منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. عثمان البشير الكباشي يكتب: رسالة الى الأهل في أبوحمد وشمال السودان وشرقه

0

تعزية وسلوان

تابعت بكل مشاعر الود القديم ما أصاب الأهل في أبوحمد ( أخصها لصلة وود قديم عميق لن تمحوه السنوات ) وأجزاء من مناطق شمال وشرق السودان جراء الأمطار التي ضربت بعنف تلك الديار التي ما تعودت كثافة الأمطار .
حزنت لما أصاب الأهل من بلاء ونقص الأنفس والممتلكات والمنازل .
هذه رسالة تعزية وتسلية .
العزاء لمن فقدوا الأحباب والأموال مع الدعاء أن يجيرهم الله في مصيبتهم ويخلف لهم خيرا .
فراق الأحباب عسير ونقص الأموال بلاء ، ولكنها الأقدار التي لا مرد لها ، وأقدار الله كلها خير للمؤمن، فالحمد لله على كل حال .
يبدو بأن ما أصاب الأهل في شمال وشرق السودان يشي بأن ثمة تحولا مناخيا كبيرا يمضي ليقلب ثوابت المناخ القديمة ودوراته المعهودة في السودان .
مهما يكن من أمر فغيث السماء للأرض ، وماء السماء خصوصا فيه البركات والرحمات وتستدعي الرجاء والتفاؤل وحسن الظن بالله وإن خالطها كدر وحزن .
وصدقا قالت العرب قديما : الماء أحقر موجود وأعز مفقود .
وقد اقترن الماء في كتاب الله تعالى – في غالب آياته – بالرزق والنماء والحياة الرغيدة والعيش الوفير :
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}
وهو أكسير الحياة
{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }

{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
{ أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }
{ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾
{ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴾
{ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾
{ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾
غير أن طبيعة نعم الحياة الدنيا يغلب عليها اقتران الحلو بالمر والصفاء بالكدر والفرح بالحزن والزيادة بالنقصان والخير بالشر ، فهذا طبع الحياة الدنيا ، على عكس الآخرة ذات النعيم الدائم والراحة الأبدية والسرور فلاخوف على أهلها ولا هم يحزنون .
أقول لأهلي في أبوحمد ولأهل الشمال والشرق الذين تكدروا بدمع السماء وفقدوا الأحباب والمساكن : إن ما أصابكم فيه بشريات انطوت وسط الأحزان على قول الشاعر الفيتوري .
وأنكم وأجيالكم القادمة مقبلون – بإذن الله- على حياة جديدة يزداد فيها زرعكم وضرعكم .
تتسع فيها مساحات الأرض التي تزرعون أضعافا مضاعفة مقارنة( بالشريط النيلي ) الذي ظللتم محبوسين فيه قرونا طويلة من لدن أجدادكم الأولين .
أنتم مقبلون على أنماط وأصناف جديدة من المحاصيل والأنعام و تكاليف للإنتاج أرخص مقارنة بالرى الصناعي عالي التكلفة .
أنتم وأجيالكم الجديدة أمام فرص للحياة أوسع .
أنتم وأجيالكم القادمة أمام معادلات وأنماط اقتصادية واجتماعية جديدة، يعود فيها أبناؤكم المهاجرون خارج وداخل السودان ، فيتسع الرزق وتزداد أعداد السكان وتعمر الأرض بالخيرات ، ويتسع النشاط الاقتصادي زراعة وصناعة زراعية وخدمات بإذن الله الرزاق ذي القوة المتين.

كما اكرمكم ربكم بأن تكون أرضكم أغنى أرض السودان بالذهب ، وتشرفتم بأن تكون بلاعة مصدر إعالة لملايين السودانيين لما يقارب ربع القرن من الزمان .
فإن دورة جديدة من الحياة والخصب والنماء في طريقها اليكم .
مظاهر المتغيرات المناخية في السودان أمر فيه بشرى لكل السودانيين، وفرصة للتأمل والتبصر ورسالة من السماء في ظل هذه الحرب التي عمت بلواها وأصابت أحزانها كل بيت .
ولكن يبدو بأن للسماء بشريات واقدار تدبر من عليم حكيم!!!

نعم أمام تلك البشريات عقبات وعتامير ومصاعب وتحديات حتى يتمكن الناس من التوظيف الايجابي للمتغيرات الجديدة..

ولكن متى كان بلوغ المرام سهلا؟
ومتى كان صعود الجبال ميسورا؟ ومتى كان جنى العسل ممكنا دون لسع النحل ؟
أهلي الأعزاء :
شيئ في داخلي يدعونني أن أقرن التعازي بالتهاني ، فلربكم حكمة فيما يشاء ويختار .
….

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.