين الذين في الاصل هم حواضن اجتماعية لقوات التمرد ..
قبل ستة اشهر من الدعوة لمفاوضات جنيف بدأت الآلة الإعلامية الغربية في الترويج إلى مأساة حقوق الإنسان في السودان باسناد من بعض الدول الاقليمية الداعمة للمليشيا المتمردة حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الى ضرورة ان يتوقف القتال في السودان قبل أن يقضي على المزيد من المدنيين ووجهت الأمم المتحدة نداء لجمع ٤.١ مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمدنيين الذين يئنون تحت وطأة الحرب في السودان،
وكذلك أولئك الذين فروا إلى دول مجاورة مساعد وفي نفس الصدد اكد حينها الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (مارتن جريفيث) ان عشرة أشهر من الصراع سلبت من الشعب السوداني كل شيء تقريبا: سلامتهم ومنازلهم وسبل عيشهم .. كما طلب المفوض الأممي للاجئين من الأمم المتحدة تمويلا بقيمة ٤.١ مليار دولار لعام ٢٠٢٤م من أجل السودان ولاجئيه، حيث لم يتعدى العون في ٢٠٢٣ ٤٠ % فقط من احتياجات السودان ولاجئيه..
– من يعتقد ان الدعوة الى مفاوضات جنيف بسويسرا وليدة الصدفة فهو مخطئ في التقديرات فقد تم التمهيد لها مع المليشيا المتمردة في السادس من فبراير من العام الجاري ٢٠٢٤م وهذا ما يدعمه الموقف الاماراتي التمهيدي بمجلس الامن الدولي لابعاد سيطرة القوات المسلحة والحكومة السودانية على عمليات انسياب العون الانساني .
وهذا يؤكد ان الهدف من المفاوضات ليس البحث عن اليات لوقف القتال والضغط لتحقيق السلام وتنفيذ اتفاق جدة بخروج المليشيا المتمردة منازل المواطنيين ، الهدف من جنيف فرض التدخل الدولي والاقليمي للاشراف على المدخل الانساني بالسودان من اجل تقديم الدعم عن قرب للمليشيا المتمردة ..
وفي ذلك الاتجاه في وقت مضى في فبراير الماضي كشف المتمرد المليشي (حميدتي) عن لقاء اسفيري بجنيف سويسرا بدعوة أممية لبحث انسياب المساعدات وهو ماتقوم عنه بالوكالة دولة الامارات العربية المتحدة وبعض الدول الغربية ذات التجارب السابقة في دعم المتمردين من خلف انسياب المساعدات الانسانية .
وقال حميدتي انذاك ان بعض مناطق السودان تشهد “مجاعة” بسبب الحرب وانعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة قواته في الخرطوم وكردفان ودارفور والجزيرة بسبب منع “الفلول” من وصول الإغاثة وقال ان الأوضاع الإنسانية “المأساوية” في السودان تستوجب تدخلا عاجلا من وكالات الإغاثة لإنقاذ الناس من خطر الموت جوع ..
وابدى حميدتي انهم اي المليشيا المتمردة مستعدون لعقد اتفاق ثنائي والتعاون مع المنظمات والوكالات الدولية المختصة لتنفيذه لإنقاذ المدنيين في مناطق سيطرتهم..
كما ذكرت سلفا أن علاقة استدعاء الحالة الإنسانية عبر التصريحات الأممية والدولية والإقليمية والرد المستعجل عليها من قائد المليشيا المتمردة والحديث بكثافة تعبيرية عن الأوضاع الإنسانية في السودان ليس لأن العالم قد انتبه مؤخرا لما تسببت فيه المليشيا المتمردة من مأساة تجاه الملايين من البشر في السودان.
غير أن التناول السياسي لتوجهات تلك الدول بما فيها المنظمة الدولية له أجندته الخاصة في التعامل مع الملف السوداني، وليت هذا الاهتمام المتأخر يوازيه إجراءات إدانة واضحة لأفعال المليشيا المتمردة على الدولة والمواطن الذي تسببت في نهبه واغتصاب نسائه ومملكاته وتهجيره بل طاردته المليشيا في مناطق نزوحه وطلبه الأمن بولاية الجزيرة وولايات دارفور…
تسويق المليشيا المتمردة للازمة الإنسانية بالتوازي مع استدراج المجتمع الدولي برعاية دولة الامارات العربية المتحدة لم يكن إلا لإنتاج الخطة (ب) لتفكيك السودان إلى دويلات ، ويمثل المخطط القادم نسخة ثانية ل(سيناريو) التمرد بجنوب السودان (شريان الحياة) لاستدامة معسكرات النزوح واللجوء بواسطة المنظمات الإنسانية المشبوهة (إياها) لمد الحبل السري لتغذية إمدادات التمرد الذي انقطع بسبب حصار الجيش وكتم أنفاس المليشيا وطردها من الحياة السودانية الآمنة…
– لعبت المنظمات الإنسانية الغربية من قبل دورا بارزا في إدارة الصراع في جنوب السودان إذ إن صنع القرار السياسي والعسكري بالغرب دائما ما يبدأ من منظمات المجتمع المدني المختلفة ومراكز الدراسات الإستراتيجية ومعاهد البحث العلمي ثم يتحول المشروع إلى طاولة أجهزة الحكم التشريعية والتنفيذية لإصدار القرار وهذا هو الذي يحدث الآن …
– وللتذكير من أهم المنظمات الإنسانية التي لعبت دورا كبيرا في توجيه الأوضاع بجنوب السودان لصالح حركة التمرد:
١. منظمة كير العالمية الأمريكية.
٢. منظمة التضامن الفرنسية.
٣. منظمة مرسي كور الأمريكية.
٤. منظمة أوكسفام.
٥. المؤسسة السويدية (SFM).
٦. منظمة إنقاذ الطفولة البريطانية.
– في دراسة قد أجريتها في العام ٢٠١٦م بلغ عدد المنظمات الأجنبية الطوعية المسجلة لدى مفوضية العون الإنساني (225) منظمة، منها (198) منظمة طوعية أجنبية، و (18) منظمة دولية بما فيها وكالات الأمم المتحدة. ووظفت (12791) أجنبيا أدخلتهم البلاد من جنسيات مختلفة، يشكل الوجود الأمريكي في المنظمات ووكالات الأمم المتحدة النسبة الأعلى.
حيث بلغ عدد العاملين الأمريكيين (1087) عنصرا أمريكيا كأعلى نسبة، وفي المرتبة الثانية الوجود الفرنسي (1080) فرنسيا ويليهم في المرتبة الثالثة الوجود البريطاني بعدد (991) بريطانيا. وتعاملت الدول الكبرى مع المنظمات في حالة السودان بأن أوقفت الإغاثات المباشرة ودفعت أموالا وميزانيات عالية لبعض المنظمات لتقوم بدورها المرسوم لها…
– حظيت دارفور بعدد كبير من المنظمات الأجنبية بلغ (205) منظمة منها (40) منظمة مسجلة بصورة مؤقتة. تتوزع تلك المنظمات على ولايات دارفور الثلاث بواقع (68) منظمة في شمال دارفور، العاملون الأجانب بها (231) أجنبيا وغرب دارفور (62) منظمة بها (358) أجنبيا، وجنوب دارفور (75) منظمة بها (372) أجنبيا. وكلها لها ارتباط بالجنوب وإدانة امتداد الصراع بدارفور لخدمة متمردي الجنوب.
– إن المنظمات الإنسانية بصفة عامة تعتبر مدخلا مهما للقوى الغربية في التدخل القوي في شئون السودان، وأداة من أدواته المهمة في تأجيج الصراع وتغذية المتمردين عن تجارب سابقة في السودان، احذروا من استدعاء تجربة شريان الحياة عبر مسرح (جنيف) مرة أخرى فإنها مهلكة وأداة فاعلة لتقوية واستدامة التمرد؟؟…
…..
#منصة_اشواق_السودان